تتزايد التسريبات عن تورط المملكة العربية السعودية بدعم انقلاب عسكري وشيك في باكستان في ظل توتر العلاقات بين نظام آل سعود وإسلام أباد.
وكشفت صحيفة هندية النقاب عن مساع خليجية تقودها السعودية، لتدبير انقلاب عسكري ضد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
وقالت صحيفة “TIFIPOST”، إن باكستان على موعد مع انقلاب عسكري وشيك يقوده رئيس أركان الجيش الباكستاني الحالي الجنرال قمر جاويد، بدعم من الرياض وبعض العواصم الخليجية، للإطاحة بعمران خان، وتنصيب رئيس الأركان السابق الجنرال رحيل شريف قائدا للبلاد.
وأوضحت أن السعودية تقود حاليا جهودا خليجية مكوكية لإقناع رحيل شريف بدخول السياسة في باكستان، وتحمل مسؤولية أكبر، مؤكدة أن أيام عمران خان في منصبه أصبحت معدودة الآن.
وأشارت الصحيفة إلى وجود خلاف بين باكستان وعدد من دول الخليج في عدد من القضايا، أبرزها قضية كشمير، بعد أن تم تجاهلها مرارا وتكرارا من قبل منظمة التعاون الإسلامي التي تقودها السعودية.
وأضافت: “جن جنون باكستان، وهدد وزير خارجيتها السعودية، قائلا في بث تلفزيوني مباشر إن بلاده تتطلع إلى الدول الإسلامية الأخرى ذات “التفكير المماثل”؛ من أجل دعمها في قضية كشمير.
ولفتت الصحيفة الهندية إلى أن تصريحات وزير الخارجية الباكستاني أثارت غضب السعودية، وقامت بازدراء قائد الجيش الباكستاني بشكل كبير أثناء زيارته للسعودية مع رئيس المخابرات الباكستانية.
وتابعت الصحيفة: “حتى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، رفض مقابلة الجنرال باجوا؛ بسبب تصرفات السياسيين في بلاده. كما قررت السعودية استنزاف باكستان اقتصاديا، من خلال إيقاف إمدادات النفط، والمطالبة بالسداد الفوري للقروض”.
ودفعت سياسات بن سلمان، عمران خان إلى التعجيل بإرسال وزير خارجيته شاه محمود قريشي إلى بكين؛ لبحث العلاقات الثنائية مع نظيره الصيني وانغ يي، تمهيدا لزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة لباكستان خلال العام الجاري”.
وعلى خلفية تصريحات وزير الخارجية الباكستاني، طلبت السعودية سريعا رد قرض مليار دولار، وهو جزء من 3 مليارات دولار وعدت الرياض بإقراضها لباكستان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018. ولم يتم تجديد تسهيلات نفطية سعودية لباكستان بقيمة 3.2 مليارات دولار بعد نهاية مدتها في أيار/ مايو.
وقللت باكستان من أهمية طلب السعودية القرض. وبعدما دفعته، أعلن عن زيارة قائد الجيش الجنرال قمر جافيد باجوا إلى السعودية في 17 آب/ أغسطس. وتم تصوير الزيارة على أنها مرتبة من قبل، ولإجراء محادثات عسكرية مشتركة.
لكن في ضربة دبلوماسية كبيرة لإسلام آباد، رفض ولي العهد محمد بن سلمان – المتخفي عن الأنظار منذ جائحة كورونا – مقابلة قائد الجيش الباكستاني “قمر جاويد باجوا” الذي حضر للرياض قبل أيام برفقة مدير عام وكالة الاستخبارات الداخلية الفريق فايز حميد.
وكانت الزيارة تهدف إلى نزع الخلاف الدبلوماسي واستعادة العلاقات الجيدة بين البلدين بعد توترها على خلفية انتقاد وزير الخارجية الباكستاني المملكة بعد إلغاء الهند الحكم الذاتي الممنوح لإقليم كشمير دون معارضة تذكر من الرياض.
وأفاد موقع صحيفة “زي نيوز” الباكستاني بأن بن سلمان رفض طلب قدمه قائد الجيش الباكستاني لمقابلته، وبدلا من ذلك اقتصر تواجده في المملكة على مقابلة نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان، لينقل له رسالة من رئيس الوزراء الباكستاني تحمل اعتذارا عن تصريحات وزير الخارجية.
ووفق مسؤولين في إسلام آباد، فإن تصرف ولى العهد يُنظر إليه باعتباره ازدراء متعمدا للمبادرة الباكستانية الرامية لنزع الخلاف، كما لا تدع أي مجال للشك بفشل مهمة قائد الجيش الباكستاني في الرياض.
وقالت صحيفة “زي نيوز” إن المملكة أبلغت باكستان بأن أي تعاون بين إسلام آباد وأنقرة غير مقبول للرياض على الإطلاق، بما في ذلك عرض المسلسل التليفزيوني التركي “أرطغرل” على التليفزيون الباكستاني.
كما قالت السعودية إن إسلام آباد يجب أن تستنكر أي محادثات لإنشاء تكتل مكون من باكستان وتركيا وماليزيا وإيران.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أن المملكة هددت حال رفض باكستان طلباتها بأنه قد تلغي استثمارا سعوديا بقيمة 20 مليون دولار في ميناء جوادر، كما هددت الرياض أيضا بإلغاء جميع المساعدات التي سبق أن تعهدت بها لباكستان، وإمدادات النفط ذات الدفع المؤجل.
وهددت الرياض أيضا باستجلاب آلاف العمال من الهند بموجب رؤية 2030، وفي المقابل ربما تأمر العمال الباكستانيين غير الضروريين بمغادرة البلاد.
كما طالبت الرياض رئيس الوزراء الباكستاني باتخاذ إجراءات صارمة ضد وزير الخارجية الباكستاني في أسرع وقت.
وذكرت “زي نيوز” أن في الوقت الذي اجتمع فيه قائد الجيش الباكستاني بنائب وزير الدفاع السعودي، كان وزير الخارجية الباكستاني يجتمع مع سفير دولة قطر لدى بلاده، الشيخ “سعود بن عبدالرحمن آل ثاني”.
وينظر إلى تعيين المبعوث القطري الجديد، الذي ينتمي للعائلة المالكة، بأنه يعكس اهتمام قطر بتوسيع العلاقات مع باكستان.
وفي غضون ذلك، من المقرر أن يغادر وزير الخارجية الباكستاني بلاده، متوجها إلى العاصمة الصينية بكين لإجراء مناقشات على المستوى الاستراتيجي مع نظرائه الصينين، وذلك بعد أيام من تأكيد “عمران خان” أن مستقبل باكستان مرتبط بمستقبل حليفتها القديمة الصين.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الباكستاني “شاه محمود قرشي” بعد إحجام منظمة التعاون الإسلامي، مقرها السعودية، عن عقد اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير: “إذا لم يتمكنوا من عقده فسأكون ملزما بالطلب من رئيس الوزراء عمران خان الدعوة لاجتماع للدول الإسلامية التي لديها استعداد للوقوف معنا في قضية كشمير ودعم الكشميريين المقموعين”.
وعلى أثر ذلك الخلاف، طالبت الرياض إسلام آباد، بسداد مبكر لقرض قيمته 3 مليارات دولار كانت منحته للأخيرة عام 2018؛ لمساعدتها في تجاوز أزمة ميزان المدفوعات.
ويهدد النزاع ميزان المدفوعات الخارجية لباكستان، كما أن البنك المركزي لديه فقط 12.5 مليار دولار.
كما اضطرت باكستان إلى تعليق برنامج صندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دول، بالتزامن مع مواجهتها للتداعيات الاقتصادية لوباء فيروس “كورونا”.
وفى وقت سابق نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن مسؤول حكومي كبير في إسلام آباد قوله إن الصين أقرضت باكستان على الفور مليار دولار، في أعقاب قرار السعودية بقطع المساعدات، وربما تقدم بكين المزيد.
وأضاف المسؤول: “في غضون ساعات وليس أيام من مطالبة السعودية باكستان بسداد القرض، عرضت الصين تقديم مليار دولار، لقد أثبتت الصين بما لا يدع مجالا للشك أن لديها التزاما صارما بمستقبل باكستان وازدهارها ورفاهيتها”..
يذكر أن عدة مؤشرات سلطت الضوء على التوتر المكتوم الذي تشهده علاقات المملكة وباكستان؛ بسبب خلافات في العديد من الملفات وأبرزها أزمة إقليم كشمير.
ومن هذه المؤشرات انتقادات مفاجئة من قبل مسؤولين باكستانيين لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تتخذ من السعودية مقرا لها، وتقارير عن سحب الرياض دعمها المالي لإسلام آباد، إضافة إلى سداد باكستان قرضا للمملكة قبل موعد استحقاقه.
فبعد قرار الحكومة الهندية إلغاء المادة 370 من الدستور التي تمنح إقليم كشمير المتنازع عليه وضعا خاصا، عبرت باكستان في مناسبات عدة عن احباطها بشأن موقف منظمة التعاون الإسلامي حيال القضية.
وقد جددت المنظمة بدورها، في أحدث بيان حول القضية بمناسبة مرور عام على صدور القرار الهندي، دعوتها إلى تسوية النزاع وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.