يلاحق الفشل الذريع حتى الآن خطة محمد بن سلمان بشأن تنويع مصادر دخل اقتصاد المملكة المعروفة باسم 2030 وعلى رأس ذلك طرح أسهم في شركة “أرامكو” النفطية الحكومية للاكتتاب العام.
مؤخرا اضطر بن سلمان إلى التصريح بنفسه بأن طرح أسهم في شركة “أرامكو” للاكتتاب العام سيتم “في الوقت المناسب” من دون تحديد موعد وذلك بعد عدة مرات من التأجيل.
وقال بن سلمان “نحن ملتزمون بالطرح الأولي العام لأرامكو وفق الظروف الملائمة وفي الوقت المناسب”، مضيفا “أتوقع أن يكون ذلك بين عام 2020 وبداية عام 2021”.
وتعتبر خطة طرح 5 بالمئة من “أرامكو” للاكتتاب التي يتوقع أن تكون أكبر عملية طرح أسهم في العالم، حجر الزاوية لبرنامج ولي العهد الإصلاحي الاقتصادي.
وتهدف “رؤية 2030″ التي طرحها محمد بن سلمان في 2016، الى وقف ارتهان اقتصاد المملكة وهو الاكبر في المنطقة العربية، للنفط عبر تنويع مصادره.
وقال بن سلمان إن الإطار الزمني للطرح سيعتمد على عوامل عدة منها: مناسبة أوضاع السوق لتنفيذ عملية الطرح نظراً لضخامة الطرح الأولي العام, وكذلك عملية استحواذ أرامكو على حصة صندوق الاستثمارات في سابك”.
وكانت “أرامكو” دخلت في مفاوضات تمهيدية لشراء كامل حصة صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأّسه ولي العهد، في شركة البتروكيماويات السعودية الضخمة “سابك” في صفقة تقدّر قيمتها بأكثر من 70 مليار دولار.
وتمهيدا لعملية الطرح في سوق مالية لم تحدّد بعد، قال محمد بن سلمان إن المملكة عيّنت مجلس إدارة جديد للشركة، وقامت بـ”التدقيق المستقل في احتياطيات المملكة البترولية وإعلانها رسميا للمرة الأولى، وكذلك قوائمها المالية المدققة.
وكانت “أرامكو” حقّقت أرباحا بقيمة 224 مليار دولار العام الماضي انخفضت إلى 111,1 مليار دولار بعد اقتطاع الضرائب، ما جعلها أكثر شركات العالم تحقيقا للأرباح في 2018.
وفتحت “أرامكو” دفاتر حساباتها للمرة الأولى منذ تأميمها قبل 40 عاما، لوكالتي “فيتش” و”موديز” الدوليتين للتصنيف الائتماني.
وتقدّر “أرامكو” احتياطات النفط المثبتة بـ227 مليار برميل واحتياطاتها من الهيدروكربون بـ257 مليار برميل من المكافئ النفطي، ما يكفي لأكثر من نصف قرن، وهو مستوى عال ومريح بحسب “فيتش”.
وقبل فترة قامت شركة أرامكو بزيادة اسعار البنزين موضحة أن الاسعار قابلة للتغيير وفقا لتغيرات أسعار التصدير من المملكة إلى الأسواق العالمية.
ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد, انتهجت المملكة سياسة تقوم على رفع الضرائب والاسعار منها المنتجات المدعومة من الدولة, في وقت يعاني فيه اقتصاد المملكة من جراء حملة اعتقال رجال الأعمال والمستثمرين والتضييق عليهم, والحرب في اليمن المستمرة منذ سنوات, وتخصيص أموال طائلة لهيئة الترفيه التي تواجه انتقادات كبيرة.
وكان آل سعود رفعوا أسعار الوقود في مطلع عام 2018، إلى مستويات قياسية وبنسبة فاقت 120%، كما طالت القفزة في الأسعار فواتير الكهرباء والمياه وكثيراً من السلع الضرورية، التي بدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة عليها بنسبة 5%، فضلاً عن الضريبة الانتقائية التي تم تطبيقها خلال عام 2017.
وفي وقت سابق فقد تصاعدات أسعار الحديد في المملكة خلال عام 2018, وسط ارتفاع متوسط سعر الطن إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014.
وشهدت المملكة ارتفاعاً في اسعار السلع والخدمات وذلك مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%, ولم تقتصر ارتفاعات الأسعار على النسبة المقررة للضريبة ولكن وفقا لمستهلكين ومسؤولين فإن الارتفاع كان أعلى من النسبة بمراحل مما دفع السلطات لتحذير التجار من المبالغة في الأسعار.
ومع تطبيق قانون الضريبة شهدت الأسعار ارتفاعا كما شهدت الأسواق ارتباكا حول كيفية حساب الضريبة.
ويقدر العجز المتوقع في موازنة 2018 للمملكة بنحو 52 مليار دولار، حيث كشفت موازنة 2018، عن أن الإنفاق العسكري والأمني يلتهم ما يقرب من ثلث الموازنة بعد استحواذه على 83 مليار دولار، من إجمالي الموازنة المقدرة بنحو 261 مليار دولار.
وفي وقت سابق فقد اقر مسؤولون في نظام آل سعود بأن سياسات “الاصلاح” الاقتصادي تسبب “ألماً”, حيث أعلنت شركات تدني مستوى أرباحها, إضافة إلى الهجرة الجماعية للموظفين الأجانب بسبب فرض ضرائب عليهم, وانخفاض حجم الاستثمار الأجنبي.
وقد رفع محمد بن سلمان في العامين الماضيين, أسعار البنزين والكهرباء , وفرض ضرائب جديدة ودفع العمال الأجانب إلى مغادرة البلاد لإفساح المجال أمام توظيف المواطنين.
ويعاني اقتصاد المملكة أيضاً من هجرة جماعية للعمال الأجانب, حيث غادر أكثر من مليون عامل البلاد منذ فرض رسوم جديدة على إقامة عائلاتهم وفرض ضرائب جديدة على الشركات التي توظفهم.
ومن جانبها, أعلنت الشركات السعودية ارباحاً مخيبة للآمال للعام 2018, ويوجه بعضها اللوم على الحكومة وسياسات بن سلمان.
وكشفت شركة فواز عبد العزيز الحكير وشركائه, وهي شركة سعودية للبيع بالتجزئة, أنها ستغلق أكثر من مئة فرع, قائلة إن صافي دخلها انخفض بنسبة 45% في الربع الاخير من عام 2018, دون توضيح أسباب هذا التراجع.
وحول تكلفة فرض أي عقوبات أمريكية على السعودية، قال المحلل الاقتصادي وليد سيف، إن “الرياض ستتكبد خسائر بالمليارات في حال فرضت واشنطن عقوبات عليها، ولن تستطيع مواجهتها”.
والعام الماضي حقق اقتصاد المملكة نمواً يقترب من الصفر عند 0.2%، بحسب بيانات البنك الدولي، الذي توقَّع في تقرير حديث له تحسُّناً متواضعاً لاقتصاد المملكة، نهاية العام الجاري، عند 1.7%.