يحتكر ولي العهد محمد بن سلمان عشرات المناصب في مختلف أشكال صنع القرار في المملكة بدون امتلاكه بأي كفاءة مناسبة أو إضافته مكاسب في تعبير عن صورة من صور الاضطراب الداخلي والفشل الخارجي.
ويؤكد المتتبّعون لسيرة بن سلمان أنه يعاني من “داء العظمة” الأمر الذي يجعله يسعى للبروز والتميّز ولو إعلاميًا، مقابل قلة المواهب والإمكانات التي يمتلكها.
إذ أن ملامح شخصيته تجسّدت في أكثر من سلوك منها عدم تقبّله للنقد والتقويم، واعتقاله للكفاءات التي انتقدت رؤية 2030 أحد أمثلة ذلك.
وحتى يتجاوز بن سلمان جزءً من نقصه الداخلي، تقلّد مناصب كثيرة في المملكة، ليوهم الشعب بتعدّد مواهبه، ولكن غاب عن إدراكه أن تعدّد المناصب (وفي تخصصات متباينة) هو علامة نقص وجهل لا كمال وتميّز.
إذ أن العالم الحالي اليوم يعيش عصر التخصص، ولا يمكن لأي إنسان أن ينال التميّز في جميع المجالات، بحسب ما أبرز الباحث السعودي فهد الغفيلي.
ويظهر أنه من الصعب إحصاء مناصب بن سلمان لكثرتها إذ يمكن رصد العشرات فيما يؤكد الواقع أن ولي العهد لا يقبل بالعمل تحت أي مسؤول يوجّهه، وما خلا منصبه كـ “نائب” رئيس مجلس الوزراء، فقد ترأس بن سلمان أي مؤسسة يشارك فيها.
وقد حصل بن سلمان على مناصبة العديدة بطرق شتى، لا علاقة لها بمواهبه وإمكاناته، فما بين دعم والده الملك وانقلابه على ولي العهد السابق محمد بن نايف، إلى استحداث هيئات ومؤسسات جديدة ليترأسها بنفسه، واستبدال اسماء مؤسسات سابقة بأسماء جديدة تولّى رئاستها، كانت مناصبة الكثيرة.
ومن المفارقات المضحكة أن أول منصب سياسي شغله بن سلمان كان منصب “مستشار متفرغ في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء “.
وهنا يتساءل المراقبون من أين جاءت مؤهلات “المستشار”، وفي “هيئة الخبراء”، وفي أعلى سلطة في الدولة “مجلس الوزراء”، لولا دعم والده؟ والذي عيّنه لاحقًا “مستشارًا خاصًا” لأمير الرياض.
ومنذ أن تولى ابن سلمان ولاية العهد، أصبح الحاكم الفعلي للمملكة ومبرمج سياساتها الخارجية. فقاد المملكة لتقاطعات وخصومات مع كل من قطر وتركيا ولبنان، وهمّش دورها العربي والإسلامي والإقليمي، ورسم سياسة تقارب مع أعداء المسلمين كالهند وفرنسا، وتمادى في تقديم الامتيازات لإسرائيل.
وفي منصبه كـ “وزير الدفاع”، جرّ المملكة لحرب عبثية في اليمن تعهّد فيها بالقضاء على ميليـ.شيا الحوثي والوصول لقلب عاصمة أسيادهم في إيران.
ولكنّ النتيجة كانت وصول صواريخ الحوثي لمعظم مدننا ومنشآتنا النفطية ليخرج بهدنة مخزية ورضوخ مذلّ، فضلًا عن مليارات الدولارات التي تم هدرها.
وعمد ابن سلمان لتغيير “مسمّيات” العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية السابقة وأطلق عليها أسماء جديدة، وتولّى رئاستها لينسب تأسيسها ونجاحها (إن حصل) لنفسه ويمحو تاريخ وإنجازات الملوك السابقين.
وذلك في خطوة تؤكد اضطراب شخصيته الداخلية ورغبته في نسب أي نجاح لنفسه وتجاهل ما قدّمه أسلافه.
وأبرز المؤسسات التي غيّر أسماءها وتولّى رئاستها:
* مجلس الشؤون السياسة والأمنية، بديلًا لـ “مجلس الأمن الوطني السعودي”
* الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، بديلًا لـ “الإدارة المركزية للمساحة”
* الهيئة الملكية لمدينة الرياض، بديلًا لـ “هيئة تطوير مدينة الرياض”
كما قام بن سلمان باستحداث عشرات المؤسسات والهيئات في عدة تخصصات وتولّى رئاستها، ليؤكّد تعطّشه للمناصب ويحاول إثبات ذاته وتقديم نفسه كـ “زعيم تاريخي” و”مُلهم” للمملكة.
وأهم المؤسسات التي استحدثها بن سلمان وتولّى رئاستها:
*مؤسسة مسك الخيرية-2011
*مركز الملك سلمان للشباب-2012
* مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية-يناير 2015
* صندوق الثروة السيادي (نقل مرجعيته من وزارة المالية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية)-مارس 2015
* شركة القدية للاستثمار -أبريل 2017
* الهيئة الملكية لمحافظة العلا-يوليو 2017
* هيئة تطوير بوابة الدرعية-يوليو 2017
* شركة البحر الأحمر للتطوير-يوليو 2017
* نادي الإبل-يوليو 2017
* نادي الصقور-يوليو 2017
* الهيئة العامة للصناعات العسكرية-أغسطس 2017
* شركة نيوم -أكتوبر 2017
* صندوق التنمية الوطني-أكتوبر 2017
* لجنة مكافحة الفساد-نوفمبر 2017
* المحميات الملكية السعودية-يونيو 2018
* الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة-يونيو 2018
* اللجنة العليا للمواد الهيدروكربونية-يوليو 2018
* مجلس “أمالا”-سبتمبر 2018
* مؤسسة هيفولوشن الخيرية-ديسمبر 2018
* مشاريع الرياض الكبرى-مارس 2019
* اللجنة العليا للمواد الهيدروكربونية-يوليو 2018
*مجلس “أمالا”-سبتمبر 2018
*مؤسسة هيفولوشن الخيرية-ديسمبر 2018
*مشاريع الرياض الكبرى-مارس 2019
*مؤسسة المسار الرياضي-مارس 2019
*الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي-أغسطس 2019
*اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار -مارس 2021
وبعيدًا عن شعور النقص الذي يدفع بن سلمان لتولّي كل هذه المناصب، وعن المخصصات المالية الضخمة التي يتلقّاها (باعتبار تحكّمه في موارد البلد وثرواته)، فإن نظرة سريعة لهذه المؤسسات تؤكد غياب الإنجازات عن معظمها لسببين رئيسين:
1- الكثير منها أٌسّس للتفاخر
2- تسلّط بن سلمان عليها
ومن أهم دلالات مناصب بن سلمان الكثيرة:
* تعويض جزء من النقص الداخلي الذي يشعر به بسبب مرض “داء العظمة” الذي يُعاني منه
* تسهيل التحكم بمقدرات البلد وتسييرها وفق هواه ورؤيته
* مواجهة الخوف المتعاظم من تنامي نفوذ الأمراء داخل الأسرة المالكة وقطع الطريق عليهم لإزاحته من الحكم
إقصاء المتخصصين والناقدين وأصحاب الكفاءات باتت السمة السائدة في عهد ابن سلمان، والتي تركت انعكاساتها ونكساتها على مختلف الأصعدة.
ليصبح شعار المرحلة: نفّذ بدون أن تفكّر أو تناقش، وإن لم تفعل سيكون مصيرك الإقصاء والتهميش، إن سلمت من الاعتقال والعقوبات.