عزز نظام آل سعود قبضته على نظام القضائي الذي يوصف بأنه هيئة شكلية تنفذ الأوامر ويتعامل مع معارضي النظام بتعسف وبمبدأ القوة التي تؤمن بها العصبة أو القبيلة.
والمشكلة الكبرى في قضاء المملكة أنه غير مستقل، وهذه هي الأزمة التي بسببها تُلقى الأحكام بطريقة عشوائية على معتقلي الرأي، بحيث تتم صياغة تهم فضفاضة لهم ويتم الحكم عليهم بالسجن حتى بلا محاكمة علنية.
وأصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيًا بترقية وتعيين 21 قاضيًا بديوان المظالم على مختلف الدرجات القضائية سعيا لزيادة السيطرة على النظام القضائي وقراراته.
وشمل الأمر الملكي تعيين أربعة عشر قاضيًا على درجة (ملازم قضائي).
وتوجه اتهامات عديدة لنظام آل سعود من جانب منظمات حقوقية عالمية، على رأسها “هيومن رايتس ووتش”، و”العفو الدولية”، بأن منظومة القضاء في المملكة تخضع لإشراف مباشر من جهات سيادية ولا تتمتع بالاستقلالية.
واتهمت “رايتس ووتش” في تقارير سابقة، السلطات القضائية في المملكة بعدم الاستقلالية في محاكمة الدعاة الإصلاحيين الموقوفين، وكذلك النشطاء الحقوقيين، بتهم الإرهاب غير الموثقة بأدلة.
وتصف منظمة العفو الدولية على موقعها الالكتروني المملكة بأنها تضيق السلطات الخناق على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.
وتشير المنظمة إلى أن نظام آل سعود يعتقل اعتقالاً تعسفياً العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمنتقدين الحكومة، ومن بينهم نشطاء حقوق المرأة.
وتنبه إلى استخدام السلطات لعقوبة الإعدام على نطاق واسع، فنفذت عشرات الإعدامات بالنسبة لمجموعة من الجرائم، بما في ذلك جرائم المخدرات، فيما يظل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمحتجزين شائعاً.
وتنبه إلى أنه “على الرغم من الإصلاحات المحدودة، التي شملت السماح للنساء بقيادة السيارات، واجهت النساء تمييزًا ممنهجاً في القانون والممارسة، وكانت الاصلاحات غير كافية للحماية من العنف الجنسي وأشكال العنف الأخرى”.
وبناء على تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية، جُمعت بياناته خلال مقابلات مع سجناء سابقين داخل السجون السعودية ثم خرجوا بعد ذلك خارج المملكة، فإن النظام القضائي السعودي لا يتمتع باستقلالية تفرضها عليه سيطرة السلطة التنفيذية، وعلى رأسها الملك، الذي يتحكم بالهيئات القضائية بشكل كامل، بل إن القضاء السعودي يفتقد كليا للاستقلال بسبب نظام الدولة الذي يعطي صلاحيات مفرطة لسلطات القبض والاحتجاز والاعتقال والتحقيق.
يغطي تقرير منظمة العفو تحت عنوان “نظام عدالة بدون عدالة”، بجانب تقرير “حالة المعاناة السرية” الصادر عام 2005، العيوب الرئيسية في نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية، الذي يتميز حسب التقريرين بانتهاك حقوق الإنسان والاضطهاد السياسي للمعارضين ولجميع أنواع الأقليات، وبالتعذيب والعقوبات القاسية واللا إنسانية مثل عقوبة الإعدام، كما أن إجراءات الاعتقال والاحتجاز تجري دون ضمانات معترف بها دوليا، والقوانين الجنائية “غامضة ومنفتحة على التفسير الواسع للقضاة الذين يتمتعون بسلطات غير مقيدة بقواعد حماية حقوق الإنسان وضمان العدالة، أما جلسات المحاكمة فموجزة وسرية، والمتهم يُحرم دائما من الوصول إلى المستشار القانوني والحق في الدفاع عن نفسه”.
تقوم السلطات باحتجاز المشتبه بهم والتحقيق معهم دون أدنى إشراف من منظومة القضاء، ودون أي قواعد أو قوانين حاكمة. يذكر التقرير على سبيل المثال حالة السيد منير السيد عدنان الخباز، وهو رجل دين شيعي من القطيف، يقال إنه لم يتم إخبار أسرته، التي كانت قد عادت إلى المملكة العربية السعودية قبله، باعتقاله ولم تعلم أبدا عن مكان وجوده، فكان هذا واحدا من عمليات الاعتقال التعسفي التي تم الإبلاغ عنها على مدار سنوات.
يذكر التقرير أن إجراءات التوقيف والاعتقال لا تخضع لأي قانون واضح، ورغم وجود ثلاثة قوانين على الأقل تتعامل مع تلك المساحة من نظام العدالة الجنائية، وهي: القانون الأساسي للحكومة أو دستور مارس/آذار 1992، والنظام الأساسي للاحتجاز والسجن الصادر في مايو/أيار 1978، والنظام الأساسي لمبادئ الاعتقال والحبس المؤقت والاحتجاز الوقائي (SPAD) الذي صدر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1983، فإنه لا توجد أحكام بشأن كيفية تنفيذ الاعتقالات، ولا أي التزام بالحقوق الأساسية للمعتقل، بل لا يشترط الحصول على إذن قضائي سابق بالاعتقالات.
وفيما يحظر الدستور الاعتقال والاحتجاز التعسفي، فإنه لا ينص على آليات لمنع مثل هذه الممارسات. علاوة على ذلك فإن القانون الموضوع لتنظيم إجراءات الاعتقال والاحتجاز تجاوز أي نص آخر، فهو قانون يتعارض بشكل صارخ مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان حسب تقرير منظمة العفو.
فعلى سبيل المثال، يجيز القانون الاعتقال لأسباب غامضة تحت عبارات فضفاضة مثل “يحق لقوات الدوريات وموظفي النظام العام القبض على أي شخص في حالة إثارة الشكوك”.