تحالف آل سعود يصعد في المهرة واتهامات له بخرق التهدئة في اليمن
عزز تحالف آل سعود من تواجده العسكري في محافظة المهرة اليمنية في وقت تم اتهامه بخرق التهدئة المعلنة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.
وكشفت مصادر يمنية عن تعزيز قوات آل سعود تواجدها العسكري بمحافظة المهرة بحملة عسكرية مكونه من 18 قاطرة محملة بالأسلحة وذخائر والمصفحات والمركبات العسكرية والجنود قادمة عبر منفذ الوديعة ووصولاً الى المحافظة.
ورصدت المصادر آليات عسكرية لنظام آل سعود في طريقها إلى محافظة المهرة في وقت تتساقط جبهات بسبب نفاذ الذخيرة ويقتحم الحوثي معسكرات تخوم الحد الجنوبي.
واعتبرت أوساط يمنية أن تركيز نظام آل سعود على المهرة يعبر عن تغيير في المعادلة من عاصفة الحزم لتحرير اليمن إلى عواصف وأطماع وتكريس نفوذ واحتلال.
وذكرت الأوساط اليمنية أن تعزيز قوات آل سعود في المهرة يعتبر تكريس لمحاولات النظام المستميتة باحتلال المحافظة وضرب كل جهود قيادة السلطة المحلية التي تسعى إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى وضعه الطبيعي.
من جهتها قالت لجنة اعتصام المهرة إن “ما تقوم به قوات الاحتلال السعودي يعتبر تحديا واضحا للإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة عالميا ومحلياً لمواجهة فيروس كورونا فيما يخص منع التنقل بين البلدان والمدن”.
وأعلنت لجنة الاعتصام أنها ستعاود تفعيل وتصعيد أنشطتها السلمية والإعلامية رداً على تحركات “الاحتلال السعودي” ومطالبة السلطة المحلية والاحزاب والمكونات والقبائل والفئات والشرائح في المجتمع الوقوف صفا واحد لإيقاف التجاوزات والانتهاكات لسيادة المحافظة.
يأتي ذلك فيما اتهمت أوساط يمنية تحالف آل سعود بخرق وقف لإطلاق النار الذي بدأ الخميس الماضي، للمساهمة في مواجهة جائحة كورونا.
وقال المتحدث باسم قوات الجماعة، يحيى سريع، إن التحالف شن أكثر من 100 غارة جوية، خلال الـ72 ساعة الماضية، تركز معظمها على محافظتي مأرب (شرق) والجوف (شمال)، وفق قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين.
كما اتهمت الجماعة القوات التابعة للحكومة في محافظة الحُديدة (غرب) بارتكاب 82 خرقًا، خلال الـ24 ساعة الماضية، بينها تحليقات لطائرات تجسس، وقصف مدفعي، وإطلاق أعيرة نارية.
وأعلن التحالف الأربعاء الماضي، وقفًا لإطلاق النار في اليمن من طرف واحد، بدأ الخميس ويستمر أسبوعين، مع إمكانية تجديده، تلبية لدعوة أممية متكررة لوقف القتال لمواجهة الفيروس.
وأعلنت الحكومة تسجيل أول إصابة بالفيروس في اليمن، الذي يعاني انهيارًا في القطاع الصحي، جراء حرب مستمرة منذ 6 أعوام، وجعلت 80 بالمئة من السكان بحاجة لمساعدات إنسانية.
وبينما أعلنت الحكومة التزامها بمبادرة التحالف، اعتبرت جماعة الحوثي، أن هذه المبادرة بمثابة “تضليل وتدليس على العالم”.
بالمقابل، نقل المركز الإعلامي للجيش اليمني عن مصدر عسكري لم يسمه إن الحوثيين ارتكبوا 40 خرقًا، خلال الساعات الأولى من الأحد، بينها إطلاق صواريخ واستحداث خنادق وتحصينات وحشد تعزيزات.
وقد رأت مجلة ناشونال إنترست الأميركية أن وقف إطلاق النار في اليمن، لن يكتب له النجاح “فحتى لو حافظ السعوديون على الهدنة وسحبوا قواتهم في نهاية المطاف، فإن الحرب الأهلية ستستمر”.
وقالت المجلة في تقرير للباحثة في شؤون الشرق الأوسط أنانيل شيلاين: “يشير وقف إطلاق النار إلى أن السعودية مستعدة لإنهاء الحرب، لا سيما، إن كان ولي العهد محمد بن سلمان بحاجة إلى عذر للخروج من مأزق اليمن الذي ورط نفسه فيه دون الإقرار بالهزيمة، وربما رأى أن جائحة كورونا قد وفرت له هذا الغطاء”.
ويشير التقرير إلى أنه “رغم الترحيب به، فإن وقف القتال السعودي لن ينهي العنف في اليمن، فالفصائل المتحاربة داخليا لديها أهداف ومشروعات غير متوافقة”.
فالحوثيين قد غيروا من أهدافهم المعلنة من الحرب في اليمن، حيث باتوا يهدفون إلى أن يكونوا جزءا من ائتلاف حاكم ويحتمل أن يطالبوا بالسيطرة على الشمال، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
من جهة أخري، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، يدفع باتجاه استقلال جنوب اليمن، وفي الطرف الثالث تقف القوى الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية، والتي تتمنى إعادة تنصيبه رئيسا لليمن الموحد.
ولذلك، تعتقد المجلة أن “التوصل إلى وقف لإطلاق النار سيكون بينهم (الأطراف الداخلية) أكثر صعوبة من إقناع السعوديين بالانسحاب من معركة خاسرة”.
وبالنسبة لمؤيدي الرئيس هادي والعديد من اليمنيين الذين يرفضون الحوثيين، فإن وقف إطلاق النار الدائم سيتطلب من المجموعات المتحاربة التخلي عن أسلحتهم ومواجهة العدالة للجرائم التي ارتكبوها، بما في ذلك أكثر من 2000 ضحية مدنية، ومع ذلك، فإن الحكومة الشرعية لديها موقف ضعيف، خاصة مع الخروج السعودي المحتمل.
في هذه الأثناء، فإن الحوثيين لهم اليد العليا، فقد عززوا مواقعهم العسكرية في الأسابيع الأخيرة حين اكتسبوا أراض في محافظتي الجوف ومأرب شمالي اليمن.
ومن المعروف أن مأرب كانت آخر معاقل حزب الإصلاح الإسلامي القوي، والقوى الأخرى الموالية للرئيس هادي، إلا أن الحوثيين تمكنوا من استعادة موقع عسكري إستراتيجي من القوات المتحالفة مع السعودية على الحدود.
ومن المرجح أن يكون الحوثيون قد أقدموا على هذه الخطوة من أجل الحصول على موقف أفضل لعملية التسوية السياسية التي ستتبع وقفا ناجحا لإطلاق النار، في حين أن السعوديين ربما قرروا تنفيذ وقف إطلاق النار قبل تقدم الحوثيين في مواقفهم.
لكن شروط وقف إطلاق النار الحالية قد تكون غير كافية للحوثيين، حيث أن إنهاء الحصار يعتبر المطلب الأساسي لهم قبل الشروع في أي تسوية سياسية.
وينقل التقرير عن كايت كيسر، مديرة السياسة في مؤسسة الانتصار بدون حرب، أنه “يجب على الولايات المتحدة دعم وقف إطلاق النار من خلال دعوة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي إلى تعليق الأعمال العدائية على الفور بينما تحث السعوديين على تمديد الهدنة إلى ما بعد أسبوعين”.
وترى كيسر أنه “بات من الضروري أن تظهر الولايات المتحدة دعمها للمفاوضات بين السعودية والحوثيين والفرق المتحاربة في الداخل اليمني من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ودائمة للصراع”.
إلا أنه ولسوء الحظ، ربما لم تصل الأطراف المتحاربة الداخلية في اليمن إلى قناعة تمكن وقف إطلاق النار من النجاح، لكن من الممكن أن يكون السعوديون قد وصلوا لتلك القناعة في النهاية، وفق تقديرها.
إلا أنه من شأن تقييم متفائل أن يفسر إمكانية نجاح وقف إطلاق النار لأن المملكة العربية السعودية تفتقر إلى الموارد والقدرة لمواصلة الأعمال العسكرية ضد الحوثيين في اليمن.
ويعزز من ذلك مغادرة موظفي شركة الدفاع البريطانية BAE Systems، التي كانت تحتفظ بقاذفات بريطانية الصنع يستخدمها السعوديون، فجأة، من مركز العمليات الجوية السعودية في الرياض بسبب مخاوف الإصابة بجائحة كوفيد – 19 ، مما قلل بشكل كبير من قدرة المملكة على تنفيذ عمليات القصف.
علاوة على ذلك، فإن انتشار كورونا يمثل مشكلة متزايدة داخل المملكة، حيث أن حالات الإصابة هناك آخذة في الارتفاع بما في ذلك بين العائلة المالكة، على الرغم من جهود الحكومة المبكرة لمنع الفيروس من دخول البلاد.
كما يبدأ شهر رمضان في أواخر أبريل/نيسان، والحج في أواخر شهر يوليو/تموز، وليس من الواضح حتى الآن كيف ستدير السعودية ملايين الحجاج الذين يخططون للسفر إلى مكة والمدينة، حيث سيعتبر تعليق الحج خطوة غير مسبوقة، من المرجح أن تثير غضب المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وينتقل التقرير إلى عامل آخر لا يقل أهمية عما سبق ذكره يؤشر إلى احتمالية عدم قدرة السعودية على إنجاح وقف إطلاق النار في اليمن، حيث دخلت حكومة الرياض أيضا في حرب أسعار النفط مع روسيا.
ففي حين أدى قرار السعودية زيادة الإنتاج إلى التسبب في خسائر فادحة لمنتجي النفط الأميركيين، فقد أضر هذا القرار بالعلاقات الأميركية السعودية إلى الحد الذي طالب فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب السعوديين والروس بخفض الإنتاج.
وبدا أنهم توصلوا إلى اتفاق للحد من إنتاج النفط في 9 أبريل/نيسان 2020، في حين ارتفع سعر النفط ردا على ذلك، إلا أنه لا يزال منخفضا.
وتقوض أسعار النفط الضعيفة تحقيق رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعام 2030، بعد أن رفعت بالفعل توقعات المواطنين السعوديين بشأن التحول المقترح لاقتصاد ومجتمع الدولة.
ويرى التقرير أن أسعار النفط المنخفضة التي تفاقمت بسبب جائحة الفيروس التاجي أضرت بفرص تحقيق أهداف ابن سلمان “الطموحة”. من هنا، قد يكون دفع الأموال والجنود في حرب خاسرة في اليمن قد أصبح أخيرا ومكلفا للغاية.
ويشير التقرير إلى أنه ربما يكون هناك تفسير يدفع وقف إطلاق النار إلى عدم النجاح، حيث أنه من المحتمل أن تكون السعودية قد لجأت إلى القرار لمدة أسبوعين من جانب واحد كإحدي حملاتها للعلاقات العامة وتحسين صورتها.
فالرياض بذلك “ارتأت أخذ الجانب الأخلاقي في الأزمة بسبب جائحة كورونا، وعلى الجهة الأخرى تثبت أن الحوثيين مسؤولون عن الكارثة الإنسانية في اليمن، اذا استمرت المليشيا في الأعمال العدائية والعسكرية، وهو أمر محتمل حيث هاجم الحوثيون القوات السعودية بقذائف صاروخية، وربما تستخدم هذا الأمر كذريعة لاستمرار حربها”.
وفي هذا الاتجاه، نفذت المملكة حملات علاقات عامة أخرى لتلميع “سمعتها المشوهة”، بشكل رئيسي في اتجاه ولي العهد، حيث ساعدت مبادرات مثل السماح للنساء بقيادة السيارات وفتح دور السينما في محاربة صورة السعودية على أنها “كارهة وتمارس العنف ضد المرأة”.
وتقول المجلة الأميركية: “لأن محمد بن سلمان يدرك تماما أن عمليات وقف إطلاق النار السابقة – بما في ذلك في ديسمبر 2015 وديسمبر 2018 وسبتمبر 2019 – لم تستمر، عادة نتيجة لعدوان الحوثيين إذا انتهكوا الهدنة، فيمكن للمملكة أن تدعي أنها تريد إنهاء الحرب، لكن الحوثيين لا يمنحونها أي خيار سوى مواصلة القتال”.
كما أن المملكة تتولى الرئاسة السنوية لمجموعة دول العشرين، ومن المقرر أن تستضيف القمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على الرغم من أنه لم يتضح بعد كيف سيؤثر الوباء العالمي على الحدث.
ويقول التقرير: إن “الخطأ الكبير في الكارثة الإنسانية باليمن يقع على عاتق الولايات المتحدة التي ساعدت السعوديين على شن هجمات أكثر دقة – ومع ذلك فإن أكثر من 8000 مدني يمني قتلوا في غارات جوية للتحالف”.
وتؤكد المجلة أن “الولايات المتحدة اتبعت السعودية بشكل أعمى في هذه الحرب، والتزمت بشعار الوقوف إلى جانب حلفائها، ومع ذلك، لا ينبغي للتحالف أن يطلب من واشنطن الاستغناء عن تحليل التكلفة والعائد الجيوسياسي الخاص بها”.
ومن المؤكد أن الدعم الذي لا جدال فيه لسياسات السعودية، أضر بالمصالح الأميركية وخفض نفوذ واشنطن على الرياض.
لكن تقول المجلة: “يمكن للرئيس دونالد ترامب تصحيح هذا الخطأ الآن بالضغط على السعودية لتحويل الهدنة إلى وقف كامل للعنف، بغض النظر عن انتشار كوفيد 19 أو نتيجة المفاوضات النفطية مع موسكو”.