أعلن مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية عن مشروع “الحملة الدولية لحماية المعارض العربي” التي تهدف إلى تسليط الضوء على تضحيات المعارضين السياسيين العرب، والدفاع عنهم، وحمايتهم، وحشد الجهود لتمكينهم من أداء رسالتهم النبيلة.
وتعمل الحملة على جعل يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام “يوما عالميا للمعارض العربي”، تُقام فيه الفعليات التي تعرّف بالمعارضة العربية، و”الظروف بالغة القسوة التي لايزال يعيشها هذا الجزء من العالم، وتطالب الحكومات التي تحتفظ بعلاقات متميزة مع المستبدين العرب بأن يراجعوا مواقفهم”.
جاء ذلك خلال ندوة إلكترونية، تحت عنوان “اليوم العالمي للمعارض العربي”، نظّمها مركز الحريات للدراسات السياسية (مقره إسطنبول)، عبر تطبيق “زووم”، وذلك بمشاركة نخبة من الرموز السياسية والمعارضين والمفكرين العرب يتقدمهم الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي.
وندد المشاركون في الندوة بـ “جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول”، مؤكدين على ضرورة اتخاذها منطلقا للتنديد ببشاعة الاستبداد العربي الذي يضطهد معارضيه في غالب بلدانه، وجعلها قاعدة لإطلاق “ميثاق حماية المعارض العربي”، وتمكينه من أداء رسالته.
وأشادوا بدور الدولة التركية في ملاحقة جناة خاشقجي، ورفضها المساومات على حساب دمه، وهو ما أرسل برسالة واضحة لكل مَن يسعى لاستهداف المعارضين العرب خارج أراضيهم، وخاصة أن أعدادا كبيرة منهم تُقيم على الأراضي التركية.
وقتل خاشقجي في 2 أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، فيما لات تزال جثته غير معلومة حتى هذه اللحظة.
وقال رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، طارق الزمر، إن “عالمنا العربي لازال خارج التاريخ، يعاني بشدة من القمع الأمني والاضطهاد السياسي، والملاحقة على الهوية السياسية، كما تشهد بلاده كل مظاهر وأشكال انتهاك حقوق المعارضين السياسيين، بما في ذلك الاعتقال الإداري والتعذيب، بل والاختفاء القسري”.
وأضاف الزمر أن جريمة اغتيال خاشقجي هزت ضمير العالم، ولفتت الانتباه إلى واقع أمتنا المرير، حيث لاتزال ترزح في قيود الاستبداد وأغلال العبودية، وقد جاءت هذه الجريمة في هذا السياق المُنظم الذي تُنتهك فيه وتستباح كل حقوق المعارضين في بلادنا.
وتابع: من هنا كانت هذه الندوة الداعية لجعل يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر يوما للمعارض العربي نؤكد فيه على حصانته، ونضع الآليات الكفيلة بحمايته. نجتمع فيه كل عام نندد بالقمع وانتهاك حقوق المعارضة العربية حتى يأتي اليوم الذي تمارس فيه شعوبنا كل حقوقها السياسية دون خوف أو تردد.
ولفت رئيس مركز حريات للدراسات إلى أن “الحملة لا تنطلق من فراغ، بل تستند إلى أسس وقواعد متوافرة في كافة التشريعات الدولية، ومنظومة قيم المشترك الإنساني، وقوانين الأمم المتحدة الداعية للحق الاصيل للإنسان في التعبير عن رأيه وضمان كافة أشكال المعارضة السلمية”.
من جهته، أكد رئيس الجمهورية التونسية الأسبق، المنصف المرزوقي، على “أهمية الندوة وفاءً لدماء جمال خاشقجي الذي ضحى بحياته من أجل حرية شعبة”.
واستنكر مَن يعتبر جريمة اغتيال خاشقجي “جريمة دولة، لأنها في الحقيقة جريمة ضد الدولة؛ فالمستبدون هم أعداء الدولة، وهم الذين يهددون أمنها”، مؤكدا أن “دور المعارضة هو إنقاذ الدولة من استبدادهم وجرائمهم”.
وشدّد المرزوقي على ضرورة التضامن للدفاع عن المعارض العربي الذي يتعرض اليوم لمخاطر الاستبداد، محذّرا “الحكام الذين يرتكبون الجرائم ضد شعوبهم بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى”.
كما أوضح مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، أن “تركيا رفضت كل المساومات في سبيل التستر على القضية، وعلى الجناة الرئيسيين، لكنها رفضت كل ذلك تمسكا بالمبادئ القانونية، ودفاعا عن مبادي حقوق الإنسان”.
وندد أقطاي بـالدول التي قبلت التستر على مثل هذه الجرائم السياسية، حفاظا على مصالحها، لافتا إلى أن “صمت العالم على قتل خاشقجي يجعله شريكا في الجريمة”.
وندد أيضا بما وصفه بـ “صمت العالم على مذابح مصر ابتداءً من مذبحة رابعة العدوية وما بعدها”، مُعلنا تضامنه مع “المعارضين العرب الذين أصبحوا جميعا خاشقجية يواجهون ذات المصير”.
وفي ختام كلمته بشّر مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، المعارضين العرب بأن “النظام الدولي الذي يحمي المستبدين على وشك الزوال، ويومها لن يجد المستبدون نصيرا”، وفق قوله.
من جانبه، عدّد الرئيس السابق للحكومة السورية الموقتة، أحمد طعمة، ما وصفها بـ مناقب خاشقجي ومواقفه المشرفة، وخاصة دفاعه عن الربيع العربي ونصائحه الصادقة للتيار الإسلامي”.
وثمّن طعمة مبادرة مركز حريات لإصدار ميثاق لحماية المعارض العربي، داعيا لضرورة أن تكون هناك آليات لهذه الحماية.