قالت منظمة حقوقية دولية إن القضاء السعودي فقد مصداقيته وتحقيق العدالة في المملكة يستدعي تدخلا حازما من المجتمع الدولي وعدم الاكتفاء بالإدانات اللفظية.
واعتبر مجلس جنيف للحقوق والحريات في بيان له أن ما جرى إعلانه من النيابة العامة السعودية من أحكام “ابتدائية” في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي مطلع تشرين/أول أكتوبر في تركيا يعبر عن طبيعة سوء القضاء في المملكة وغياب أي قدر من الشفافية.
وأبرز المجلس الحقوقي بهذا الصدد موقف المقررة الأممية الخاصة أنييس كالامار التي وصفت الأحكام المعلنة بأنها “مثيرة للسخرية”، باقتصارها على إعدام منفذي عملية القتل، فيما العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهو ما يتنافى مع العدالة.
وقال إن موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن “الحاجة إلى تحقيق عادل ونزيه في جريمة القتل، لضمان التحقيق الكامل والمسؤولية عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان ارتُكبت في القضية” غير كافي.
وأضاف “إذ أن الحكومة السعودية لم تكتف بتبرئة كبار المسئولين الذين تلاحقهم الدلائل والتسجيلات على تورطهم في القضية بل ذهبت حد التراجع عن تهمة نية القتل المدبرة مسبقا للصحفي خاشقجي الذي تم قتله تقطيعا في قنصلية المملكة في اسطنبول التركية”.
وبخلاف قضية خاشقجي التي أبرزت للعالم انتهاكات الحكومة السعودية، أشار مجلس جنيف إلى أنه مع نهاية العام 2019 أن سبعة معتقلي رأي على الأقل توفوا في السجون هذا العام.
وقال “إن القضاء السعودي للأسف لم يصدر أي موقف بشأن تحول السجون لمقابر والشكوى من الإهمال الطبي والتعذيب وسوء المعاملة”.
وأضاف أن هذا القضاء نفسه يوفر مظلة لاتهامات خطيرة تفرضها الحكومة السعودية على معارضين وصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان منها “الانتماء للفكر المنحرف” و”عدم إطاعة ولي الأمر” دون دلائل أو توفير حق الدفاع عن النفس.
وختم المجلس الحقوقي الدولي بيانه بتجديد الدعوة إلى تحرك أممي ودولي بإجراءات فعلية لوقف قمع الحكومة السعودية للمعارضة العلنية وحرية الرأي والتعبير وتحقيق العدالة للضحايا والمعتقلين تعسفيا.
وكانت النيابة العامة في نظام آل سعود أعلنت يوم الاثنين الماضي حكمًا أوليًا بإعدام 5 أشخاص (لم تسمهم) من بين 11 مدانًا، كما عاقبت 3 مدانين منهم بأحكام سجن متفاوتة تبلغ في مجملها 24 عامًا، وقضت بعقوبة تعزيرية على 3 آخرين لعدم ثبوت إدانتهم، ما يعني تبرئتهم وذلك في قضية قتل خاشقجي.
وأعلنت النيابة خلال مؤتمر صحفي آنذاك، أن المحكمة الجزائية بالرياض برأت سعود القحطاني وهو مستشار سابق لولي العهد محمد بن سلمان لعدم توجيه تهم إليه، وأحمد عسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية لعدم ثبوت تهم عليه، ومحمد العتيبي القنصل السعودي السابق بإسطنبول الذي أثبت تواجده في مكان آخر وقت مقتل خاشقجي.
وقتل خاشقجي، في 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية، في قضية هزت الرأي العام الدولي.
وبعد 18 يوما من الإنكار والتفسيرات المتضاربة، أعلنت الرياض مقتله داخل القنصلية، إثر “شجار” مع أشخاص سعوديين، وأوقفت 18 مواطنا ضمن التحقيقات، دون كشف المسؤولين عن الجريمة أو مكان الجثة.
وانتقدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أغنيس كالامار، في سلسلة تغريدات عبر حسابها على تويتر: “تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة.. وأمر يدعو للسخرية”.
وأضافت: “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مقتل السيد خاشقجي بمثابة إعدام خارج نطاق القضاء وتتحمل دولة السعودية المسؤولية عنه. لكن لم تنظر المحكمة في أي وقت من الأوقات في مسؤوليات الدولة”.
وندد الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف ديلوار، بتبرئة المتهمين الرئيسيين بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ووصف ذلك بأنه أمر “لا يحترم العدالة الدولية”، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية بينها “نيويورك تايمز.
فيما قالت منظمة العفو الدولية، إنه “لا يمكن أن تتحقق العدالة خاشقجي، إلا بإجراء تحقيق دولي مستقل ونزيه”.
ورأت جمعية “بيت الاعلاميين العرب” في تركيا، أن القرارات الصادرة من المحاكم السعودية بخصوص جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، “غير كافية” و”لا تظهر الحقيقة في الجريمة”.
وأردفت متوجهة لسلطات آل سعود: “طالما استطعتم التأكد من تورط 8 أشخاص مجرمين، وبالتالي من الطبيعي أن تكونوا عرفتم منهم أين تم إخفاء الجثة، فأين جثة خاشقجي؟”.