أقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قبل يومين محافظ المهرة (شرق البلاد)، بعد أيام من اشتباكات شهدتها المحافظة بين قوات سعودية ويمنية من جهة، ومسلحين قبليين من جهة أخرى.
وحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ”، قرر الرئيس هادي، تعيين محمد ياسر محافظا لمحافظة المهرة، خلفا لراجح باكريت، الذي تم تعيينه عضوا بمجلس الشوري (الغرفة الثانية في البرلمان).
ولم يوضح القرار الرئاسي أسباب إقالة باكريت الذي تولى المسؤولية قبل عامين، غير أنه بحسب مصادر حكومية “يأتي في ظل استمرار الخلافات بينه وبين رئيس الحكومة وبعض أعضائها ومسؤولين محليين بالمحافظة على خلفية إدارته للمحافظة وخاصة الجانب المالي”.
كما صدر القرار، بعد أيام من اندلاع اشتباكات مسلحة بين قوات سعودية ويمنية من جهة ومسلحين قبليين على الطريق المؤدي إلى منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان، دون وقوع قتلى.
ومنذ نهاية 2017، دفع تحالف آل سعود بقوات تابعة له وآليات عسكرية وأمنية في تلك المحافظة، ضمن أطماع النظام للسيطرة على المحافظة ذات الموقع الاستراتيجي.
وانضم الزعيم القبلي راجح سعيد باكريت، أخيراً، إلى قائمة طويلة من محافظي اليمن الذين أطاح بهم عبدربه منصور هادي، خلال سنوات الحرب الخمس، وذلك بعد عزله من منصب محافظ المهرة.
وباكريت، هو أول محافظ يمني تتم الإطاحة به منذ مطلع العام الجديد، لكنه آخر ضحايا قائمة طويلة من المسؤولين المحليين الذين عزلهم هادي في المحافظات المحررة الخاضعة للشرعية أو تلك التي ما زالت تحت سيطرة جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).
فمحافظة المهرة، التي كانت آخر حلقات هادي في مسلسل الإقالات الغزيرة، شهدت تعيين ثالث محافظ منذ عام 2015، حيث كانت البداية مع السياسي محمد عبد الله كدّة، الذي استمر في منصبه حتى أغسطس/آب 2017، ليخلفه راجح سعيد باكريت، الذي صمد في منصبه حتى 23 فبراير/شباط الحالي، أي قبل يومين، ليحلّ محله محمد علي ياسر.
العاصمة المؤقتة عدن، كانت في صدارة المحافظات اليمنية التي شهدت أكبر سلسلة تغييرات لمحافظين منذ بدء الحرب، كان أولهم القيادي في المقاومة الشعبية، نايف البكري، في يوليو/تموز 2015. ولأن الإمارات التي كانت متحكّمة في زمام الأمور بعدن عقب تحريرها من الحوثيين، لم تكن راضية عنه، فقد تمّت إقالته ليخلفه في المنصب اللواء جعفر محمد سعد، أحد قادة المقاومة أيضاً ضدّ الحوثيين. لم يمكث سعد طويلاً في منصبه، فقد شغله لأقل من 3 أشهر، وذلك بعدما تمّ اغتياله بعبوة ناسفة استهدفت موكبه في عدن، في 5 ديسمبر/كانون الأول من عام 2015.
في اليوم التالي لاغتيال اللواء سعد، عيّن هادي العميد عيدروس قاسم الزُبيدي محافظاً لعدن، واستمر في منصبه حتى 27 إبريل/نيسان من عام 2017، إذ تمت الإطاحة به بسبب ولائه المطلق للإمارات، وتمرّده على الشرعية، ليذهب بعدها إلى تشكيل ما سُمي بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي ضمّ المطالبين بانفصال الجنوب عن شمال اليمن، وبدعم إماراتي مطلق.
عقب الإطاحة بالزُبيدي، عيّن هادي، في إبريل 2017، الاقتصادي البارز عبد العزيز المفلحي، محافظاً لعدن. وعلى الرغم من تحركات الأخير في محاولة للملمة الأوضاع في العاصمة المؤقتة، وتهدئة الاحتقان الحاصل عقب تشكيل المجلس الانفصالي، إلا أنّ المفلحي قدّم استقالته في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، جراء ما اعتبرها “عراقيل” أمام خططه، وحمّل الحكومة حينها مسؤولية تدهور الأوضاع في عدن.
وظلّ منصب محافظ عدن شاغراً منذ نوفمبر 2017 حتى نوفمبر 2018، إلى أن تمّ تعيين المهندس أحمد سالم ربُيّع محافظاً جديداً بشكل رسمي، بعد أن كان قائماً بالأعمال خلال فترة الشغور، ولا يزال في منصبه إلى الآن.
محافظة شبوة النفطية، كانت هي الأخرى مسرحاً للقرارات الرئاسية التي يصفها مراقبون بـ”الارتجالية”، حيث كانت البداية بتعيين العميد عبد الله علي النسي محافظاً لها في مايو/أيار 2015. وعلى الرغم من تدهور حالته الصحية التي حالت دون ممارسته مهامه، إلا أنّ هادي واصل إسناد المهمة له حتى سبتمبر/أيلول 2016، ليخلفه أحمد حامد لملس، القيادي الذي أصبح لاعباً بارزاً في طابور المسؤولين الموالين للإمارات والداعين إلى الانفصال.
وأقال هادي لملس من منصب محافظ شبوة بعد أكثر من شهر على تعيينه عضواً في المجلس الانفصالي الجنوبي، وذلك في يونيو/حزيران 2017، ليخلفه علي بن راشد الحارثي.
صمد الحارثي في منصب محافظ شبوة لأكثر من عام، قبل أن تتم إقالته في نوفمبر 2018، ليخلفه محمد صالح بن عديو، الذي لا يزال في موقعه إلى الآن، وخاض معركة شرسة مع الانفصالين والموالين للإمارات، في أغسطس/آب 2019، تكللت بدحر قوات “النخبة الشبوانية” التي دربتها الإمارات من مناطق شبوة كافة.
محافظة أرخبيل سقطرى، والتي تكمل عقداً كاملاً منذ قرار استقلالها الإداري عن حضرموت، شهدت كذلك تغيير 3 محافظين، لأنها كانت هي الأخرى مسرحاً للأطماع الإماراتية، حيث أطاح هادي في البداية بالمحافظ سالم عبد الله السقطري الذي كان موالياً للانفصاليين، ليخلفه في يونيو 2017 أحمد عبد الله السقطري، الذي فارق الحياة في إبريل 2018 جراء أزمة قلبية. وفي الشهر نفسه من العام ذاته، عيّن هادي رمزي محروس، محافظاً لسقطرى. وعلى الرغم من المؤامرات التي قادتها الإمارات عبر تجنيد آلاف القوات تحت ما يسمى بـ”النخبة السقطرية”، بهدف إسقاطه والسيطرة على مؤسسات الدولة، إلا أنه ما يزال صامداً في موقعه إلى الآن.
وفي الإقليم الشرقي ذاته من البلاد، شهدت محافظة حضرموت منذ بداية الحرب، تغيير 3 محافظين، حيث قدّم عادل باحميد، استقالته من منصبه، في يناير/كانون الثاني 2016، ليخلفه اللواء أحمد سعيد بن بريك، الذي استقطبته الإمارات، وأصبح عضواً في “المجلس الانفصالي الجنوبي”، ليطيح به هادي في يونيو 2017، ويخلفه اللواء فرج البحسني، الموجود في المنصب إلى الآن.
في محافظة تعز، جنوب غربي البلاد، لم يُعمّر المحافظون في مناصبهم طويلاً، حيث ظلّ منصب المحافظ شاغراً في العام الأول من الحرب، إلى أن تمّ تعيين البرلماني علي محمد المعمري، محافظاً في يناير 2016. ومع تدهور الخدمات جراء استمرار المعارك، وعدم انتظام صرف المرتبات، قدّم المعمري استقالته، ليخلفه أمين أحمد محمود في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017.
كانت أول كلمة للمحافظ الجديد على الوكالة الرسمية الإماراتية وليس اليمنية، ودخل في معارك جانبية مع الأحزاب والمكونات السياسية، حتى تمّت الإطاحة به بعد عام، ليخلفه الوزير السابق، نبيل شمسان، في ديسمبر 2018، وما زال يشغل المنصب إلى الآن.
محافظتا لحج وأبين جنوبي البلاد، شهدتا تعيين 5 محافظين لكل منهما. ففي ذروة المعارك مع الحوثيين، في مارس/آذار 2015، ومع غياب أجهزة الدولة، عيّن هادي، أحمد مهدي فضيل، قائماً بأعمال محافظ لحج، والخضر السعيدي قائماً بأعمال محافظ أبين، قبل أن يصدر قراراً رسمياً بتعيينهما كمحافظين في أغسطس من العام ذاته.
وبعد هدوء المعارك واندحار الحوثيين، عيّن هادي، ناصر الخبجي محافظاً للحج في ديسمبر 2015، غير أنه بعد انخراط الأخير في عضوية “المجلس الانفصالي الجنوبي”، عاد الرئيس اليمني وأطاح به من منصبه في ديسمبر 2017، ليخلفه اللواء أحمد عبد الله التركي الذي لا يزال في منصبه إلى الآن.
وفي أبين، استمر الخضر السعيدي في منصبه حتى مارس 2017، ليخلفه اللواء أبوبكر حسين سالم، الذي لا يزال محتفظاً بالمنصب حتى اللحظة.
محافظة الضالع، شهدت تغيير محافظين فقط، حيث تمّ تعيين فضل حسن الجعدي في يونيو 2015، قبل أن تتم الإطاحة به بعد انضمامه للمجلس الانفصالي الجنوبي في ديسمبر 2017، ليخلفه اللواء علي مقبل صالح، المحتفظ بموقعه إلى الآن.
وعلى الرغم من أنّ المحافظات المحررة كانت هي المسرح الأكبر للقرارات الرئاسية، إلا أنّ المحافظات التي ما زالت تحت سيطرة الحوثيين شهدت أغلبها تعيينات لمحافظين، لكنهم احتفظوا بمواقعهم منذ سنوات، ربما لأنهم يمارسون مهامهم من الرياض أو من عواصم عربية خارج اليمن.