الأميرة ريما بنت بندر والتورط بالدفاع عن انتهاكات بن سلمان
استبشرت أوساط في المملكة بتعيين الأميرة ريما بنت بندر آل سعود سفيرة للمملكة لدى واشنطن بوصفها شابة وأبنة لدبلوماسي معروف يمكن أن تحدث تأثيرا إيجابيا في علاج انتهاكات النظام الجسمية.
لكن الأميرة ريما خذلت القلة من المراهنين عليها وكشفت عن وجهها القبيح والثمن الذي دفعته لتعيينها في منصبه من خلال الدفاع عن انتهاكات نظام آل سعود والتسوق لها دوليا حتى بما في ذلك اعتقال الناشطات من النساء أمثالها.
وزعمت الأميرة ريما في تصريحات تلفزيونية لها إن سجن الناشطات اللاتي طالبن بحق المرأة بقيادة السيارة في المملكة بالغ الغرب في فهمه وأن الناشطات خرقن القانون عندما قمت بحملاتهن بشكل علني.
وجاء حديث أول سفيرة للمملكة في واشنطن بمقابلة أجرتها معها مجلة “بوليتكو” الأمريكية وأشارت فيها الصحافية التي أجرت المقابلة إليس لابوت للمهمة الصعبة أمام الأميرة لتحسين العلاقات الأمريكية- السعودية التي تعاني من تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي قبل أكثر من عام.
ويعتقد مراقبون أن تعيين الأميرة ريما تم باعتباره حملة علاقات عامة لتحسين صورة المملكة، فهي ابنة السفير السابق الأمير بندر الذي عمل ما بين 1983 إلى 2005 وينظر إليه كدبلوماسي مؤثر في واشنطن. ووصلت مع والداها عندما كانت في السابعة من عمرها إلى العاصمة الأمريكية وتعرف الحياة فيها.
وفي الوقت الذي ينظر فيه الشباب السعودي لها كرمز في الولايات المتحدة إلا هناك تساؤلات حول ما يمكن أن تفعله سفيرة ذات عقلية ميالة للإصلاح وتعزيز دور المرأة السعودية من تأثير على شكل العلاقة بين البلدين.
فقد وصلت الأميرة ريما، ذات الـ 44 عاما، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين مستوى عميقا من عدم الثقة. فالحرب في اليمن وسجن الناشطات المطالبات بحقوق المرأة وقتل المعلق في “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي تركت الكثيرين في واشنطن يشعرون بالشك حول التحالف الأمريكي- السعودي.
وتقول إلزا ماسيمو، المديرة السابق لمنظمة هيومان رايتس فيرست والأستاذة في مركز القانون بجامعة جورج تاون “تدخل العمل في فترة تعتبر الإصعب للسفير السعودي” و “ليس هذا بسبب خاشقجي ولكن لجهود الحزبين تغيير دفة العلاقة الأمريكية- السعودية وبشكل كامل”.
واعترفت السفيرة بصعوبة مهمتها، فلا سيرتها الذاتية أو تاريخ عملها من أجل المرأة السعودية كافيان لتغيير رؤية الناقدين لبلدها وأن تعيينها مجرد حيلة وعلاقات عامة وحرف الانتباه عن مظاهر القلق من انتهاكات حقوق الإنسان في ظل محمد بن سلمان.
وقالت “كل شخص له الحق بإبداء رأيه وأود أن يحكم علي من خلال العمل الذي أقوم به”. وأضافت إنها تشعر بالغضب لو تم التعامل معها بقفازات أطفال. ولن يتم التعامل معها بلطف فهي تمثل وتدافع بشدة عن نظام يربطه الكثيرون في واشنطن بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان.
وزعمت أنها لا يوجد لها أدنى شك من تأكيد بن سلمان براءته من جريمة مقتل خاشقجي، رغم نتيجة سي آي إيه التي تقول غير هذا.
ومثل أسلافها من السفراء السابقين انشغلت الأميرة ريما بزيارات المشرعين والمسؤولين في الكابيتال هيل ومحاولة لردم الهوة الثقافية بين البلدين. إلا أن نقاد المملكة في الكونغرس عبروا عن شكهم في قدرتها على حرف الرأي نظرا للنظام الذي تمثله.
ويقول السناتور كريس ميرفي الذي قابل الأميرة “السفيرة وبدون شك مثيرة للإعجاب” و “لكنني لا أعرف إن كان هذا يهم طالما ظلت السياسة التي تقدمها لنا رجعية وتتناقض مع مصالحنا القومية”. وهناك شكوك في قدرتها خاصة أن بن سلمان له خط مباشر مع جارد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب.
وتقول كارين إليوت هاوس مؤلفة كتاب عن السعودية “مهمتها واضحة وهي محو بعض المواقف السلبية التي يحملها البعض عن المملكة. وهي اختيار جيد فهي ليست إمرأة وأميرة فقط ولكنها ام تعيل عائلة بمفردها وهناك الكثير من المشترك بينها والنساء الأمريكيات”.
وتحمل الأميرة شهادة من جامعة جورج واشنطن في دراسات المتاحف. وحاولت في البداية البحث عن عمل في مجال الفن ولكنها اصطدمت بالمعوقات الإجتماعية.
وفي عام 2008 عادت إلى الرياض لمتابعة مجموعة والدتها من الفن الإسلامي التي كانت ستعرض في المتحف الوطني السعودي إلا أن المسؤولين في المتحف رفضوا توظيف إمرأة.
وتشير المجلة إلى العقبات التي واجهتها في المملكة للعمل، وكيف أصبحت أول مديرة لشركة تجزئة. وفي عام 2013 انفصلت عن زوجها الأمير تركي بن مساعد الذي أنجبت منه ولدين.
وتشير المجلة إلى أن دفاع الأميرة ريما عن المرأة السعودية لم يمنعها من التقدم والدفاع عن حملة بن سلمان ضد الناشطات النسويات، قائلة إن الرد الدولي على الإعتقالات مبالغ فيه. وقالت إن معظم المعتقلات أفرج عنهن مع أن عددا منهن لا يزلن في السجن وتعرضت واحدة منهن للتعذيب حسب منظمة أمنستي إنترناشونال.
وتعتقد الأميرة النساء خرقن القانون من خلال الدعوة العلنية للتغيير بدلا من الدعوة الخاصة. وأن نظام الوصاية اللاتي طالبن بتغييره كان في طريق الإلغاء.
إلا أن المراقبين لم يفت عليهم التناقض بين دعوتها الحارة للدفاع عن المرأة ودفاعها القوي عن محمد بن سلمان.
وتقول كريستين ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن “هناك نساء دفعن باتجاه حق المرأة للمشاركة بالإنتخابات والسياقة والسيطرة على حياتهن ولكنهن الآن في السجن” و ” وخاطرن بحياتهن للدفاع عن أجندة محمد بن سلمان التي يريد تحقيقها الآن. وأعتقد أنه من المشروع تحديها (الأميرة) وسؤالها عن سبب حدوث هذا”. وستكون أعظم مثال عن دور المرأة السعودية العام و “لكنها ستذكر دائما بالنساء الإصلاحيات اللاتي في السجن”.
ومشكلة الأميرة ريما أنها ستجد صعوبة في تصحيح الأوضاع بسبب جريمة خاشقجي. ففي عم 2017 لعبت دورا في ترتيب برنامج رحلة بن سلمان إلى أمريكا وترأست عدة لجان لهذا الغرض وسط همسات بأنها ستكون السفيرة المقبلة لواشنطن، خاصة أن شقيق ولي العهد الأمير خالد بن سلمان كان يستعد لدور جديد في الرياض.
وتقول ويندي تشامبرلين، مديرة معهد الشرق الأوسط سابقا والتي استقبلتها على غداء في المعهد إن الأميرة تبدو كشخصية دينامية “فهي تعرف واشنطن وتتحدث واشنطن وهي شخصية يمكننا الإرتباط بها” ولكن جريمة خاشقجي غيرت كل هذا.
ويصف السعوديون الشباب العلاقة مع أمريكا بـ “ما قبل جاي كي” و “ما بعد جاي كي”، أي قبل جمال خاشقجي وبعده. فقبل ذلك استقبل الغرب محمد بن سلمان وصفق مرحبا به ولكنه عزل بعدما تبين أن مقربين منهم هم من قتلوا الصحافي.
وبالنسبة لعائلة ريما التي كانت تعرف خاشقجي فقد كان مقتله مأساة شخصية وحقل ألغام “كنت أبكي خسارة حياة هذا الرجل على المستوى الشخصي وكنت أبكي ما يمكن أنه نهاية لرؤيتنا” وتقول “ما كتبه كان إيجابيا عما يمكن أن تكون المملكة عليه. واحتراما له كرجل أعرفه على المستوى الشخصي آمل ألا يحاول أحد رهن 11 مليون شاب بموته”. ولكنها تقف مع الأمير محمد بن سلمان وأنه لم يرتكب الجريمة “لقد قضيت وقتا مع ولي العهد يقنعني أن هذا ليس من عمله”. و”لم يكن يعمل بهذه الطريقة وهذا أمر يمكن أن يدمر كل ما حلم به. ولا أتخيل أنه طلب أمرا كهذا”. وعندما ضغطت عليها الصحافية قالت إن هناك إمكانية ارتكاب أشخاص حوله الجريمة لاعتقادهم أنهم يحلون المشكلة.
وبعد مقتله أصبح الأمير خالد شخصية لا محل لها في واشنطن. وعاد سريعا إلى الرياض حيث أعلن بن سلمان عن تعيين الأميرة ريما في شباط/فبراير وهو قرار قوبل في العاصمة بنوع من الشك.
وفي تموز/يوليو بدأت الأميرة ريما بالعمل في وظيفة والدها السابقة ومن نفس البيت الذي نشأت به. وبناء على نصيحة والدها بحثت عن استشارة من أصدقاء والدها بمن فيهم وزير الخارجية السابق كولن باول.
ورغم ما يفرق بينها ووالدها الذي كان مقربا من الملوك والطبقة الحاكمة في واشنطن إلا أن الأميرة تريد بناء تحالفات بين البلدين والتركيز على التغيرات الاجتماعية اللطيفة التي تحدث في المملكة. ولا تريد التركيز على النفط ومكافحة الإرهاب وعلى الشراكات التجارية والثقافة والتعليم. وتريد أيضا إظهار تسامح المجتمع السعودي.
وفي سابقة مستهجنة على صعيد السعوديين، أرسلت سفارة المملكة في واشنطن بأوامر من الأميرة ريما تهنئة للجالية اليهودية في عيد روش هاشانا.
ولكن المتشككين في أمريكا يعتقدون أن النشاطات الرياضية والثقافية ليست كافية لتخفيف صورة المملكة بين المشرعين والرأي العام.
بل ويرى البعض أن زعم بن سلمان بعمله وفق أجندة إصلاحية وتعيينه أول إمرأة كسفيرة في العاصمة الأمريكية هي محاولة للتغطية على نظامه القمعي.
كما تبرز الحرب الإجرامية لنظام آل سعود على اليمن كتحدي كبير لسفيرة المملكة في واشنطن.
ويقول جون أولترمان نائب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية إن جهود الأميرة ريما في موضوع اليمن والموضوعات الأخرى تظل محدودة، طالما ظلت علاقة السعودية مع امريكا تتركز حول شخصية محمد بن سلمان. ويقول “تعريف التغيير في السعودية بولي العهد سيمنع الكثير من الأفراد والمنظمات من التعاون مع السعودية وهو ما تحاول السفيرة تجاوزه”.