منذ تولى محمد بن سلمان مقاليد ولاية العهد في المملكة، تزايدت الانتهاكات القمعية والبوليسية بحق الأمراء ورجال الأعمال والدعاة والأكاديميين والحقوقيين حتى “الصامتين عن أفعاله”.
وعلى مدى خمسة أعوام (2015-2020)، قام “بن سلمان” بتراكم السلطة بشكل مطرد؛ تحت ذراعه مختلفة، فاعتقال واحتجز ونفى شخصيات، وفي بعض الحالات قام بقتلهم وتصفيتهم.
وبعد هذه الأعوام يبدو الآن على استعداد ليصبح ملكًا، وفق رأي صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فعزز سيطرته وهز أسس آل سعود من خلال القضاء على أو تحييد منافسيه المتصورين والنقاد الصوتيين، بما في ذلك كبار أفراد العائلة ومنافسيه في المملكة.
ولعل أبز ضحايا “بن سلمان” هم:
* ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن نايف ثم نائب ولي العهد آنذاك محمد بن سلطان في مايو 2015.
* الأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز آل سعود (76 عاما)، نجل الأخ الراحل للملك سلمان وعضو مجلس البيعة، الذي يحدد خلافة العرش السعودي.
* الأمير محمد بن نايف (60 عاما)، ولي العهد السابق ووزير الداخلية وابن شقيق الملك سلمان. وبحسب ما ورد كان نايف قيد الإقامة الجبرية منذ عام 2017 بعد تجريده من لقبه ودوره الوزاري، وإبعاده عن خط الخلافة.
* الأمير أحمد بن عبد العزيز (77 عاما)، الأخ الأصغر للملك سلمان وابن عبدالعزيز ، مؤسس المملكة العربية السعودية وأول حاكم لها. عاد الأمير إلى لندن أواخر 2018 بهدف منع صعود ابن أخيه إلى العرش باستخدام البياع وحصل على تأكيدات من ووكالة المخابرات المركزية بأنه لن يتم القبض عليه.
* نايف بن أحمد، نجل الأمير أحمد.
* منصور الشلهوب مدير مكتب الأمير أحمد الخاص.
* سعود بن نايف (64 عاما)، الأخ الأكبر لمحمد بن نايف، محافظ المنطقة الشرقية وعضو البياع، تعرض للاستجواب في مارس 2020 ولكن تم الإفراج عنه.
* وتمت أكبر عملية “تطهير” حتى الآن في عهد ولي العهد خلال نوفمبر 2017 من أفراد العائلة المالكة والمسؤولين وأباطرة الأعمال الذين تم احتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الفساد.
* وكان من بين المحتجزين في ذات الفندق، أكثر من 350 من العائلة المالكة والمسؤولين ورجال الأعمال هو الأمير متعب بن عبدالله (67 عاما)، نجل الملك عبدالله والرئيس السابق للحرس الوطني.
وأُطلق “بن سلمان” سراحه في وقت لاحق من ذلك الشهر بعد أن ورد أنه دفع أكثر من مليار دولار في تسوية فساد. ولم يتضح ما إذا كانت لديه حرية الحركة أو السفر.
* الأمير الوليد بن طلال (65 عاما)، أحد أغنى الرجال في العالم، ثم رئيساً لشركة المملكة القابضة، وأطلق سراحه في يناير 2018 بعد أن وصل إلى تسوية مالية مع النائب العام للمملكة.
وإلى جانب هؤلاء، اعتقل عشرات المسؤولين ورجال الأعمال السابقين وأطلاق سراحهم فيما بعد. وكان من بينهم: خالد التويجري الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي، عمرو الدباغ الرئيس التنفيذي لمجموعة الدباغ ورئيس الهيئة العامة للاستثمار السعودي السابق، محمد حسين العمودي مواطن سعودي إثيوبي مزدوج الجنسية وأحد أهم المستثمرين في إثيوبيا، د. وليد فتيحي إصلاحي شعبي ومقدم برامج تلفزيونية، وهاني خوجة مستشار ماكينزي السابق.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ما زال “بن سلمان” يلاحق سعد الجابري مسؤول الاستخبارات السعودية السابق وكبير مستشاري محمد بن نايف، والمقيم حاليا في كندا.
والجابري، أطلق سراحه عام 2015 بمرسوم ملكي، ونجح في 2017 من الفرار من المملكة.
وفي 2 أكتوبر 2018م، اغتيل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، فيما تشير أصابع الاتهام لولي العهد السعودي بإصداره أمر الاغتيال.
وفي مارس/ آذار المنصرم من هذا العام، أعلنت هيئة مراقبة الفساد السعودية أعلنت التحقيق بشأن 674 موظف دولة، وأمرت باحتجاز 298 منهم بسبب ما قالت إنها تهم فساد مالي وإداري تمثلت في جرائم رشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري.
ومن بين المعتقلين ضباط جيش حاليون ومتقاعدون، ومسؤولو صحة، وضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية، وقضاة.
وقبل أيام، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش النقاب عن أن الأمير فيصل بن عبدالله، يعيش في معزل عن العالم الخارجي، بعد أن قامت سلطات آل سعود باحتجازه منذ مارس/ آذار المنصرم.
ووفقا لمعارضين سعوديين فإن حملة الاعتقالات المستمرة في المملكة تأتي في سياق تشديد ولي العهد قبضته على السلطة عبر إقصاء أقوى خصومه المحتملين، وهما الأمير أحمد والأمير محمد اللذان كانا من بين أبرز المرشحين لخلافة الملك سلمان.
وفي وقت سابق أدانت 36 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان من أصل 47 دولة، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي بجميع أعضائه الثمانية والعشرين، الاعتقالات المستمرة في المملكة والتي وصفها بـ “التعسفية” للمدافعين عن حقوق الإنسان وتوظيفها قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات معارضيها.
وفي ضوء ذلك، نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا أعده “سايمون هوبر” عن تجربة معارض سعودي، أجبر على الوقوف أمام محكمة ألمانية لكي يحصل على اللجوء السياسي في البلاد، بعد تأخر استمر أكثر من عام ونصف.
ونقل “هوبر” تجربة الطبيب السعودي رشيد الأمير (35 عاما)، الذي هرب من المملكة عام 2018، وعاش معاناة فاقمها الخوف من ممارسات الرياض، حتى حصل على اللجوء السياسي في ألمانيا.
وقال الأمير إنه لم يكن يعرف بأن على اللاجئين الانتظار طويلا حتى يتم البت في قضاياهم، وهو ما اعتبره أمرا خطيرا “يهدد مستقبل اللاجئين السياسيين، خاصة السعوديين، الذين يعيشون ظروفا صعبة”، داعيا الدول الأوروبية إلى تعجيل البت في هذه الملفات.
وأضاف: “أنا سعيد حيث سيكون طالبو اللجوء السياسي على معرفة بقضيتي لاقتباسها في حال شعروا أنهم في وضع لم تتخذ فيه سلطات الهجرة القرار”.
وقال رشيد الأمير، إنه اضطر للذهاب إلى المحكمة بعدما أخر مسؤولو الهجرة قضيته 18 شهرا، وحصل على اللجوء السياسي في آذار/مارس، بعد أيام من تقديمه الدعوى القضائية ضد التأخير.
وأجبرت محكمة مدينة ماغدبيرغ المكتب الفدرالي للهجرة واللاجئين على اتخاذ القرار في قضية الأمير وعلى أساس أن المكتب فشل بالتعامل مع القضية في الوقت المحدد.
وقال الأمير إنه كان يعيش حياة بدون أفق في ألمانيا، في وقت يعيش فيه كل المنفيين السياسيين السعوديين خوفا بعد مقتل جمال خاشقجي.
وينحدر الأمير إلى منطقة جازان ويصف نفسه بالمعارض والناشط ويعتقد أنه سيتعرض للتعذيب لو عاد إلى بلاده.
وقال: “تحتاج البلاد لحركات وناشطين يدعون للإصلاح من الداخل لكن هذا ليس ممكنا وإلا تعرضت للسجن والتعذيب”، وأفاد بأنه وصلته رسائل تحاول استدراجه للعودة لكنه تجاهلها وأبلغ الشرطة عنها.
وأضاف أن الرسائل هي دليل على ملاحقة السلطات الأمنية لشخصه، وهي مشابهة لرسائل تلقاها معارضون سعوديون في الخارج اتصلت بهم أجهزة الأمن.
وكان الموقع البريطاني قد كشف في تموز/يوليو 2018 عن حالة الأمير خالد بن فرحان الذي أرسلت له دعوة للسفر على طائرة أمير سعودي آخر كان في زيارة لألمانيا، في محاولة لاستدراجه إلى المملكة.
ومنح “بن فرحان” اللجوء بعد وصوله إلى ألمانيا بشهرين وأخبرته الشرطة أنها لا تستطيع ضمان أمنه خارج دول الاتحاد الأوروبي.