أبرزت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزيرة العربية، تعمد السلطات السعودية انتهاك الحق في تقديم الشكاوى في سجون المملكة.
ولكل سجينٍ الحق في تقديم شكوى تتعلق بمعاملته، وأن يتاح له سبيل فعّال للانتصاف تحدده محكمة مختصة في حال انتهكت حقوقه أو حرياته بحسب المبدأ الجوهري الوارد في دليل الأمم المتحدة لحقوق السجناء.
وبحسب اللجنة الحقوقية تعتبر السجون السعودية من أكثر الأماكن رعباً في العالم لما فيها من انتهاكات جسيمة لحقوق السجناء، لا سيما معتقلي الرأي.
ووثّقت المنظّمات الحقوقية حالات كثيرة من تلك الانتهاكات، وكانت سبباً لسيلٍ من الانتقادات والإدانات للسلطات السعودية التي تضرب عرض الحائط كل المواثيق والمبادئ الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان.
ومن جملة الأدلّة والوثائق التي تُدين سلطات النظام السعودي، تعريض الدكتور محمد القحطاني للاختفاء القسري، كنوعٍ من العقاب بعدما تقدّم بشكوى حديثة عن تعرّضه للاعتداءات المتكرّرة داخل السجن على يد سجناء مضطربين عقلياً، تحت مرأى ضباط وعناصر السجن.
وحتى اليوم لا يزال مصير الدكتور القحطاني مجهولاً، وسط تكتم السلطات وإدارة السجن قبيل أيام من انتهاء مدة محكوميته.
تنص المادة 33 من صكوك الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على ما يلي:
يحق للشخص المحتجز أو المسجون أو لمحاميه تقديم طلب أو شكوى بشأن معاملته، لا سيما في حالة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى السلطات المسؤولة عن إدارة مكان الاحتجاز وإلى السلطات الأعلى، وعند الاقتضاء إلى السلطات المناسبة المنوطة بها صلاحيات المراجعة أو الإنصاف.
لكن في السعودية يصبح تقديم الشكوى جريمة يعاقب عليها السجين، وتعرّضه للتعذيب والحبس الانفرادي.
فلماذا تصرّ السلطات السعودية على ممارسة الانتهاكات بحق السجناء خاصة معتقلي الرأي، وتحرمهم من أبسط حقوقهم؟
ولماذا تسعى لاضطهادهم والتنكيل بهم إذا ما تقدموا بشكوى عن تعرضهم للمعاملة القاسية او الاعتداء؟ وهم لا يطلبون سوى الإنصاف والعدل الذي كفله القانون السعودي نفسه والمواثيق والصكوك الدولية وقواعد الأمم المتحدة لحقوق السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).
وبحسب تلك المواثيق والصكوك الأممية يحق للسجين الذي تقدم بشكوى إلى إدارة سجنه، في حالة عدم رضاه عن سير الإجراءات، أن يلجأ للاتصال بهيئة مستقلة وتقديم الشكوى لها.
فمن هي تلك الهيئة المستقلة المتاحة في السعودية؟
هيئة حقوق الإنسان السعودية شكّلها النظام في إطار الترويج لاهتمامه ورعايته لحقوق الإنسان، لكن ما جرى، وبحسب توثيق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، أن الهيئة تلك أصبحت تتستر على الانتهاكات وتخفي الشكاوى التي تصلها من داخل السجون، وتصدر بيانات تهدف لتلميع صورة السجون وإنكار الانتهاكات.
وكمثالٍ حقيقي لعملها فإن هيئة حقوق الإنسان تجاهلت كل النداءات الأهلية والحقوقية للكشف عن مصير الدكتور محمد القحطاني، ولم تتدخّل وتخبر عائلته بما جرى معه ولم تحقق في الشكوى التي رفعها لإدارة السجن عن تعرضه للاعتداء المتكرر.
الهيئة تلك من المفترض أنها مستقلة، وتشرف على مراقبة السجون وضمان حقوق السجناء وعدم تعرضهم للانتهاكات، وهي مخوّلة لتلقّي الشكاوى والتحقيق فيها، في حال لم تتجاوب إدارة السجن بطريقة إيجابية مع الشكاوى المقدمة لها، وللمفارقة أنها لم تسجّل ولو مرة واحدة مخالفة بحق إدارات السجون ومنتسبيها، على الرغم من علمها بعشرات الحالات الموثّقة، وهو ما يكشف مدى تورّطها في التستر على الانتهاكات.
فإلى من يلجأ السجين إذا كانت السلطات القضائية والهيئات المستقلة تنسّق فيما بينها للحيلولة دون حصول السجناء على حقوقهم المشروعة التي كفلها القانون السعودي والمواثيق الدولية؟.