أكدت السفارة الأمريكية في الرياض أن تفشي الفساد في السعودية والذي يتورط به كبار أمراء ومسئولي نظام عائلة آل سعود، يمثل عائقا كبيرا أمام جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأوردت وكالة Bloomberg الأمريكية أن سفارة واشنطن في الرياض حذرت السلطات السعودية من أن نظامها الضريبي وما يعانيه من فساد واحتيال قد يدفع الاستثمارات الأجنبية بعيدا.
وذكرت الوكالة أن السفارة الأمريكية انتقدت سلطات الضرائب السعودية، وحذرت من أن النزاعات مع الشركات الأجنبية مخاطرة بتثبيط الاستثمار في البلاد.
وبحسب Bloomberg فإن السفارة الأمريكية في الرياض وجهت رسالة شديدة اللهجة إلى هيئة الضرائب السعودية، ورد فيها أن مسؤولي الضرائب في المملكة لديهم “موارد غير كافية”، ويحتاجون إلى تدريب أفضل للتعامل مع “القضايا المعقدة”.
وذكر السفارة الأمريكية أن تجربة الشركات الأمريكية في المملكة كانت مخيبة للآمال، ويمكن أن تؤدي إلى تدهور صورة السعودية كمكان جاذب للاستثمار، وستضع البلاد في مجال تنافسي خطير.
وأبرزت أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات العاملة في السعودية تعاني من مشكلات ضريبية، حيث يوجد هناك نقصاً في الشفافية والاتساق والإجراءات القانونية، بالمقارنة بما توقعته من دول أخرى قد استثمرت فيها.
وسبق أن أبرزت منظمة “Government Defence Integrity” تفشي الفساد في المؤسسات السعودية وتنامي ظواهر ذلك في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد.
وقالت المنظمة إن السعودية “تعاني من مؤشرات فساد خطيرة في مؤسساتها الدفاعية، مثل انعدام الشفافية والرقابة في العمليات والشؤون المالية والمشتريات”.
ونبهت المنظمة إلى فضائح الفساد الأخيرة لمسؤولي أجهزة أمنية وعسكرية في السعودية.
وأشارت إلى أن السعودية تحاول التغطية على هذه الفضائح التي ذاع صيتها من خلال الإعلان عن توقيف بعض المسؤولين والضباط والكبار.
لكن المنظمة الدولية أكدت أن الفساد مستشر في المؤسسات الدفاعية السعودية بشكل كبير وواسع.
ونوهت إلى أن السعودية تفقد مبالغ مالية طائلة بسبب هذه المؤشرات من خلال الرشاوى واستغلال النفوذ والاختلاسات.
ويتوالى الإعلان عن اعتقالات على خلفية مكافحة الفساد في السعودية دون تقديم أي تفاصيل تقنع المواطنين في المملكة ما يثير شبهات اقتصار الحملة على الدعاية.
ويبرز مراقبون ونشطاء سعوديون أن محمد بن سلمان يتعمد الترويج لحملات مستمرة لمكافحة الفساد بغرض التغطية على ممارساته وحدة الفساد الهائل في عهده.
ويبرز هؤلاء أن بن سلمان يعتقل الموظفين والعسكريين بتهم الفساد، فيما هو في الواقع أكبر فاسد في تاريخ المملكة.
إذ في عهده وصل الاحتياطي الأجنبي إلى أدنى مستوياته، وارتفع الدين العام إلى أعلى مستوياته، وارتفعت الأسعار وازدادت الضرائب.
يضاف إلى ذلك الأموال التي أنفقها محمد بن سلمان على شهواته الشخصية وشراء النفوذ لدعم مكانته داخليا وإقليميا دون اعتبار لمصلحة الشعب السعودي.
وفي الساعات الأخيرة أعلنت السعودية عن اعتقال 207 موظفين في حوالي 12 وزارة حكومية بتهمة الفساد المالي والإداري في أحدث حملة قامت بها هيئة مكافحة الفساد.
وروجت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة المعروفة باسم “نزاهة” عن الاعتقالات في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء دون أن يتم الكشف عن أسماء المعتقلين أو مناصبهم، كما لم يتضح متى تم إلقاء القبض عليهم بتهمة الفساد المالي والإداري.
وروج محمد بن سلمان لإطلاق “حملة التطهير ضد الفساد” في المملكة واستخدمها وسيلة لتعزيز سلطته بمصادرة 106 مليارات دولار من الأصول والحسابات البنكية.
ولطالما اشتكى المواطنون السعوديون من الفساد المستشري في الحكومة ومن تبديد الأموال العامة والفساد المالي والإداري أو إساءة استخدامها من قبل من هم في السلطة.
وقالت “نزاهة” إنه تم التحقيق مع أكثر من 460 شخصًا في هذه الجولة الأخيرة، ونتيجة لذلك، تم احتجاز 207 مواطنين ومقيمين سعوديين بسبب مزاعم بالفساد وإساءة استخدام السلطة والاحتيال.
وأضافت أن المتهمين سيحالون للمحاكمة ينحدرون من الحرس الوطني ومجموعة من الوزارات، بما في ذلك الدفاع والداخلية والصحة والعدل، من بين أمور أخرى.
وفي نيسان/أبريل الماضي، قالت اللجنة نفسها إن 176 شخصاً من مختلف أنحاء القطاع العام اعتقلوا بالمثل بتهمة الفساد المالي والإداري.
وفي أواخر عام 2017، استهدف محمد بن سلمان أكثر من 300 من الأمراء والشخصيات العامة ورجال الأعمال الذين يمثلون معًا هيكل النخبة الذي يحيط بأسرة آل سعود الحاكمة وشبكات المحسوبية الواسعة.
وبطريقة غير مسبوقة في ذلك العام، اعتقلت قواته أقوى الشخصيات في البلاد واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي في فندق ريتز كارلتون الفخم في الرياض لأسابيع وحتى شهور.
ونُقل العديد منهم فيما بعد إلى سجون أو غيرها من مرافق الاحتجاز وسط أنباء عن تعرضهم لانتهاكات جسدية.
وبينما لم تؤكد المملكة أسماء المعتقلين، فمن بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال ورجل الأعمال السعودي بكر بن لادن.
وفي العام الماضي، تم عزل اثنين من كبار المسؤولين من مناصبهم وإحالتهم إلى المحاكمة.
وكان من بينهم الفريق فهد بن تركي بن عبد العزيز، الأمير الذي أشرف على العمليات السعودية في اليمن، ونجله الأمير عبد العزيز بن فهد بن تركي، الذي كان نائب حاكم منطقة الجوف السعودية.