لم يمثل الإقرار الضمني لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول سحب بطاريات باتريوت ومقاتلات وجنود من الأراضي السعودية، مفاجأة للكثير من المراقبين لأوضاع المملكة السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وتمثل قرار (البنتاغون)، بسحب منظومة الدفاع الصاروخية باتريوت، وجنود ومقاتلات أمريكية، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” التي قالت إن واشنطن تدرس أيضا تخفيض تواجدها البحري في منطقة الخليج. وكان إرسال قوات أميركية للمملكة عقب هجمات طائرات مسيرة ضد منشآت النفط السعودية العملاقة في 14 سبتمبر/ أيلول 2019 وذلك في ثالث هجوم من هذا النوع خلال خمسة أشهر على منشآت تابعة للشركة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن “هناك دولا غنية نحميها مقابل لا شيء، وإذا كنا نقدم الحماية لبعض الدول فعليها احترامنا”.
وأضاف ترامب في تصريحات صحفية خلال اجتماعه مع حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت، أمس، أن المملكة دولة غنية وقد أبدت استعدادها لتحمل بعض النفقات، التي لم يسبق لرئيس أميركي آخر أن طالب بها، وذلك في إشارة لموافقة الرياض على تحمل أعباء نشر قوات أميركية في الأراضي السعودية في أغسطس/آب الماضي.
وهو ما ذهب إليه، الخبير العسكري الأمريكي دي روش إلى أن السعودية تمتلك نظام باتريوت للدفاع الصاروخي يعمل بكفاءة، وقد أسقطوا أعدادا كبيرة من الصواريخ المهاجمة من اليمن.
إلا أن دي روش أشار إلى أن ما يستدعي الاهتمام ليس انسحاب القوات الأميركية، بل ما تسعى إليه المملكة السعودية من تدويل حمايتها.
وقال: “إن علينا الانتباه ربما لإرسال اليونان أنظمة صواريخ باتريوت الدفاعية وعناصر عسكرية لتشغيلها في المملكة السعودية قريبا، وهو ما سيعد خطوة مهمة نحو تدويل حماية المملكة”.
وكانت حكومة اليونان أعلنت قبل نهاية العام الماضي أنها سترسل بعض صواريخ باتريوت إلى السعودية لحماية البنى التحية الحيوية في مجال الطاقة، على أن يتوجه نحو 130 عسكريا يونانيا إلى المملكة لتشغيل وصيانة المنظومة الدفاعية.
وأشارت تقارير إخبارية إلى أن الرياض ستتحمل التكاليف المادية لهذه التحركات، في حين أشارت تقارير أخرى إلى احتمال مشاركة إيطاليا أيضا في هذا البرنامج.
وكان السيناتور الجمهوري كيفين كريمر قد طلب قبل بضعة أيام من الرئيس الأميركي سحب قوات بلاده وأنظمة الدفاع الجوية من أراضي المملكة ردا على خوض الرياض حربا نفطية عقب انهيار اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط مع روسيا لتمديد اتفاق خفض الإنتاج النفطي ودعم أسعار الخام في الأسواق العالمية.
ونشرت وكالة رويترز قبل أسبوع تقريرا خاص قالت فيه: إنها علمت من مصادرها أن الرئيس ترامب هدد في خضم الحرب الأخيرة في أسواق النفط بقطع الدعم العسكري الأميركي عن السعودية إذا لم تتوقف عن إغراق الأسواق، وذلك في مكالمة أجراها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2 أبريل/نيسان الماضي.
وتعليقا على القرار، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إنه يتم بوتيرة روتينية نقل القوات والأسلحة للتعامل مع التهديدات الناشئة والحفاظ على الجاهزية.
وأضاف المتحدث باسم (البنتاغون) شون روبرتسون أن (البنتاغون) يحتفظ بقدرات متينة في الميدان بما فيها أنظمة دفاع جوي للتعامل مع أي حالات طوارئ تتعلق بإيران.
لكن وكالة أسوشيتد برس قللت من التصريحات السابقة، وقالت إنه ليس من الواضح ما إذا كان النزاع النفطي المستمر أو الخلاف على نسخة أخرى من الباتريوت ترغبها الرياض، هو العامل في قرار أميركا سحب بعض قواتها ومعداتها.
ونوهت الوكالة أن الخطوة الأميركية تأتي في الوقت الذي أرسلت فيه الولايات المتحدة أنظمة باتريوت للعراق لحماية القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها هناك، والتي تعرضت لهجوم صاروخي إيراني في وقت سابق من هذا العام.