حرب محمد بن سلمان على القبائل في السعودية.. الوسائل والأهداف
يشن ولي العهد محمد بن سلمان حربا على القبائل في السعودية التي تمثل العمود الفقري لدول الخليج العربي ومنها المملكة.
وشكّلت هذه القبائل صمام الأمان في جزيرة العرب عبر قرون، إذ كانت أحد أوجه الحفاظ على الأخلاق الإسلامية والقيم العربية.
كما شكّلت القوة الأولى التي تمدّ حكام المنطقة بالرجال والأموال التي تحميها وتدافع عنها.
ورغم تعاقب من حكم جزيرة العرب عبر قرون، لم يجرؤ أحد منهم على إضعاف القبائل أو تفكيكها وإفراغها من قيمها الإسلامية والعربية التي توارثتها، بل سعى معظمهم لتقويتها وكسب ولاءات شيوخها وزعمائها لضمان استقرار حكمه.
كما بقيت أخلاق القبيلة وشيمها أحد معرّفات هوية الدولة وسماتها.
ومع مجيء بن سلمان ومحاولته تغيير هوية المجتمع وتغريبه بأساليب شتى ورغم أن سفير المملكة في لندن خالد بن بندر أعلن بوضوح أن السعودية لم تقم على الدين أصلًا وإنما كانت مجرد قبيلة انتصرت على غيرها في الحرب.
إلا أن القبائل نالها أيضًا نصيب من ظلم بن سلمان وحملته التغريبة الشرسة.
وقد أعلن بن سلمان (حربًا غير معلنة) على العديد من قبائل المملكة اتخذت عدة أساليب أبرزها:
* تفكيك القبائل الكبيرة وإضعافها
* تشويه سمعتها وقيمها
* اعتقال شيوخها ورموزها
* زرع الفتنة بين القبائل
* إبراز النماذج السيئة من القبائل واحتضانها
* تهجير القبائل بالقوة من أراضيها وقراها
كما شن بن سلمان حملة لتفكيك القبائل وإضعاف رجالها، ومن الأمثلة على ذلك، ما تعرضت له قبيلة حرب بعد إنهاء خدمات خالد بن قرار الحربي مدير الأمن العام وإحالته للتحقيق العام الماضي.
واعتقال رئيس جامعة الملك عبد العزيز د. عبدالرحمن اليوبي وسجنه بدعوى فساد.
وكذلك اعتقال الدكتور اليوبي كان يمكن أن يكون عاديًا كغيره من الاعتقالات، لكن حملات التشويه الكبيرة التي قادها الإعلام والذباب أكّدت الأصابع الخفية التي يحرّكها الديوان.
كما تم نشر قوائم موظفين من قبيلة حرب في جامعة رابغ وجدة والتشهير بهم وذلك بهدف تشويه سمعة القبيلة.
يضاف إلى ذلك تشويه قيم القبائل وأخلاقها: مثّلت القبائل العمق الأخلاقي لشعب الجزيرة العربية بما حملته من أخلاق وقيم أصيلة توارثتها عبر الأجيال.
ومع موجة التغريب، بدأ العمل لضرب هذه القيم والأخلاق وتشويهها، فكانت الدراما هي الأداة الأبرز وكانت قبيلة عتيبة العريقة والكبيرة هي المستهدف الأول.
فبعد توظيف الدراما لحادثة جهيمان العتيبي لتشويه القبيلة بأكملها، تم إنتاج مسلسل (الرشاش) الذي أبرز أحد رجال عتيبة كزعيم عصابات خطيرة هدّد أمن الدولة لسنوات.
كان ممكن أن تؤدي الدراما دورها دون التركيز على قبيلة بعينها وتشويه صورتها لدى النشئ الجديد!.
واعتقال شيوخها ورموزها: عطفًا على محاولة تشويه سمعتها، نالت قبيلة عتيبة الأذى بعد اعتقال أميرها فيصل بن سلطان بن جهجاه بن حميد إثر انتقاده لحفلات هيئة الترفيه وأوضاع الفقر وسوء الحالة المعيشية للمواطن قبل أن يُفرَج عنه لاحقًا.
وكان الهدف قمع الأصوات المؤثرة التي تنتقد الحكومة.
زرع الفتنة بين القبائل: استدعى بن سلمان في منتصف يونيو 2017 (بعد حصار قطر) عددًا من شيوخ قبيلة آل مرة المنتشرة في دول الخليج ليدلوا ببيان يهاجموا فيه قطر ويحرّضوا عليها في محاول لزرع الفتنة بين شيوخها وتوظيفهم سياسيًا، ولكن القبيلة لم تنجر لفتنته ورفضت تفكيك صفوف القبائل.
إبراز النماذج السيئة من القبائل واحتضانها: وأبرز مثال على ذلك ما فعله ابن سلمان مع عائلة آل الشيخ التي عُرفت عبر القرون بمكانتها الدينية ورموزها الكثُر في المجتمع.
فبدأ بإفراغها من رمزيتها الدينية المقرونة بالعلم والفقه أو تعيين الموالين له الذين يسيئون لسمعة الدين والعائلة.
وما بقي من “آل الشيخ” هو اللقب فقط، أما المحتوى فتم إفراغه! ولتشويه سمعة “آل الشيخ” أكثر، تم اختيار أحد أفرادها ليكون عرّاب الفساد والمجون في بلاد الحرمين، فقام تركي آل الشيخ باستقدام كبار الساقطين والساقطات من شتى الأصقاع!
فأراد بن سلمان أن يكون اسم العائلة مقترنًا بالفساد!.
كما بدأ الإعلام بالترويج لـ “مشاهير الفلس” واستضافتهم وإبرازهم كنماذج في المجتمع وتم التركيز على المنتمين لكبرى القبائل كهند ورهف القحطاني وفوز العتيبي وغيرهم!
هذا الضرب القيمي للقبائل جعل عددًا من المشاهير يتطاولون على قيمها كما في ظهور فوز العتيبي وقولها: أشرف القبيلة أنا!
وبذلك وظّف بن سلمان إعلام البلد وأمواله لتشويه سمعة القبائل الكبيرة وهدم قيمها وأعرافها وإضعافها أمام المجتمع وذلك بهدف كسر أي إرادة تهدد وجوده ومشاريعه.
ولتفكيك أي قوة أو تجمّع لا تأتمر بأوامر ولا تروّج لرؤاه وأفكاره.
كما عمد بن سلمان لتهجير القبائل عنوة من أراضيهم التي ارتبطوا بها لقرون وذلك لتحقيق مصالحه ومشاريعه أو خوفًا من تنامي نفوذهم وقوتهم!
وما حصل من تهجير قبائل نجران مثال. أما الحويطات فنالهم التهجير والطرد والسجن والقتل وذلك لأجل مشروع نيوم.
أما التعويضات التي نالها أهالي الحويطات فشكلية ولا تعوض الضرر والضيم الذي أصابهم.
حيث ذكرت وكالة بلومبيرغ أن التعويض الذي تحصل عليه العائلة الواحدة من أبناء الحويطات بعد أن يتم تجريدها من أرضها ومنزلها لا يكاد يعادل راتب شهر واحد مما يتقاضاه بعض الموظفين الأجانب العاملين في نيوم.
وفي الوقت الذي تعتزّ فيه كل أمة بتراثها وقيمها وتفتخر به، عمد بن سلمان لعكس ذلك فضرب القبائل وفكّك قوّتها وشوّه سمعتها وضرب بعرض الحائط الكثير من قيمها وتقاليدها وهجّر العديد منهم من ديارهم التي سكنوها لمئات السنين.
كل ذلك لتفكيك مراكز القوى في المجتمع وضمان بقائه على العرش.