تعدت جرائم النظام السعودي بحق المعتقلين الحقوقيين والسياسيين في سجونه إلى ملاحقتهم حتى بعد خروجهم من تلك السجون عبر المنع من السفر.
ومن بين سلسلة انتهاكات حقوقية، يخضع لها المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام السعودي، لن يكون بإمكان المئات منهم مغادرة المملكة بعد نيل حريتهم.
وعلى سبيل المثال، حكم النظام السعودي، قبل أيام على الناشطة لجين الهذلول بالسجن 5 سنوات و8 أشهر.
وكشفت عائلة الهذلول أن العقوبة السعودية تشمل أيضا منع لجين من السفر لمدة 5 سنوات.
وقال حساب “معتقلي الرأي”: إن سلطات آل سعود تُعاقب معتقلي الرأي بإصدار أحكام سجن ضدهم، وبعدها منعٌ من السفر لفترة مماثلة، وكأنهم مجرمون.
وأكد “معتقلي الرأي” أن الهدف الحقيقي للنظام السعودي من وراء عقوبة المنع من السفر، هو خشيته من خروج المعتقل فوراً خارج المملكة بعد الإفراج عنه.
وأضاف: أن النظام السعودي يخشى فضح وكشف جرائمه وانتهاكاته الحقوقية أمام المنظمات الدولية والعالم أجمع.
تُعاقب السلطات معتقلي الرأي بإصدار أحكام سجن ضدهم، وبعدها منعٌ من السفر لفترة مماثلة، وكأنهم مجرمون.
الواقع أن السلطات تخشى أن يخرج الفرد منهم فوراً خارج المملكة بعد الإفراج عنه ويتحدث ويكشف حقيقة الانتهاكات والقمع في السجون.— معتقلي الرأي (@m3takl) January 9, 2021
سلاح ولي العهد
ورأي المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس، إن الأمير محمد بن سلمان، يستخدم قيود المنع من السفر لتوطيد دعائم حكمه.
وقال إن “منع السفر” يقوم على استفزاز آلاف السعوديين من خلال تقييد حركتهم، فقط لأن ولي العهد يتعامل معهم كتهديد سياسي.
وكشف تحقيق حول سياسات منع السفر إلى الخارج بأنها أوسع مما هو معروف، فهي وسائل قمع منظمة للاضطهاد.
واستخدم بن سلمان هذه الوسائل لكي يعزز من قبضته على الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة من والده، الملك سلمان.
ويقول سعوديون ومحللون أمريكيون، إن عدد الذين مُنعوا من السفر ربما زاد على الآلاف.
ولا يعرف الذين مُنعوا من السفر عن وضعهم إلا عندما يذهبون إلى المطار أو يحاولون اجتياز نقاط مراقبة الحدود.
ويتم وقفهم ويخبرون أنهم لا يستطيعون العبور بناء على أمر من أمن الدولة الذي يدار عبر البلاط الملكي.
وعادة لا يُمنح هؤلاء تفسيرا أو تُقدم إليهم أسباب حول المنع.
ويعتقد عدد منهم أن المنع هو محاولة للضغط أو إجبار من يراهم محمد بن سلمان تهديدا عليه للعودة إلى المملكة.
قائمة طويلة
وتبدأ قائمة المنع من عائلة الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي أدت وفاته إلى “لعبة العروش” والتنافس داخل المملكة التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
وبحسب رجل أعمال غربي قريب من عائلة الملك عبد الله، فقد تم منع 27 ابنا وبنتا من أبناء الملك الراحل من السفر إلى الخارج منذ عام 2017.
بالإضافة إلى منع ما بين 52-57 حفيدا وحفيدة من السفر إلى الخارج.
ويعتبر الـ300 شخص أو أكثر ممن اعتقلوا في فندق ريتز كارلتون الجزء الأكبر من مجتمع الممنوعين من السفر.
وتشمل المجموعة أسماء رجال أعمال وقادة مال في المملكة، مثل الأمير الوليد بن طلال الذي استثمر في فنادق ومصارف حول العالم.
وبالإضافة لحالات فندق ريتز، اعتقل محمد بن سلمان 131 من الرموز السياسية والدينية منذ أيلول/ سبتمبر 2017 وذلك بحسب قائمة أعدتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وتمنع عائلات المعتقلين من السفر أيضا.
انتهاك لحقوق الإنسان
واعتبرت المنظمة الحقوقية منع هذه العائلات من السفر كجزء من انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وجاء في التقرير: “عاقبت السلطات أفراد العائلة عبر فرض منع تعسفي للسفر إلى الخارج أو تجميد حساباتهم وحصولهم على الخدمات”.
وكشفت حالة اعتقال الداعية سلمان العودة في 10 أيلول/ سبتمبر 2017 عن الكيفية التي يعمل فيها نظام المنع.
فقد قام شقيقه خالد بنشر خبر اعتقاله عبر تويتر وتم اعتقاله بعد يومين.
وتقول جماعات رقابة حقوق الإنسان في السعودية إنهما لا يزالان معتقلان. ومُنع منذ ذلك الوقت 17 فردا من عائلة العودة وبعضهم تحت سن العاشرة من السفر.
وكان عبد الله الباحث في جامعة جورج تاون خارج السعودية عندما اعتقل والده.
ورفض مطالب بالعودة إلى المملكة حيث علق قائلا: “هذه ممارسة معروفة الآن في السعودية”.
وتابع “يستخدمون هذه الأساليب لتهديد أو استفزاز أو إسكات العائلة”.
وركزت وزارة الخارجية الأمريكية على حالات منع سفر طالت مواطنين أمريكيين من حملة الجنسية المزدوجة.
وإحداها كانت حالة الطبيب والنجم التلفزيون وليد الفتيحي، وكذلك صلاح الحيدر وبدر إبراهيم.