نشر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً على موقعه الإلكتروني عن حسين بن عبد الله بن يوسف الصادق وهو من جزيرة تاروت في المنطقة الشرقية من السعودية.
يبلغ حسين 47 عامًا من العمر وهو حاليا محتجز تعسفيًا في المملكة العربية السعودية. كان الصادق ناشطاً اجتماعياً سعوديا في جمعياتٍ دينية، ولجان تطوعية خيرية، وتنظيم فعاليات وأنشطة ومحاضرات دينية وثقافية في القطيف.
وقد استُدعي حسين إلى مركز شرطة تاروت وتم اعتقاله دون مذكرة توقيف بتهمٍ كاذبة، كإهانة الملك والحكومة خلال محادثة مع رئيس بلدية تاروت بشأن التدافع الذي حصل في عام 2015 في موسم الحج السنوي في المملكة، وتسببت تلك المأساة في وفاة أكثر من 2400 حاج.
حُكم عليه بالسجن لمدة 9 سنوات في عام 2018، وارتفع عدد السنوات إلى 13 عامًا بعد الاستئناف في عام 2021.
وتتلقى منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بانتظام معلومات من أفراد سعوديين عبر برنامجها الخاص بتقديم الشكاوى إلى الأمم المتحدة.
وعلى هذا النحو، فإن الوثائق التي جمعتها ADHRB كانت مصدر المعلومات التي استند إليها الفريق العامل في رأيه حول قضية الصادق.
وأكد الفريق العامل أن احتجاز الصادق كان تعسفياً، بسبب انتهاكات واضحة للإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة، فضلاً عن صلته بممارسة حقه في حرية الفكر والرأي والتعبير، مما يجعل احتجازه عملاً تمييزياً.
ونظرا لخطورة الانتهاكات، أحال الفريق العامل قضيته إلى المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو الاعتقاد، لاتخاذ الإجراء المناسب.
في الرأي رقم 62/2022 المعتمد في 2 سبتمبر 2022، حدد الفريق العامل المواد المتعددة التي يقع تحتها حرمان الصادق من الحرية، والتي كشفت أيضًا عن انتهاكات للقوانين والمعايير الدولية.
وعلى هذا النحو، طلب الفريق العامل من حكومة السعودية اتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح وضع الصادق دون تأخير وجعله متوافقًا مع المعايير الدولية ذات الصلة.
وحدد الفريق العامل الإجراءات المناسبة في هذه الحالة على النحو التالي:
“الإفراج عن السيد الصادق فوراً ومنحه حقاً واجب النفاذ في الحصول على الجبر والتعويض وفقاً للقانون الدولي. في السياق الحالي لوباء فيروس كورونا العالمي (COVID-19) والتهديد الذي يشكله في أماكن الاحتجاز، يدعو الفريق العامل الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الإفراج الفوري غير المشروط عن السيد الصادق”.
ورحبت منظمة ADHRB بهذا الرأي الصادر عن الفريق العامل، وتحث السلطات السعودية على تزويد الصادق بالتعويضات المناسبة عن اعتقاله التعسفي والانتهاكات التي تعرض لها، بالإضافة إلى محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات.
الفريق العامل هو أحد مكاتب الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كجزء من إجراءاتها المعتادة، يرسل الفريق رسائل ادعاء إلى الحكومات بشأن حالات ذات مصداقية للاحتجاز التعسفي. ويجوز للفريق العامل أيضًا إصدار آراء حول ما إذا كان احتجاز فرد أو مجموعة تعسفيًا وينتهك القانون الدولي.
يراجع الفريق العامل المعني بالجوانب القضائية لمكافحة التمييز الحالات التي تندرج تحت خمس مواد من الاحتجاز التعسفي: عندما يكون من الواضح أنه المستحيل التذرع بأي أساس قانوني يبرر الحرمان من الحرية (المادة الأولى).
وعندما يكون الحرمان من الحرية ناتجًا عن ممارسة الحقوق في الحماية المتساوية أمام القانون، وحرية الفكر والرأي والتعبير، وحرية التجمع، من بين أمور أخرى (المادة الثانية).
وكذلك عندما تكون انتهاكات الحق في محاكمة عادلة شديدة لدرجة أن الاحتجاز يصبح تعسفيًا (المادة الثالثة)؛ الاحتجاز الإداري المطول للاجئين وطالبي اللجوء (المادة الرابعة).
وعندما يكون الاحتجاز تمييزيًا على أساس المولد أو الأصل القومي أو العرقي أو الاجتماعي أو اللغة أو الدين أو الوضع الاقتصادي أو الآراء السياسية أو غيرها أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الإعاقة أو أي وضع آخر (المادة الخامسة).
وخلص الفريق العامل، في رأيه رقم 62/2022، إلى أن الصادق، المحتجز حالياً في سجن المباحث بالدمام ويقضي عقوبته البالغة 13 عاماً، تعرض لمجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان طوال فترة احتجازه.
فكان قد تم القبض على الصادق دون أمر قضائي، ولم يُمنح حق الوصول إلى محامٍ للتحضير لمحاكمته، وتم استجوابه في غياب محامٍ، ولم يُسمح له بتقديم أدلة دفاعه عن نفسه، ولم يُقدم على الفور أمام قاضٍ (تمت محاكمته بعد عامين من اعتقاله)، وتم استخدام اعترافه المنتزع تحت التعذيب ضده في المحاكمة.
وقرر الفريق العامل أن اعتقال الصادق بدون مذكرة توقيف في 1 أكتوبر 2015 ينتهك المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادتين 9 و 14 من العهد. كما قرر أن الصادق لم يُسمح له بتوكيل محام خلال العامين الأولين من اعتقاله.
وعندما سُمح له أخيرًا بتعيين محامٍ، لم يستطع الأخير طلب جلسة مع موكله ولم يتمكن من رؤيته إلا في المحكمة، مما أعاق قدرته على الاستعداد للمحاكمة. واحتُجز الصادق في الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي خلال فترة تحقيق استمرت ثلاثة أشهر في سجن المباحث، حيث زُعم أنه اعترف بالتهم المنسوبة إليه تحت التعذيب.
نظرًا لأن الحكومة السعودية لم تقدم ردًا مناسبًا على الادعاءات المثارة، وبدلاً من ذلك اعتمدت على تصريحات عامة لم تتناول على وجه التحديد اعتقال الصادق واحتجازه بدون إذن قضائي.
وجدت مجموعة العمل أن الصادق لم يكن قادرًا على الطعن في قانونية احتجازه، وهو انتهاك للمادتين 8 و 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وعلاوة على ذلك، خلص الفريق العامل إلى أن الحكومة لم تضع أساسًا قانونيًا لاعتقال الصادق، مما جعل احتجازه تعسفيًا بموجب المادة الأولى.
بالإضافة إلى ذلك، يشير الفريق العامل إلى أن المادة 29 (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن القيود المشروعة الوحيدة على ممارسة الفرد لحقوقه وحرياته يجب أن تكون لأغراض ضمان الاعتراف الواجب واحترام حقوق وحريات الآخرين وتلبية المتطلبات العادلة للأخلاق والنظام العام والصالح العام في مجتمع ديمقراطي.
ويلاحظ الفريق العامل فشل الحكومة في شرح كيف أن تصرفات الصادق تتطلب فرض أي قيود بموجب المبررات الواردة في المادة 29 (2) من الإعلان العالمي.
في الواقع، لم تقدم الحكومة أي تقرير عن أي أفعال من قبل الصادق والتي قد تكون بمثابة عمل إجرامي. وهكذا وجد الفريق العامل أن حرمان الصادق من الحرية يندرج ضمن المادة الثانية.
وأكد الفريق العامل أنه ما كان ينبغي إجراء محاكمة الصادق. وعلى الرغم من ذلك، حوكم الصادق وأدين، وحُكم عليه بالسجن لمدة طويلة 13 عامًا، وانتهكت حقوقه في الإجراءات القانونية الواجبة.
كما حُرم الصادق من المساعدة القانونية خلال العامين الأولين من اعتقاله، وهو حق منصوص عليه في المادتين 10 و 11 (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبدأين 17 و 18 من مجموع المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الخاضعين للقانون من أي شكل من أشكال التوقيف أو السجن.
هذا إلى جانب استجواب الحكومة المتكرر للصادق دون حضور محامٍ وأثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي، يجعل انتهاكات حقوق المحاكمة العادلة شديدة الخطورة لدرجة أن احتجازه يشكل حرمانًا من المادة الثالثة من الحرية.
أخيرًا، وجد الفريق العامل أن الصادق احتُجز بشكل تعسفي تحت المادة الخامسة. ويلاحظ الفريق العامل أن آراء الصادق الشخصية وإداناته هي بوضوح في صلب القضية الحالية وأن السلطات أبدت موقفًا تجاهه لا يمكن وصفه إلا بأنه تمييزي.
في الواقع، لقد كان هدفاً للاضطهاد ولا يوجد تفسير لذلك بخلاف ممارسته للحق في التعبير عن مثل هذه الآراء والمعتقدات.
أبدى الفريق العامل في ملاحظاته الختامية انزعاجه من أن أسرة الصادق لم تُبلغ باعتقاله ومن ثم سُمح لها بالاتصال به بشكل محدود للغاية، بسبب القيود المفروضة على فيروس كورونا.
علاوة على ذلك، يسلط الفريق العامل الضوء على أنه خلال تاريخه الممتد 31 عامًا، وجد أن المملكة العربية السعودية تنتهك الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان في أكثر من 65 حالة. ويدعو الفريق العامل الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن الصادق.
وتردد ADHRB الطلبات التي قدمتها مجموعة العمل للإفراج الفوري عن الصادق واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه، بالإضافة إلى حصول الصادق على تعويضات مناسبة عن احتجازه التعسفي.