روج نظام آل سعود لإصلاحات بشأن تحسين وضع المرأة مثل السماح لها بقيادة السيارات والسفر دون إذن ولي الأمر، لكنه في الوقت نفسه يواصل اعتقال ناشطات ناضلن طويلا في سبيل حرية النساء في المملكة.
من أبرز هؤلاء الناشطة والمدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول التي اعتقلتها سلطات آل سعود في 15 أيار/مايو 2018, وصادف يوم ميلادها يوم 31 تموز/ يوليو ليمر عيدها وهي قيد الاعتقال التعسفي.
ولجين الهذلول هي من بين الناشطات الشابات والمدافعات عن حقوق المرأة و نشطت لمدة طويلة ضد الحظر الذي كان مفروضا على قيادة المرأة السعودية للسيارة والذي انتهى منذ أشهر قليلة.
كانت بداية نشاط الهذلول المستفز لنظام آل سعود أنها قادت سيارة برخصة إماراتية على الحدود السعودية عام 2015، وأي نظام تستفزّه امرأة تقود سيارة.
أوقفتها السلطات الإماراتية على الحدود، وهي تستقل سيارتها ثم سلّمتها إلى سلطات بلادها، ومنعتها من دخول “جنّة” دبي، واتهمتها بالتحريض على حكومة آل سعود من خلال استغلالها قضية قيادة المرأة.
لم تدخل سلطات آل سعود إلى بيت الهذلول وتعتقلها فقط، بل ركلت الباب ودخلت حياتها وعبثت بها، وفرّقتها عن أقرب الناس إليها، إذ أجبرت زوجها الفنان الكوميدي فهد البتيري على تطليقها، بعد اختطافه من الأردن وإعادته إلى المملكة في 2018.
مُنعت الهذلول من الظهور في وسائل الإعلام واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وجرى التضييق عليها إلى أن اعتقلت في 2018 بتهمة التواصل مع جهات أجنبية، وكانت التهمة جاهزة تناسب انتقاء عدد من النساء اللواتي يردن تغيير المجتمع و”إفساده” ثم اتهامهن بالعمالة لـ “قطر”، استخدمت لجين والأخريات كوقود لتأجيج غضب المجتمع ضد الدولة الجارة.
لم تكتف السلطات باعتقال الهذلول ورفيقاتها، بل جنّدت الإعلام للتشهير بـ 47 امرأة ناشطة ما زلن حتى اللحظة في سجون آل سعود.
أما خارج السجن فقد أصبحن يُتهمن بـ “خيانة” الوطن و”العمالة” و”التجسس”، وهناك توقعات بأن لا يقلّ الحكم على كثير منهن عن عشرين عاماً.
تناقلت التقارير الحقوقية، تعرّض لجين وزميلاتها أثناء الاحتجاز إلى التعذيب, بواسطة الصعقات الكهربائية، الجلد، ومضايقات جنسية تتمثّل في العناق والتقبيل القسري أثناء الاستجواب، وفقاً لتقرير سابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.
كلّ هذا إلى جانب عنف جسدي ولفظي ونفسي من شتّى الأشكال، ووفقاً لشهادة لجين، فقد استجوبها المسؤولون السعوديون وهدّدها أحدهم باغتصابها، وقام المسؤولون بتعذيبها بانتظام وبشكل منهجي في موقع في جدة يسمى “الفندق”، والذي وصفته لعائلتها بأنه “قصر الإرهاب”.
وبعد عشرة أشهر من التعذيب, بدأت في شهر مارس 2019 الماضي, محاكمة الناشطة الهذلول إلى جانب عدد من الناشطات المدافعات عن حقوق النساء, وُجّهت إليهن تهم، ليس لأنهن خائنات للوطن كما يروّج إعلام آل سعود ومحمد بن سلمان نفسه.
وفي حين تمّ إطلاق سراح بعض الناشطات، ما تزال لجين وغيرها في السجن، ويجري تأخير النظر في قضاياهن أمام المحكمة إلى أجل غير مسمى، بينما يتعرّضن إلى التنكيل بهن جسدياً ونفسياً، ونذكر هنا تعليق الكاتبة مضاوي الرشيد الساخر حين قالت “السعودية تساوي بين الرجال والنساء في التعذيب”، وكانت تعلّق على ما تعرّضت إليه الهذلول.
من المفارقات التي تكتنف ردود الفعل العربية حول اعتقال الناشطات الحقوقيات في السعودية وتعذيبهن واحتجازهن بلا محاكمة، أن تجد الفنانات العربيات يتهافتن للغناء في السعودية، بعضهن لطالما وصفن بأنهم “ملتزمات” مثل ماجدة الرومي مثلاً، دون أن يكون لهذه الكلمة من معنى حقيقي. في حين تقرّر مغنية مثل نيكي ميناج أنها لن تغني في السعودية، كموقف من ما تتعرّض إليه النساء ومن حرية التعبير فيها.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد طالبت المملكة بالسماح لمراقبين مستقلين دوليين بالوصول إلى ناشطات معتقلات منذ مايو/أيار الماضي، للتأكد من سلامتهن.
وأعلنت المنظمة في بيان لها أنها تلقت يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقريرا من “مصدر مطلع” يشير إلى تعرض ناشطة حقوقية للتعذيب، وأنه بالاستناد إلى مصادر مختلفة فإن تعذيب الناشطات قد يكون مستمرا.