انتهى الكونغرس الأمريكي قبل يومين من آخر اجتماعاته قبل عطلة أغسطس آب دون أن يسن تشريعا يفرض عقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة لكن نوابا قالوا إن الجهود الرامية لوقف مبيعات السلاح وفرض عقوبات ستستمر عقب انتهاء العطلة.
وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام بمبنى الكونجرس ”سأستمر في المحاولة“ وذلك بعد أيام من فشل مجلس الشيوخ في إبطال حق النقض الذي استخدمه الرئيس دونالد ترامب ضد ثلاثة قرارات استهدفت وقف بيع ذخائر دقيقة التوجيه من إنتاج شركة ريثيون للمملكة.
وتوجد تشريعات أخرى عديدة، منها 18 مشروع قرار لوقف مبيعات السلاح، تأخذ مسارها بمجلسي الشيوخ والنواب في ظل تمسك بعض النواب بالأمل في إمكانية دفع ترامب إلى اتخاذ تحرك أقوى ضد الرياض.
كما يريد المعارضون لصلات ترامب الوثيقة بالرياض أن يتضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، الذي تحتاج وزارة الدفاع (البنتاجون) لإقراره في الكونجرس سنويا ويرتبط بتحديد سياستها، بنودا توقف مبيعات السلاح للرياض، وتحد من قدرة ترامب على إعلان حالات ”طوارئ“ يتفادى بها مراجعة الكونجرس للصفقات الدفاعية الأجنبية.
وسيبدأ أعضاء من لجنتي القوات المسلحة بمجلسي الشيوخ والنواب في التفاوض على نسخة نهائية لقانون تفويض الدفاع يأملون أن تحظى بموافقة الكونجرس ويوقع عليها الرئيس لتصبح قانونا في وقت لاحق من العام الجاري.
وتهدف تلك الجهود للضغط على المملكة لتحسين سجلها لحقوق الإنسان وبذل المزيد لتفادي سقوط مدنيين في اليمن.
تتواصل الحملة المناوئة للرياض في الكونغرس الأميركي، على خلفية جريمة اغتيال جمال خاشقجي، مضافاً إليها وضع حقوق الإنسان في المملكة.
حملةٌ وإن أخذت طابعاً رمزياً أكثر منه عملياً، إلا أنها تأتي في سياق مساعي الضغط على إدارة ترامب لمحاسبة آل سعود.
ولا يزال الكونغرس الأميركي يسعى للضغط على إدارة دونالد ترامب عبر مشاريع قوانين تدين سلطات آل سعود لضلوعها في جريمة اغتيال جمال خاشقجي.
وفي حين أن القوانين قد لا تخرج من قاعة النواب، إلا أنها تشي بإصرار المشرّعين على مواصلة الحملة ضد الرياض، عبر تجديد إدانة ولي العهد، محمد بن سلمان، في حادثة القنصلية.
آخر تلك الضغوط تجلّى في مصادقة مجلس النواب، أول من أمس، على مشروعَي قانون متعلّقين بالمملكة، يقضي أحدهما بفرض عقوبات على المسؤولين عن اغتيال خاشقجي، ويدين الآخر انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.
وعلى رغم الدعم القوي للمشروعين من قِبَل الحزبين الديموقراطي والجمهوري داخل مجلس النواب، فقد تحولُ عراقيل كثيرة دون المصادقة عليهما في مجلس الشيوخ، وخصوصاً في ظلّ الخلاف المستعر بين قادة الحزب الجمهوري وأعضائه في الشيوخ من جهة، وبين هؤلاء والديموقراطيين من جهة ثانية، في شأن كيفية معاقبة الرياض في قضية خاشقجي، والأزمة الإنسانية التي تسبّبت بها في اليمن، والتجاوزات الموثّقة بحقّ الناشطين السعوديين.
وصادق «النواب»، بالإجماع، على مشروع “قانون حقوق الإنسان في السعودية” الذي يدين الأخيرة باحتجاز وتعذيب الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان، ومُرّر مشروع “قانون المحاسبة” بغالبية 405/7، ليلزم جهاز الاستخبارات الوطنية بأن يحدّد علانية الأشخاص الضالعين في قتل خاشقجي وفرض عقوبات سفر عليهم.
ودعا النائب الديموقراطي، توم مالينوسكي، الذي قدّم مشروع “قانون المحاسبة”، إلى التعجيل في الكشف عن مدبّر جريمة قتل خاشقجي، قبل أن يعتلي ولي العهد، محمد بن سلمان، عرش المملكة، مؤكداً أن لا أحد فوق القانون. وقال: “إننا نخاطر بتعزيز كذبة ولي العهد السعودي بأن قتل خاشقجي كان من فعل مارقين”، مشيراً إلى أن العلاقات مع الرياض مهمة، ولكن ليس إلى حدّ الكذب من أجل السعوديين أو السماح لهم بالإفلات من العقاب على الجريمة.
وأضاف إن “الوقت قد حان لنقول بوضوح إن السلوك الطائش سواء كان بقتل مواطن مقيم في الولايات المتحدة أو خطف رئيس وزراء لبنان أو حصار قطر له ثمن”.
ويتشابه مشروع “قانون المحاسبة” في جزء منه مع مقترح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جايمس ريش، الذي طالب، أخيراً، بوقف منح التأشيرات أو سحبها من المسؤولين السعوديين الضالعين في اغتيال خاشقجي.
فإن الجهود التشريعية الأخيرة تسعى إلى إحياء المحاولة التي قام بها العام الماضي السيناتور السابق، بوب كوركر، وكل من السيناتور الحالي: روبرت مينيندز، ليندسي غراهام وباتريك ليهي، من أجل إقرار “قانون ماغنيتسكي”، وإرغام ترامب على تحديد أسماء المتورّطين في حادثة القنصلية، وإصدار عقوبات في حقّهم.
وفي سياق حقوق الإنسان، دان مشروع “قانون حقوق الإنسان في السعودية” حملات الاعتقال وانتهاك حقوق الناشطات السعوديات، مطالباً وزير الخارجية، مايك بومبيو، بالإبلاغ عن مدى تورّط قوات الأمن والجيش وسلطات آل سعود في انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجّه أكثر من عشرين عضواً جمهورياً وديموقراطياً في الكونغرس رسالة لوزير الخارحية، يطالبونه فيها بالضغط على المملكة لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لمواطنيها، والإفراج الفوري عن ناشطات حقوق المرأة.
وبحسب الرسالة، فإن منظمة “فريدوم هاوس” وغيرها من “المنظمات الحقوقية” صنّفت المملكة على أنها واحدة من أسوأ منتهكي الحقوق السياسية والحريات المدنية في العالم، وأحدث مثال صارخ على ذلك، هو اغتيال خاشقجي”.
وأضاف هؤلاء إن “الرياض اعتقلت الناشطات في مجال حقوق المرأة في السعودية، ثم زجّت في السجون عام 2019 بالأفراد الذين تربطهم صلات بالنشطاء المسجونين حالياً والذين يدعمون الإصلاحات الاجتماعية”.
وختم الموقعون بيانهم بالقول إن انتهاكات سلطات آل سعود المستمرة لحقوق الإنسان تهدّد الشراكة الأميركية السعودية، وتعرقل العمل المشترك لمواجهة العديد من التحديات الإقليمية.