حول نظام آل سعود الحجّٙ إلى موسم تجاري للتربح وجمع المال وهو ما ينعكس في الإجماع في أوساط المسلمين على الشكوى من ارتفاع تكاليف الرسوم.
ودفع الغلاء السنوي لرسوم الحج إلى تنامي دعوات للتبرع بتكاليف الحج إلى الفقراء من المسلمين بديلا عن ضخها في خزينة آل سعود.
ولم يترك محمد بن سلمان مصدراً للدخل في بلاده إلا ورفعه وفرض عليه الضرائب، وسط استنزاف مالي تعيشه المملكة بسبب عدوانها الهمجي الذي تشنه على اليمن منذ سنوات.
واتجه ابن سلمان هذه المرة إلى ملف الحج مستغلاً أداء مئات الآلاف من المسلمين لهذه الفريضة الدينية، فعمل على زيادة تكاليف الحج للكثير من الدول العربية بنسب تتفاوت من دولة إلى أخرى؛ بدعوى ارتفاع تكاليف النقل البري والإقامة بالفنادق.
ومع بدء موسم الحج وتوافد الحجاج إلى المملكة لتأدية فريضة الحج، تعالت عدة أصوات في دول عربية وإسلامية برفض الزيادة على الرسوم من سلطات آل سعود عن العام الماضي, وقد رصدت تداعيات رفع رسوم الحج في بعض الدول العربية.
ففي البرلمان المغربي احتج العشرات من النواب المغاربة الأسبوع الماضي على الارتفاع الكبير لرسوم الحج في بلادهم هذا العام، حيث برر وزير الأوقاف الإسلامية أحمد التوفيق الارتفاع بوجود زيادة في التكاليف من سلطات آل سعود.
وجاء تساؤل النواب المغاربة وغضبهم من الارتفاع الكبير في تكاليف الحج بسبب ما تعرض له حجاج بلادهم العام الماضي من سوء معاملة من سلطات آل سعود ، وفق مقاطع فيديو موثقة وشكاوى رسمية.
وفي تونس انتقدت الجمعية التونسية للتفكير الإسلامي والشؤون الدينية الارتفاع الكبير في رسوم الحج من سلطات آل سعود، قائلة: الحج هو عبادة وليس مجالاً للتجارة ولا للمزايدة ولا للمرابحة حتى يتم اتخاذه مصدراً للربح غير المبرر.
ولم تسلم الجزائر من رفع سلطات آل سعود لتكلفة الحج إذ بيّنت وزارة الأوقاف الجزائرية، في بيان لها، أنها أرسلت وفداً إلى المملكة من أجل التفاوض حول التكاليف التي ارتفعت بسبب رفع أسعار الإقامة والنقل والإيواء من سلطات آل سعود.
وشهدت رسوم الحج المقدمة من سلطات آل سعود لحجاج مصر ارتفاعاً وصل إلى 5%، وفق أحد أعضاء اللجنة العليا للحج والعمرة التابعة لوزارة السياحة المصرية.
ولم يسلم الحجاج الفلسطينيون والمحاصرون في قطاع غزة من استغلال سلطات آل سعود لموسم الحج، إذ رفعت سلطات بني سعود رسوم الحج لحجاج فلسطين من 3440 دولاراً العام الماضي إلى 3941 دولاراً هذا العام.
وتقول بعض الجمعيات الخيرية العريقة المختصة بشؤون الحجاج مثل جمعية الحجاج البريطانية (تأسست عام ١٩٩٨) بأن الأسعار المرتفعة تعكس العقلية الربحية لدى المنظمين البريطانيين.
لكن الصورة الأكبر هي أن المملكة قد أعادت هيكلة صناعة الحج بشكل أدّى إلى المزيد من خصخصتها وتحويلها إلى قطاع تجاري ربحي.
وفي حين أن المسلمين الذين يصلون إلى مدينة مكة المكرمة، والذين يصل عددهم إلى ٣ ملايين في أسبوع الحج، يخلقون طلبا كبيرا على السفر وحجوزات الفنادق وغيرها من الخدمات، التي لا تتحكم بها المملكة على الرغم من استثماراتها الكبيرة في البنية التحتية للحج، فإن حكومة آل سعود قامت بتخفيض بعض الإعانات المحلية والدعم على الأسعار وزادت ضريبة القيمة المضافة والضرائب البلدية مؤخرا.
وتشير المصادر إلى أنه منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، انتهجت المملكة سياسة تقوم على رفع الضرائب، وأسعار المنتجات المدعومة من الدولة، في وقت يعاني فيه اقتصاد المملكة بسبب حملة اعتقال رجال الأعمال والمستثمرين والتضييق عليهم، وعدوان الرياض على اليمن المستمر منذ سنوات، وتخصيص أموال طائلة “لهيئة الترفيه” التي تواجه انتقادات لاذعة.
وزيادة تكلفة الحج وصفتها مؤسسات اسلامية بأنها “جائرة”، لا سيما أن المملكة رفعت أسعار تأشيرات الحج بنسبة 14% عن العام الماضي.
وقالت إن ذلك يؤدي إلى عزوف الآلاف عن تأدية مناسك الحج، وإن على المملكة أن تعيد النظر في الضرائب الباهظة التي لا يتحملها الفقراء.
يُذكر أن عائدات المملكة من الحج والعمرة تتجاوز بحسب بعض المصادر 12 مليار دولار كل عام.
وقالت هيئات اسلامية إنه يجب على سلطات آل سعود إعادة النظر في الرسوم والضرائب الباهظة التي تفرضها على الحج هذا العام والاخذ بالحسبان المسلمين الفقراء الغير قادرين على تغطية تكاليف الحج.
وطالبت الهيئات باشراك المؤسسات والحكومات الإسلامية بإدارة الحج لان إدارة آل سعود الحالية فشلت في تحقيق العدالة بين المسلمين من كافة الجنسيات, وتستغل الحج لتحقيق المكاسب الاقتصادية وتغطية نفقات حروبها من عائدات الحج.
وتنادي العديد من الأصوات المطالبة بفصل إدارة المقدسات الاسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة عن ادارة آل سعود, والتحكم في المشاعر المقدسة, وإسنادها إلى هيئة مستقلة تشرف على هذه المقدسات وتنظم الحج والعمرة وتتكون هذه الهيئة من عدة دول إسلامية, وتحرص على سلامة وأمن الحجاج والمعتمرين, والابتعاد عن الخلافات السياسية.
جميع الاصوات الرافضة لتحكم المملكة تستند إلى اسباب سليمة ووجيهة, فالدول العربية والإسلامية في غالبيتها تتهم الرياض بتعقيد اجراءات الحج, وزيادة فرض الرسوم, والاقدام على بيع مياه زمزم, اضافة إلى تسييس فريضة الحج.