لم تتوقف باكستان عن مبادراتها لاحتواء الأزمة الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، كدول سنية تحتاج لدعمها ماليا وسياسيا في المنطقة.
لكن السعودية بادرت لقطع العلاقات مع باكستان، رغم تدخل الجيش الباكستاني لاحتواء الأزمة.
وأرسلت باكستان، الأيام الماضية، وفدا رفيع المستوى (سياسا وعسكريا) إلى الرياض في محاولة للجلوس مع القيادة السعودية لاحتواء الأزمة القائمة، بحسب مصدر سعودي.
وأفاد المصدر السعودي – الذي فضل عدم الكشف عن هويته –بأن باكستان ترسل بين الحين والآخر وفودا رفيعة المستوى للتحاور مع قيادة المملكة في سبيل إنهاء الخلافات القائمة وعودة العلاقات إلى طبيعتها.
وأشار المصدر لـ”ويكليكس السعودية” إلى أن ولي العهد يرفض التعاطي مع المبادرات والوفود الباكستانية، ويبتعث بعض الأمراء لاستقبال الشخصيات الزائرة التي ألحت مرارا بالجلوس مع ولي العهد لكن دون جدوى.
وقال: إن وفدا باكستانيا زار العاصمة الرياض وتلقى شرطا أخيرا من ولي العهد يتمثل بـ”عودة العلاقات الباكستانية السعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل”، لافتا إلى أن الوفد الباكستاني “صدم وذهل من الشرط السعودي”.
وربط المصدر الموقف الباكستاني بتصريح رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، الذى انتقد اتفاقيات التطبيع العربي مع إسرائيل.
وقال خان إن “الفلسطينيين قد حُرموا من حقوقهم واغتُصبت أراضيهم.. ولا جدوى من الاعتراف بإسرائيل أو التطبيع معها، لأن أصحاب القضية أنفسهم يرفضون ذلك”، في إشارة إلى الفلسطينيين الذين أعلنوا رفضاً قاطعاً للتقارب الإماراتي البحريني الإسرائيلي.
وجابت مظاهرات الأيام والأسابيع الماضية شوارع العاصمة إسلام آباد، ردّد المشاركون فيها شعارات مناهضةً للتطبيع ولتل أبيب، وأحرقوا خلالها العلمين الإسرائيلي والأمريكي، كما رفعوا صور شهداء المقاومة، ولافتات مؤيّدةً لفلسطين والمقاومة.
وعمد نظام آل سعود إلى التخلي عن علاقات وثيقة مع باكستان لصالح علاقات تجارية مع الهند بعد أن ظل الخلاف السعودي الباكستاني يبدو مفاجئاً ومريراً.
لكنَّ هناك توتراً غير عادي في العلاقات، بدأ في 2015، وتصاعد دخانه في صيف 2020.
السبب المباشر هو اتهام باكستان للسعودية بتجاهل الخلافات المزمنة مع الهند بسبب كشمير.
ما الخطوة التي قامت بها السعودية رداً على تلك التصريحات؟ أوقفت إمدادات النفط لباكستان، وطلبت منها إعادة قروض كانت قد قدمتها لها.
بدأت الخلافات بين السعودية وباكستان تظهر في عناوين الأخبار عقب رفض إسلام آباد المشاركة في حرب اليمن، أو في قطع العلاقات مع قطر. أي في 2015، ثم في 2017.
لكن أزمة 2020 تُخفي وراءها تحوُّلات بدأت قبل سنوات وتتبلور الآن.
الأزمة غير مرشحة للتصعيد، ولن تمهّد في الغالب لقطيعة دبلوماسية، بحساب المصالح وحدها.
ويقول مراقبون إن الأزمة القائمة ستترك ندوبها على جسد الشرق الأوسط وجنوب غربي آسيا، وتُغيّر من بعض التحالفات المهمة، وتخلق الأجواء المناسبة لظهور اثنين من اللاعبين المهمين في عالم اليوم: الصين والهند.