قالت الكاتبة السعودية مضاوي الرشيد إن القلق يسيطر على ولي العهد محمد بن سلمان إزاء التهديدات الانتخابية في نوفمبر/ تشرين أول المقبل لرئاسة البيت الأبيض.
وأضافت الرشيد: أنه بلا شك أن ولي العهد السعودي استمع بحالة من القلق إلى تصريح المرشح الرئاسي الأمريكي “جو بايدن” في الذكرى الثانية لمقتل الصحفي جمال خاشقجي.
كان تصريح “بايدن” هذا الشهر عبارة عن إدانة قوية لعملية اغتيال “خاشقجي”، الذي كان مقيماً في الولايات المتحدة منذ عام 2017.
ووعد “بايدن” بسحب الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ عام 2015 ، وقال: “اليوم، أنضم إلى العديد من النساء والرجال السعوديين الشجعان والنشطاء والصحفيين في ذكرى وفاة خاشقجي لإحياء دعوته إلى الحرية في العالم كله”.
ورأت الرشيد أن مثل هذا التصريح من قبل شخص قد يصبح سيد البيت الأبيض قد أرسل بالتأكيد موجات من القلق إلى الرياض.
في المقابل، تبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل عامين، الرواية السعودية الرسمية عن الجريمة، وتباهى بلا خجل بحماية القتلة، وعلى رأسهم بن سلمان.
ومع ذلك، أدان العديد من أعضاء الكونجرس، الجمهوريين والديمقراطيين، السعودية وحاكمها الاستبدادي لتورطه في جريمة على أرض أجنبية، واستمراره في سياسة التصفية تجاه الناشطين والمعارضين.
وقد سمحت حماية بن سلمان من التدقيق والعقوبات بسنتين من الأمن والهدوء بالنسبة لولي العهد، ولكن قد لا يكون ذلك متاحا بسهولة بعد 3 نوفمبر/تشرين الثاني، في حال فوز “بايدن” في الانتخابات الرئاسية.
ومع ذلك، يجب على المرء أن يكون حذرًا عند توقع تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية إذا تم انتخاب ديمقراطي في البيت الأبيض.
فقد كان السجل السابق للقيادة الديمقراطية أكثر انسجاما مع التقليد الأمريكي الطويل في دعم الحكام الاستبداديين في الشرق الأوسط، وخاصة في السعودية، بالرغم أنه من المرجح أن يتذرع “بايدن” بالقيم الأمريكية وتناقضها مع سياسة دعم المستبدين في المنطقة.
وأشارت الكاتبة إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ذهب إلى أبعد من أي رئيس أمريكي سابق بسحب دعمه للزعيم المصري السابق “حسني مبارك”مما أثار استعداء السعوديين، الذين فسروا موقفه من مصر على أنه تخلي عن شريك مخلص.
وتابعت: كان السعوديون يخشون أن تتركهم الانتفاضات العربية عرضة للتغيير السياسي، دون أن تحميهم الولايات المتحدة من السقوط الدراماتيكي.
وعرف القادة السعوديون أنهم لا يستطيعون الاعتماد على “أوباما” دون تنفيذ إصلاحات جادة.
وفي مقابلة شهيرة، ذكّر “أوباما” قادة الخليج بأن أكبر مشاكلهم كانت داخلية وشجعهم على التوقف عن تضخيم “التهديدات الخارجية”، مثل نفوذ إيران الإقليمي، مع إسكات الأصوات المنتقدة في الداخل.
وكانت القيادة السعودية منزعجة أكثر من الصفقة التاريخية بين الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية وإيران.
لقد أدرك السعوديون إلى أي مدى يمكن أن يذهب رئيس ديمقراطي أمريكي نحو تهميشهم وهو ما يجعل القلق يسيطر عليهم الآن.
لم يرق ذلك إلى الحكام المستبدين السعوديين، الذين كانوا يهدفون دائمًا إلى رسم صورة لمملكة محاصرة من قبل قوى إقليمية معادية.
وأكدت الرشيد أن أوباما فضح علنا زيف هذه الأسطورة السعودية وتفاوض مع إيران، العدو اللدود للسعودية على مدى عقود.
واستدركت: شعر السعوديون بالخيانة، والتي سرعان ما خففها “ترامب” عندما انحاز إلى “بن سلمان” بالكامل نتيجة وعود بالاستثمار في الاقتصاد الأمريكي والتفكير بجدية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكلاهما يمثل ثمنا لتسامح الولايات المتحدة مع تجاوزات “بن سلمان” في الداخل والخارج.
وتوقعت أنه إذا فاز “بايدن” في الانتخابات الأمريكية، فسيكون “بن سلمان” في حالة تأهب.
وقالت: إن أي كلمة ينطق بها البيت الأبيض لا تؤيد الأمير الشاب ستفسر تلقائيًا في الرياض على أنها موقف عدائي. ومع ذلك، فإن خطابات الديمقراطيين المتناثرة حول القيم الأمريكية لم تعد مقنعة، إن لم تكن مصحوبة بتغييرات سياسية حقيقية.
وأكملت: لا يكفي سحب الدعم من المستبدين، حيث تتوقع المنطقة ونشطاؤها أكثر من هذا الدعم السلبي من دولة تفتخر بديمقراطيتها وحقوقها المدنية. إنهم يتوقعون تدابير حقيقية وملموسة تقوض الحكم الاستبدادي.
وتتمثل الخطوة الأولى في منع حصول هؤلاء المستبدين على الأسلحة المستخدمة ضد شعوبهم وضد جيرانهم.
ويبقى أن نرى ما إذا كان الديمقراطيون سيعيدون النظر في استمرار تصدير الأسلحة إلى السعودية. على الأقل، يمكن لـ”بايدن” أن يجعل تصدير الأسلحة إلى السعودية مشروطًا بالوفاء بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وإجراء تغييرات سياسية جادة، ويمكن للشعب السعودي القيام بالباقي.
ورأت الرشيد أنه بكل بصراحة، فقد الشرق الأوسط الثقة في الولايات المتحدة. ولا يزال يتعين على الأمريكيين حساب تكاليف انتخاب “ترامب” بما في ذلك الأضرار التي تلحق بسمعتهم. وإذا جاءوا بديمقراطي إلى السلطة، الشهر المقبل، فسوف يكافحون ليس فقط لتصحيح إخفاقات “ترامب”، ولكن أيضًا لتصحيح أكثر من نصف قرن من السياسة الأمريكية المضللة في الشرق الأوسط.
وختمت المعارضة السعودية “من الآن وحتى أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، سيقضي بن سلمان بلا شك ليالي بلا نوم تحسباً لفقدان شريك جيد في واشنطن سمح له بالإفلات من جريمة القتل”.