يتصدر نظام آل سعود أنظمة مستبدة تعمل على قمع أي معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي مستخدما في ذلك شتى الأساليب المشينة.
واستخدم نظام آل سعود منصات التواصل الاجتماعي والمنافذ الإعلامية التقليدية لتعقب المواطنين وإحكام السيطرة عليهم وقمعهم.
ويضيق النظام على الحريات في المنصات الإعلامية، في ظل واقع أنّ منافذ الإعلام والصحافة التقليدية، لاسيما الصحف وقنوات التلفزيون، كانت دائماً مملوكة للدولة.
وبينما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار وأكثر تطوراً من الناحية التقنية، ومع إقبال شباب الشرق الأوسط على الإنترنت والمنصات الرقمية، من بينها فيسبوك وتويتر وواتساب وإنستغرام، بدأت الأنظمة القمعية وفي مقدمتها نظام آل سعود في استخدام طرق وتقنيات جديدة للسيطرة على المواطنين وتتبّع المنشقين محلياً ودولياً.
وفقاً لتقرير أصدرته شبكة «Arab Barometer» البحثية في 19 أكتوبر/تشرين الأول حول السياسات ومواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يستخدم جميع مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواقع التواصل الاجتماعي لمدة ساعتين على الأقل يومياً، نصفهم تقريباً يمكن وصفهم بأنَّهم مستخدمون نهمون لتلك المواقع والتطبيقات. يحظى موقع فيسبوك بمتابعة 74% من مستخدمي الإنترنت. علاوة على ذلك، حسبما أفاد التقرير، أكثر من ثلث المواطنين في المنطقة يعتبرون مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً أساسياً لمعرفة الأخبار العاجلة.
تؤدي مواقع التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط العديد من الأدوار المهمة. في حين تستخدم الأنظمة الحاكمة مواقع التواصل الاجتماعي أداة للقمع، يستخدمها النشطاء لأغراض الحشد والتواصل والتمكين. استخدمت كلٌّ من الثورة الخضراء في إيران عام 2009، وانتفاضات الربيع العربي عام 2011، والاحتجاجات الحالية في شوارع لبنان والعراق وإيران ومصر والجزائر وأماكن أخرى مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل حشد المواطنين وتبادل المعلومات.
الأهم من ذلك، عملت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة ساحة ميدان افتراضية للجماهير العربية، وهو تطور مُرحب به، لاسيما عندما تفرض الأنظمة الاستبدادية قيوداً شديدة على ساحة الميدان الواقعية. كذلك، ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبارها أداة للتنشئة الاجتماعية، المواطنين العرب على مناقشة توجهاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية المتنوعة من خلال الفكاهة والفن والموسيقى والنقاشات السياسية.
لكن للأسف، كلّما تطورت تقنيات الإعلام الإلكتروني واتسع نطاق انتشاره، أصبح قمع النظام للمعارضين أكثر وحشية.
أغلقت العديد من الأنظمة الحاكمة منصات إعلامية مختلفة، من بينها شبكة الإنترنت وتويتر وفيسبوك وواتساب وإنستغرام. مارست الحكومات كل أنواع المضايقات من اعتقال وتعذيب وقتل ضد النشطاء المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي، بغض النظر عن مدى سلمية تلك المعارضة.
وتعتبر عملية القتل الوحشية للصحفي السعودي المعارض، جمال خاشقجي، وتقطيع جثته بأوامر من النظام السعودي قبل عام واحد ما هي إلا مثال سافر يوضح إلى أي مدى ذهبت الأنظمة من أجل إسكات المعارضة.
واستخدمت الأنظمة الحاكمة في المملكة والإمارات والبحرين ومصر وغيرها من دول الشرق الأوسط تقنيات الأمن السيبراني الإسرائيلية، لاستهداف المنشقين على مواقع التواصل الاجتماعي وتعقّبهم من تركيا إلى كندا، ومن إنجلترا إلى ماليزيا
باعت شركة البرمجيات الإسرائيلية «NSO Group» تقنيات تعقّب وقرصنة للمستبدين في جميع أنحاء العالم، من المملكة إلى الهند، من ضمنهم العديد من الأنظمة الاستبدادية العربية.
وقد أتاح برنامج التجسس «Pegasus» التابع للشركة الإسرائيلية للمخترقين إمكانية الوصول إلى سجل المكالمات الهاتفية والرسائل الخاص بالمعارضين السعوديين، مثل جمال خاشقجي وعمر عبدالعزيز، الذي طلب اللجوء في كندا، من ضمنها رسائل تويتر وواتساب.
وقد أدَّى الاستخدام الواسع النطاق لتقنيات التجسس والمراقبة من جانب الأنظمة الاستبدادية إلى حدوث انتهاكات شاملة ومنهجية لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي شركة تويتر، منهم مواطن سعودي يُدعى علي الزبارة، والمواطن الأمريكي أحمد أبوعمو باستغلال مناصبهم في الشركة وقدرتهم على الوصول إلى أنظمة تويتر الداخلية لمساعدة السعودية في الحصول على معلومات تخص مواطنين أمريكيين ومنشقين سعوديين عارضوا سياسات المملكة وقادتها.
واتهمت وزارة العدل أيضاً أحمد المطيري، وهو مواطن سعودي، بالعمل كوسيط بين على الزبارة والمخابرات السعودية المقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف نقل معلومات حسّاسة عن مستخدمي تويتر إلى النظام السعودي.
بناءً على هذه الإفادة، رفع عمر عبدالعزيز، الناشط السعودي المنشق المقيم في كندا، دعوى قضائية ضد شركة “NSO Group” الإسرائيلية وتويتر، لمساعدتهما النظام السعودي على تعقّب كل من يدعو إلى الإصلاح والحرية في المملكة العربية السعودية وإسكاته.
لا يمارس نظام آل سعود القمع ضد المعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل ضد الإصلاح السياسي والاجتماعي، والمشاركة المدنية، وحقوق الإنسان والديمقراطية.