هاجمت باكستان صمت نظام آل سعود تجاه قضية إقليم كشمير المتنازع عليه مع الهند، وإحجامه عن عقد اجتماع لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي لبحث قضية الإقليم ذو الأغلبية المسلمة، وصمت المنظمة إزاء بناء معبد هندوسي على أنقاض مسجد “بابري” التاريخي في الهند.
وانتقد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، في تصريحات حادة عدم اكتراث منظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من جدة مقرا لها، وتأجيلها الدائم عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء من أجل دعم الكشميريين والوقوف على سبل حل قضية الإقليم، حسبما نقلت صحيفة “دون” الباكستانية.
وقال قريشي: “أقول مرة أخرى لمنظمة التعاون الإسلامي باحترام أن اجتماع مجلس وزراء الخارجية هو ما نتوقعه. وإذا لم تتمكن من عقده، فسأضطر إلى مطالبة رئيس الوزراء عمران خان بالدعوة إلى اجتماع للدول الإسلامية المستعدة للوقوف معنا بشأن قضية كشمير ودعم الكشميريين المضطهدين”.
وأضاف: “إذا فشلت منظمة التعاون الإسلامي بقيادة السعودية في عقد ذلك الاجتماع، فسنعقد اجتماعا خارج إطار المنظمة. باكستان لا يمكنها الانتظار أكثر”.
وحول نبرة التحذير غير المعتادة التي سيطرت على تصريحات قريشي، أوضح قائلا: “اتخذ موقفا رغم علاقاتنا الجيدة مع السعودية، فنحن لا نستطيع أن نصمت بعد الآن بشأن معاناة الكشميريين”.
وأشار الوزير الباكستاني إلى عدم حضور إسلام أباد القمة الإسلامية المصغرة في العاصمة الماليزية كوالامبور في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بناء على طلب السعودية، وطالب الأخيرة في المقابل بـ”إظهار الريادة في قضية كشمير”.
وتابع: “يتعين على دول الخليج أن تفهم أن لدينا (قضايانا) الحساسة الخاصة”.
وتدفع إسلام أباد من أجل عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، منذ قرار نيودلهي في أغسطس/ آب الماضي بإلغاء الحكم الذاتي في جامو وكشمير، إلا أنّ هذا الطلب يقابل بإحجام سعودي.
ويعد دعم الرياض أمر حاسم لأي تحرك في منظمة التعاون الإسلامي، التي تهيمن عليها السعودية ودول عربية أخرى، حسب المصدر ذاته.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عن إحباطه إزاء صمت منظمة التعاون الإسلامي بشأن كشمير في أثناء حديثه في مركز أبحاث، خلال زيارته لماليزيا.
وفي 5 أغسطس، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من الدستور، والتي تكفل الحكم الذاتي في جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة الوحيدة في البلاد، ومن ثم تقسيمها إلى منطقتين تديرهما الحكومة الفيدرالية.
ويتمتع الإقليم منذ عام 1954، بوضع خاص بموجب الدستور الهندي، الذي سمح لها بسن قوانينها الخاصة، إلى جانب حماية قانون الجنسية، الذي منع الغرباء من الاستقرار في الأراضي وامتلاكها.
وبينما تسيطر الهند وباكستان على أجزاء من كشمير، يطالب كل طرف بضمها إليه بالكامل، فيما تسيطر الصين على قطعة صغيرة من المنطقة.
وفي إطار الصراع على كشمير، خاضت باكستان والهند 3 حروب أعوام 1948 و1965 و1971، ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.
وفي السياق ذاته، أدانت باكستان بناء معبد هندوسي على أنقاض مسجد “بابري” التاريخي في الهند، الذي يعود إلى القرن السادس عشر للميلاد.
وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان، أن بناء المعبد الذي شارك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في مراسم وضع حجر الأساس الأربعاء، “سيبقى وصمة عار على جبين الديمقراطية الهندية”.
وأوضحت أن بناء المعبد الذي بدأ بقرار غير قانوني من المحكمة العليا في الهند، أظهر كيف أن المعتقد يمكن أن ينتصر على العدالة.
وأشارت الخارجية إلى أن تزايد الاعتداءات ضد الأقليات وفي مقدمتهم المسلمون وأماكن عبادتهم، كشف عن مفهوم الأغلبية السائد.
وأضافت: “ستدرك الأجيال القادمة من المسلمين أن هذا المبنى (المعبد) غير القانوني، أنشأه حزب الشعب الهندي بتوجيه من القومية الهندوسية، لصبغ كامل الهند بصبغة هندوسية”.
وأكد البيان أن بناء المعبد بات رمزا للضغط المتزايد ضد المسلمين في عهد مودي وحزبه.
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول 1992، قام متشددون هندوس بهدم مسجد “بابري” التاريخي في مدينة “فايز أباد”، بولاية أتربرديش الهندية، المبني في القرن السادس عشر، من قبل الإمبراطور المغولي “ظهير الدين بابر”، مؤسس الإمبراطورية المغولية في الهند، ويعتبر أكبر مساجد الولاية.
وفي نوفمبر 2019، قضت المحكمة العليا في الهند بمنح ملكية موقع مسجد “بابري” للهندوس، وتخصيص مكان آخر لبناء مسجد للمسلمين، رغم أن جميع أعمال التنقيب الأثرية في موقع المسجد أظهرت تاريخه الإسلامي.
وسبق أن عرقل نظام آل سعود أي تحرك إسلامي بشأن معاناة المسلمين في كشمير في امتداد لتفضيله علاقاته الاقتصادية مع الهند.
ورفض آل سعود طلب باكستان سابقا عقد اجتماع طارئ حول كشمير، على مستوى وزراء الخارجية في منظمة التعاون الإسلامي، وفق ما ذكرته صحيفة “داون” الباكستانية.
ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء عمران خان قوله: “لا يمكننا حتى أن نجتمع معاً في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي حول كشمير”.
واعتبر خان أن السبب الوحيد وراء معاناة الناس في كشمير هو كونهم مسلمين، وهذا يخص 1.3 مليار مسلم، مشدداً على أنه من الضروري أن يقوم العالم الإسلامي بدوره.
وقال: “إذا لم تأخذ الدول الإسلامية موقفاً حاسماً، مهما كانت الأسباب تجارية أو اتفاقيات، سيؤدي ذلك إلى زيادة التطرف، عندما لا تقوم الدول بالتعبير عن رغبات شعوبها وعندما ترى تلك الشعوب أنه لا يتم تحقيق العدالة”.
وقد أفقد نظام آل سعود المملكة دورها الريادي في العالم الإسلامي باتخاذه مواقف مشينة إزاء تعرض المسلمين للقمع والاضطهاد وفي مقدمة ذلك ما يجرى في الهند لاعتبارات اقتصادية رخيصة.
ويبرز هذا التخلي في موقف نظام آل سعود مما يجري من تمييز ضد المسلمين على يد حكومة ناريندرا مودي، ليس فقط في كشمير، ولكن أيضاً داخل شبه القارة الهندية حيث ثالث أكبر تجمُّع للمسلمين بالعالم.
وتناولت مجلة (ذا ديبلومات) الأمريكية قصة العلاقات بين الهند ونظام آل سعود من خلال التحول الذي طرأ على قضايا المسلمين حول العالم من جانب الرياض في عهد الملك سلمان ونجله محمد.
وواجهت الهند احتجاجات ضد قانون الجنسية الذي وضعته حكومة مودي، والذي سيُؤدّي حتماً في النهاية إلى سجلّ السكان الوطني، الذي يقول النقاد إنه تمييزيٌّ ضد المسلمين وغير علمانيٍّ في نواياه. وهو ما يطرح السؤال عن أسباب صمت الدول الإسلامية في الشرق الأوسط عن الاضطرابات داخل أكثر ديمقراطيات العالم اكتظاظاً بالسكان، والدولة الثالثة عالمياً من حيث أعداد المسلمين.