تشهد المملكة توترا غير مسبوق هذه الايام بفعل تأزم الحرب الاجرامية على اليمن ونجاح جماعة الحوثين في احداث شلالا غير مسبوق لإمدادات النفط في المملكة فيما يبدو الملك سلمان خارج المشهد تماما.
هاتف ولي العهد محمد بن سلمان الرئيس الامريكي دونالد ترامب وعدد من الزعماء في الاقليم والعالم لبحث التوتر الشديد مع جماعة الحوثيين ومن خلفها إيران فبدا وكان الامير الشاب يفرض نفسه قائدا وحيدا للملكة متعمدا تغيب والده العجوز.
ومنذ اللحظة الأولي التي تسلم بها محمد بن سلمان منصب ولي العهد في منتصف عام 2017والمملكة تعاني حالة من الغموض والارتباك وتتورط بحروب وتدخلات عدوانية تعود عليها بالأزمات.
ومع تفجر الوضع في المملكة بسبب هجوم جماعة الحوثيين على أكبر منشأتين نفطيتين في العالم شرق المملكة ظل الملك سلمان صامتاً ولم يخرج بتصريح يذكر، في حين خرجت تصريحات وصفت بـ”الانفعالية” من ولده محمد، الذي طالما وصفته تقارير غربية بـ”المتهور”.
ورغم أن الملك سلمان هو من يتلقى الاتصالات ويجريها مع الزعماء الآخرين، فإن ولده محمد ضمن سيطرته على مقاليد الحكم- وضع يده على السياسات الخارجية والقرار الرسمي، وأصبح هو من يتصدر المشهد بدلاً من والده، خصوصاً في الأشهر القليلة الماضية.
من ذلك الاتصال الهاتفي الذي جرى بين بن سلمان والرئيس الأمريكي والذي أظهر مجددا أن واشنطن ترى أن ولي العهد هو الحاكم الفعلي للمملكة بل أنها دفعت به إلى هذا المنصب بوصفه الحليف المنفذ لسياساتها وتوجهاتها.
والغياب المثير للملك سلمان عن المشهد رغم التوتر الحاد الذي تعانيه المملكة، يؤكد التقارير المتواترة عن تدهور شديد في صحته لدرجة إصابته بمرض الزهايمر.
ونشر مغردون من المملكة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أن هناك غضباً يسود أوساط العائلة الحاكمة بسبب ما اكتشفوه مؤخراً بعد مكالمتهم للملك سلمان أو مقابلته شخصياً، بشأنه إصابته بالزهايمر.
ووصف المغردون أن صاحب القرار الحقيقي هو محمد بن سلمان حتى أنهم أصبحوا يطلقون عليه اسم “الملك الذهبي”.
ونشر البعض أن الشكوى لن تنفعهم للملك لأنه ينسى بعد دقائق ثم ينتقم منهم ابنه محمد بن سلمان، وليس لديهم جرأة أن يعلنوا أن الملك عاجز عقلياً فكلهم جبناء مترددون.
وأحدث بن سلمان ثورة بنظام الحكم حيث بدأ بالارتقاء سريعا منذ العام 2015 بعد أن شغل مناصب عدة منها وزير الدفاع، ورئيس الديوان الملكي، والمستشار الخاص للملك قبل مبايعته، قبل أن ينقلب على الأمير محمد بن نايف، ويزيحه من منصب ولي العهد ويتولى مكانه.
ومنذ ذلك غير بن سلمان نظام الحكم بالمملكة الذي يمتد إلى 85 عاما إلى نظام “أوتوقراطي”، يكون فيه الحكم للفرد الواحد وليس للعائلة كلها.
وشهدت المملكة عدّة أحداث أثارت ضجة إعلامية واسعة؛ مثل اعتقال الناشطين والدعاة والعلماء، وجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وغيرها من القضايا التي أساءت لسمعة المملكة التي كان آخرها حملات الاعتقال التي طالت الفلسطينيين المتواجدين داخل المملكة، ومحاولته الدائمة بالظهور بمظهر الحاكم للبلاد.
صحيفة “جورنال دو ديمانش” الفرنسية، نشرت في ديسمبر 2017، تقريراً كشفت فيه عن عدة جوانب من شخصية محمد بن سلمان.
ووصفت الصحيفة انقلاب بن سلمان علي أبيه وصل إلى حد الرد على المكالمات الهاتفية الموجهة للملك سلمان بن عبد العزيز، مؤكدة أنه بدأ يبرز على الساحة السياسية شيئاً فشيئاً متخفياً في ظل والده الملك.
وحسب ما جاء في التقرير ان بن سلمان يبدي استبداداً وعناداً في أسلوب حكمه، بالإضافة إلى أنه يعد أقوي طرف في الحرب الدائرة في اليمن، علاوة على مساهمته في تأجيج حالة من عدم الاستقرار التي تعصف بالشرق الأوسط.
جورنال دو ديمانش وصفت بن سلمان بالمريض النفسي حيث أشارت إلى أن بن سلمان ما زال يعاني ضرراً نفسياً عميقاً لأزمة منذ الصغر، حيث دأب إخوته غير الأشقاء على النظر إليه بتعالٍ، ما دفعه للعمل على تغيير ذلك بشتى الطرق.
صحيفة “الغارديان” البريطانية كشفت , تفاصيل خطيرة لما وصفته بتزايد الخلافات بين الملك سلمان ونجله محمد، الذي قالت إنه ربما خطط للانقلاب على والده البالغ من العمر 83 عاماً، خلال سفره الأخير إلى مصر.
ونشرت الصحيفة ان هناك موجة خلافات كبيرة حدثت بين الملك سلمان وللده محمد علي عدة قضايا سياسة هامة من ضمنها الحرب باليمن، كما تحدثت المصادر عن قلق يتنامى من خلافات بين الملك وابنه منذ حادثة مقتل خاشقجي في مبنى قنصلية المملكة بإسطنبول، في الثاني من أكتوبر الماضي.
وأشارت الصحيفة ان التوتر يزداد بشكل كبير بحسب ما نقلت الصحيفة، عندما زار الملك سلمان مصر، حيث تم تحذيره من قبل مستشاريه من وجود خطر محتمل وتحرك ضده.
وفي حينه شعرت حاشية الملك بقلق شديد من تهديد محتمل لسلطة الملك، ما دفع إلى تكليف فريق أمني يتألف من 30 عنصراً من الموالين للملك تم اختيارهم بعناية من وزارة الداخلية ليرافقوا الملك في رحلته إلى مصر بدلاً من فريق الحراسة السابق.
وافادت الصحيفة إلى أن بن سلمان، بن سلمان استغل غياب والده لحضور القمة العربية الأوروبية في مصر وأعلن عن تغييرات شملت تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في أمريكا، وتعيين شقيقه خالد بن سلمان نائباً لوزير الدفاع، وهو المنصب الذي يحتفظ به محمد بن سلمان.
وكشفت المصادر أن تلك التعيينات تمت من دون علم الملك، ما أثار غضبه بسبب ما اعتقد أنه تحرك سابق لأوانه لمنح خالد دوراً أكبر، موضحة أنه لم يسبق أن قام نائب الملك بتوقيع مراسم كالتي قام بها محمد بن سلمان خلال غياب والده، منذ عقود، مؤكدة أن الملك وفريقه علم بتلك التعيينات من التلفزيون.
وقالت الغارديان إن الملك سلمان سعى لإصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالسعودية من جراء جريمة القتل التي استهدفت جمال خاشقجي، كما أن فريقه دفعه من أجل المشاركة بشكل أكبر في صنع القرار لمنع ولده محمد من الاستحواذ على مزيد من السلطات.
في أواخر 2017 يقول بيري كاماك، وهو زميلٌ بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في تصريحات نقلتها عنه وكالة “فرانس برس: “لا يمكنني الجزم متى يعتلي محمد بن سلمان العرش، لكنَّ انتقال السلطة الحقيقيّ قد بدأ بالفعل، إنَّه الحاكم الفعلي للسعودية الآن”.
وأضاف: “الآن وقد خرج الجيل الأقدم من المشهد وجرى إقصاء منافسيه صغار السن، هُيّئ الأمر لمحمد بن سلمان ليتمتّع بسيادةٍ على المملكة لَم تُرَ منذ حُكم عبد العزيز، الذي أسس المملكة الحديثة في ثلاثينيات القرن الماضي”.
وتابع: “ينتهج بن سلمان حملة قمعٍ للمعارضة، وأخرى لإغواء الشباب ونيل رضاهم كما هو الحال مع الترفيه، حيث يحاول الملك المنتظر محمد بن سلمان إحكام قبضته على السلطة في المملكة “.