تتورط سلطات آل سعود بتسييس الحرمين وجعلهما ساحة للندوات أو الخلافات السياسية، فقد سبق أن ضغطت من خلالهما على دول سعياً لتنفيذ رغباتها, وحيث تمارس السلطات انتهاكات واضحة بإستخدام تأشيرات الحج لأغراض سياسية.
وأبدت هيئات اسلامية قلقها الشديد “إزاء تسييس الشعائر الدينية، واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، في انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية، التي تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية”.
واحتكار المملكة وتحكمها بالحرمين الشريفين وفق هوى حكامها، حدا بعدة دول إلى السخط والمطالبة بإنهاء هذا الاحتكار المسيس.
وقالت هيئات اسلامية إنها ستقوم بتحقيقات دورية في استخدام المملكة الأراضي المقدسة على مدى 100 عام لأغراض سياسية، ورصد الانتهاكات الميدانية، وتقديم النصح للمملكة.
وقد اعتذر “وزراء” في الحكومة الأردنية عن عدم تلبية “دعوة آل سعود” لأداء مناسك الحج للموسم الحالي بعد “سوء تفاهم وإشكال” حصل مع سفارة آل سعود في عمان.
خلافا للعادة، تلقى عدد كبير من أعضاء مجلس الوزراء الأردني دعوات الحج الخاصة.
لكن الدعوات كانت خالية من “ترتيبات ضيافة” معتادة، والتأشيرات تأخرت، مما أثار انزعاج الوزراء المدعوين قبل محاولة سفارة آل سعود “إرضاءهم” لاحقا.
سبعة وزراء على الأقل في الحكومة الأردنية والعديد من أعضاء البرلمان كانوا في طريقهم إلى أداء مناسك الحج اعتذروا بصورة تنطوي على “احتجاج صامت” وغير علني قبل محاولات الاستدراك.
رئيس الوزراء، عمر الرزاز، قرر قبل ذلك -لسبب غامض- التراجع عن فكرة أداء فريضة الحج بعد تلقيه دعوة شخصية مباشرة من فئة النجوم الخمس.
بعض الوزراء الذين سبق أن وصلتهم الدعوة فعلا “حردوا قليلا”، لأن السفارة السعودية في العاصمة عمان ماطلت وتأخرت في إصدار تأشيرات الحج لهم، وجرى إبلاغ نواب من وزراء بأن أعضاء المجلس الوزاري قرروا “مقاطعة” دعوات آل سعود للحج.
ثمة بطل في الجدل المتعلق بتأشيرات الحج الخاصة بالنخبة وطبقة الكريما في الأردن، نجمه على الأرجح شخص سعودي واحد ومحدد، ويحب إثارة الجدل في الأردن تحديدا بين الحين والآخر، هو السفير السعودي في المملكة الأردنية الأمير خالد بن فيصل.
بالتالي هو في وضع سياسي متمكن ومستحكم يدفع باتجاه مساحة يكون فيها الرجل صاحب قرار تنفيذي، ويحاور ويناور في كل القضايا العالقة وغير العالقة، وكلمته عندما تصدر قد لا تمثل بلاده فقط بقدر ما تمثل القصر الملكي السعودي والعائلة أيضا.
قبل ثلاثة أيام فقط، تسلطت الأضواء مجددا على السفير الأمير أردنيا، خصوصا بعدما استعد بعض الوزراء والشخصيات الكبيرة لتلبية دعوة خاصة لأداء فريضة الحج لهذا الموسم، بالتوازي مع تأخير التأشيرات والاستياء من التفاصيل.
تلهف بعض الساسة الأردنيين لمعرفة الرسالة من وراء تأخير التأشيرات، قبل تفاعل سفارة آل سعود ومحاولتها احتواء الإشكال.
الواضح حتى اللحظة في السياق أن الملك عبد الله الثاني شخصيا ليس بصدد أداء مناسك الحج.
لكن ما يثير شهية التساؤل والاستفسار هو توسع السفارة السعودية هذه المرة في توزيع بطاقات الدعوة الخاصة، بعيدا عن حصة وزارة الأوقاف للمواطنين العاديين.
وفقا لمصادر مقربة من وزير الأوقاف الأردني، عبد الناصر أبو البصل، توسع السفير السعودي الأمير خلافا لكل موسم في قائمة حجاج الشخصيات الهامة، وبطاقات الدعوة الخاصة، التي تتضمن تدابير سفر وضيافة على نفقة المملكة وحجا من فئة النجوم الخمس.
لافت جدا أن غالبية الوزراء وصلتهم دعوة خاصة دون ضيافة وتأشيرات، بالإضافة إلى عدد كبير من الأعيان والنواب.
الجديد تماما في تلك الدعوات هو تخصيص البعض منها لطبقة رجال الأعمال ولصناعيين وتجار كبار، والأهم طبقة رموز وقادة العشائر الأردنية التي زادت حصتها على نحو واضح، حسب خبراء.
أما الأكثر أهمية فتلك المتعلقة بالدعوات الخاصة برموز وقادة عشائر من جنوب الأردن, وتوزيع مثل هذه الدعوات على نطاق محدود كان في العادة من الأمور المألوفة.
لكن توسع السفارة والسفير أفقيا في الموسم الحالي الوشيك يدفع باتجاه علامة استفهام سياسية بكل حال، لكنها علامة ينبغي أن لا تفترض سوء النية، فقد يكون الهدف التقارب ومعالجة أزمة الثقة بين نخب البلدين، مع أن الكرم المفاجئ في التأشيرات شمل حتى نوابا في المعارضة.
وقد أحصت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر 168 انتهاكا من نظام آل سعود لحقوق القطريين في ممارسة الشعائر الدينية ممثلة في الحج والعمرة، ونددت اللجنة بتسييس الحج واستعمال الشعائر الدينية أداة للضغط السياسي.
ولم تستثنِ المملكة الراغبين بالحج والعمرة في قطر من إجراءات الحصار التي فرضتها للعام الثالث على التوالي، إذ لا يتمكن الحجاج القطريون والمقيمون من أداء فريضة الحج بسبب إغلاق الحدود أمام بعثات الحج والعمرة، ومنع الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، إلى جانب منع وجود بعثة قطرية للحج تتولى شؤون الحجاج وترعى مصالحهم.
وذكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر قبل أشهر أنها ستشرع قريبا بطرح مسألة منع القطريين والمقيمين من الحج والعمرة على طاولة اللجان والاجتماعات الدستورية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وكانت اللجنة الحقوقية قد بعثت وفدا إلى الولايات المتحدة في يوليو/تموز الماضي لعرض العراقيل السعودية التي تحرم القطريين والمقيمين في قطر من الحج، والتقى الوفد القطري الذي قاده رئيس اللجنة علي بن صميخ المري مسؤولين في الإدارة الأميركية والكونغرس.
كما خاطبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر، رئيس مجلس حقوق الإنسان في دورته 13 كولي سيك، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشيليه، وكذلك المقرر الخاص المعنيّ بحرية الدين والمعتقد بالأمم المتحدة أحمد شهيد، والمبعوث الخاص لحرية الدين أو المعتقد خارج الاتحاد الأوروبي جان فيغل.
وتأتي هذه الإجراءات من سلطات آل سعود في ظل الحصار الذي فرضته الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة على الدوحة منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017 بدعوى دعم قطر للإرهاب، وهو ما نفته الأخيرة متهمة دول الحصار الأربع بمحاولة المس باستقلالية وسيادة قرارها الوطني والتدخل في شؤونها الداخلية.
وفي ذات السياق في أحدث انتهاكات آل سعود بحق الفلسطينيين، منع آل سعود آلاف الحجاج الفلسطينيين من اللاجئين في سوريا ولبنان من أداء شعائر الحج لهذا العام بشكل تعسفي ومن دون مبرر.
وحتى من تم السماح لهم بالحصول على تأشيرة الحج، فإن نظام آل سعود تعمد التعسف بحجاج فلسطين والتنكيل بهم لدى وصولهم إلى المملكة لأداء شعائر الحج هذا العام.
وظهرت فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبين حجم معاناة حجاج فلسطينيين لساعات طويلة على حدود المملكة حيث افترشا الأرض حتى تم السماح لهم بالدخول.
واستنكرت منظمات حقوقية دولية رفض نظام آل سعود منح تأشيرات حج لحملة الوثائق الفلسطينية السورية على الرغم من استكمالهم الأوراق والشروط المطلوبة.
وتؤكد المؤسسات على أن نظام آل سعود مازال يعمل على تسييس الحج ويتجاهل معاناة الفلسطينيين خاصة الفلسطينيين المتواجدين في مخيمات اللجوء , وهذه لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها منع الفلسطيني من الحج والعمرة.
ويتخبط نظام آل سعود في تعاملها مع المسلمين وتستغل جميع الفرص لتوفير أماكن حج للموالين للنظام السعودي من سياسيين واعلاميين على حساب المسلمين حول العالم.
في هذه الاثناء اندلع حريق في سكن حجاج قطاع غزة في مكة المكرمة لولا لطف الله الذي حال دون خسائر في الأرواح وإصابات.
وقال مندوبو الهيئة في الحرمين بان الحريق كان نتيجة ماس في غرفة الكهرباء وبأنه قد تم المساعدة في اجلاء 700 حاج فلسطيني من الفندق.
وتعد الحادثة دليلا جديدا على فشل آل سعود في إدارة ملف الحج وتعرض حياة العديد من الحجاج للخطر بسبب إهمالها لهذا الملف الهام لجميع المسلمين واستخدامه لتحقيق أطماع المملكة السياسية والاقتصادية فقط.