يندفع السعوديون نحو طلب القروض العقارية بشكل هائل في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة في بلادهم، وقبيل فرض سلطات آل سعود ضريبة القيمة المضافة الجديدة الشهر المقبل.
ودفع الطلب المتصاعد لطلب القروض، إعلان البنوك داخل المملكة والشركات الخاصة فتح فروعها في جميع مناطق المملكة لاستقبال عملائها خلال يومي الجمعة والسبت من عطلة نهاية الأسبوع؛ بهدف إنهاء إجراءات طلبات التمويل الشخصي والعقاري والتمويل التأجيري للسيارات لعملائه قبل بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة الجديدة اعتباراً من الأول من يوليو القادم.
وقالت البنوك إنها خصصت عددًا من الفروع لاستقبال طلبات العملاء المتزايدة على التمويل الشخصي والعقاري والتمويل التأجيري للسيارات من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الخامسة عصراً.
وتُقدم البنوك السعودية مجموعة من منتجات التمويل العقاري التي تلبي احتياجات الأسر السعودية بتمويل يصل لثلاثة ملايين ريال لمدة تصل لنحو 30 سنة لشراء عقار جديد أو إعادة تمويل أو إعادة هيكلة التمويل العقاري الحالي، ولشراء العقارات الاستثمارية أو أراض سكنية.
في المقابل، يشتكي أهالي مركز القليبة التابع لمنطقة تبوك، من نقص بعض الخدمات التي تعد أساسية وحيوية لقضاء حوائجهم ومن بينها عدم وجود صراف آلي في المنطقة.
وقالوا إنهم يواجهون معاناة كبيرة عند حاجتهم لسحب الأموال، خاصة أنه لا يوجد صراف آلي واحد في المركز، كما أن أقرب صراف لهم يوجد إما في تبوك ويبعد عنهم 130 كيلومترًا، وكذلك تيماء ويبعد عنهم كذلك بـ 130 كيلومترًا، مطالبين مؤسسة النقد والبنوك السعودية بالمبادرة وتوفير صراف آلي.
وتحت ذريعة “إنقاذ موازنة البلاد من العجز”، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، حزمة جديدة من الإجراءات لإنقاذ موازنة البلاد من العجز، في مقدمتها زيادة ضريبة القيمة المضافة ووقف صرف بدل غلاء المعيشة.
وقال الجدعان إن الإجراءات الجديدة تهدف إلى توفير نحو ثلاثين مليار دولار.
وتأتي هذه الإجراءات الجديدة لتضاف لسلسة إجراءات سابقة في هذا الإطار، بعد انهيار أسعار النفط أوائل مارس/آذار، بسبب حرب الأسعار التي شنها ولي العهد محمد بن سلمان مع روسيا، في الوقت الذي ضرب فيه فيروس “كورونا” الاقتصاد السعودي وتسبب في تراجع الطلب العالمي على النفط الخام.
وليست هذه الأسباب فحسب، بل ما زالت الحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، عوامل قائمة دون حلول.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنه “تقرر إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020”.
وقال الجدعان إن “الإجراءات التي تم اتخاذها وإن كان فيها ألم إلا أنها ضرورية للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل.. وتجاوز أزمة جائحة كورونا العالمية غير المسبوقة وتداعياتها المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة”.
وأضاف أن “الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم ومنع انتشار الجائحة تسببت في توقف أو انخفاض كثير من الأنشطة الاقتصادية المحلية وانعكس ذلك سلبا على حجم الإيرادات غير النفطية والنمو الاقتصادي”.
وتابع الجدعان “هذه التحديات مجتمعة أدت إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، والضغط على المالية العامة إلى مستويات يصعب التعامل معها لاحقا دون إلحاق الضرر بالاقتصاد الكلي للمملكة والمالية العامة على المديين المتوسط والطويل، وبالتالي وجب تحقيق مزيد من الخفض في النفقات، وإيجاد اجراءات تدعم استقرار الإيرادات غير النفطية”.
وفي أبريل/نيسان الماضي، توقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد المملكة صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة بنسبة 2.3%.
وهبطت احتياطيات العملات الأجنبية في البنك المركزي في مارس/آذار بأسرع معدل منذ 20 عاما على الأقل ولأدنى مستوى لها منذ 2011.
كما هبطت إيرادات النفط خلال أول ثلاثة أشهر من العام بنسبة 24% مقارنة بالعام السابق إلى 34 مليار دولار، لتهبط الإيرادات الإجمالية 22%.
وسبق أن قال الكاتبان روري جونز ودونا عبد العزيز، في مقال بصحيفة “وول ستريب جورنال الأميركية، “حتى الآن، لم يلاحظ أي رد فعل شعبي يذكر على النكسات الاقتصادية في المملكة”.
لكن مخاطر حدوث نكسة للنظام الملكي آخذة في الازدياد، حيث إن الوضع المالي المتدهور للحكومة قد يجبرها على خفض أجور القطاع العام، وهذا الأمر من شأنه أن يهدد الاتفاقية الاجتماعية طويلة الأمد في المملكة، التي تتمثل في تولي عائلة آل سعود على مدى عقود توزيع ثروة النفط في البلاد من خلال الإعانات والوظائف الحكومية السهلة، مقابل الطاعة والسلطة المطلقة. وفق الكاتبان.
وجاءت هذه التوقعات مع تصاعد حالة الغضب في المملكة من قرارات حكومية سابقة تسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وذكرت وسائل إعلام سعودية أن القرارات الحكومية تتيح لصاحب العمل إنهاء عقود الموظفين بعد 6 أشهر من “الظرف القاهر”، وأن القرارات تأتي في إطار ما يواجهه سوق العمل نتيجة إجراءات الإغلاق لمكافحة جائحة “كورونا”.
وبدأت بعض الشركات الكبرى في المملكة بتطبيق هذا القرار، وذلك بحسب ما تبين من رسائل إلكترونية تم إرسالها إلى موظفي شركات، مثل المراعي و”نسما”، فيما تعتمد بعض الأعمال التجارية على مساعدات الحكومة التي تفرض الأزمة عليها قطع التمويل عن خطط تحويل الاقتصاد بعيدا عن النفط.
واستهجن مغردون سعوديون القرار الذي استهدف الموظفين، بينهم المواطنون الذي “يدفعون ثمن أخطاء ولي العهد محمد بن سلمان”، وأكدوا أن الأولوية في خفض الرواتب يجب أن تكون من رواتب الوزراء وكبار المسؤولين وليس من الموظفين “المساكين”.
وقال المستشار الأمني السابق في وزارة الداخلية سعود المصيبيح إن هناك 12 مليون وافد -فضلا عن مخالفي الإقامة- مطالب بترحيل نصفهم لإتاحة الفرصة للسعوديين للعمل وإنهاء أزمة البطالة.
كما انتقد مواطنون تجاهل حسابات إخبارية بارزة في المملكة للقرار الذي شكل ظلما واضحا على موظفي القطاع الخاص، حسب قولهم.
ويتساءل مراقبون ماذا تبقى من رؤية 2030 لولي العهد؟ وماذا تبقى من الصورة الحالمة للمملكة واقتصادها؟ بعد أن أصبحت أهم ركائز الرؤية وهي الاقتصاد تتداعى بشكل مريع بعد تهاوي أسعار النفط واستثمارات كبدت خسائر بمليارات الدولارات.
وقد كان شرط نجاح رؤية بن سلمان بلوغ أسعار النفط 100$ للبرميل وعلى هذا الأساس كان تقييم شركة (أرامكو) قبل طرحها المثير للجدل فيما يشكل سعره 80$ للبرميل شرطاً لبلوغ التوازن في الميزانية العامة للمملكة.