جاء تقليص صلاحيات خالد الفالح وزير الطاقة في نظام آل سعود ليقدم دليلا جديدا على فشل رؤية محمد بن سلمان الاقتصادية التي تحمل اسم رؤية 2030 والتعثر الواضح في بدء تطبيقها.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن الفالح أحد مهندسي خطة محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد إلى ما وراء النفط، فقد دوره كأكبر صانعي القرار في نظام آل سعود وهي خطوة قال مسؤولون في المملكة إنها ترجع إلى فشله في إحراز تقدم في خطط “الإصلاح”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفالح، كجزء من تعديل وزاري جديد، سيبقى وزيرا للطاقة لكن حقيبة الصناعة الأوسع نطاقا ستؤول إلى غيره. وقد عين نظام آل سعود بندر الخريف أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجموعة الخريف، بمنصب وزير الصناعة والمناجم الذي أنشئ حديثا.
والفالح يعد حليفا رئيسيا لمحمد بن سلمان، وقد ساعد في توجيه اقتصاد المملكة، وورث مسؤول النفط المخضرم قطاعي الصناعة والتعدين عندما عيّن وزيرا للطاقة في عام 2016.
ووفقا لمسؤولين في المملكة يحمل محمد بن سلمان الفالح مسؤولية قلة النهوض. لكن دوره البارز لن يتغير في التسلسل الهرمي بما في ذلك منصبه رئيسا لمجلس إدارة أرامكو ورئيس وفد المملكة في منظمة الدولة المصدرة للنفط (أوبك).
ويضرب الفساد أركان نظام آل سعود ورجالاته، ومنهم خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي منذ 2016 ورئيس مجلس إدارة هيئة تنمية الصادرات السعودية والرئيس التنفيذي السابق لشركة أرامكو السعودية.
بدأ خالد الفالح عمله في ارامكو تحت كنف النعيمي الذي يعتبر عرابه في الشركة, حيث بدأ عمله مع والده عبد العزيز الفالح, الذي كان يشغل نصب نائب الرئيس وكان النعيمي آن ذاك هو الرئيس.
بتوصية من والده للنعيمي وبذكاء من الفالح نفسه استطاع أن يحصل على خطوة ومعاملة خاصة في الشركة واستطاع من خلالها الوصول لمنصبه الحالي.
لكن تلك الخطوة لم تكن كافية فقام بإزالة كل المنافسين من طريقه بالرغم من كفاءتهم وأحق منه بالمنصب.
ومن أبرز أساليبه في حربهم تلفيق قضايا فساد زائفة عليهم, وهذا ما حدث بالفعل مع احد الموظفين حيث تم تلفيق قضية عليه واجبر على تقديم استقالته أو يكون بالسجن مصيره.
بدأت قضايا الفساد المتعلقة بالفالح قبل توليه للمنصب حيث قام بابتعاث ابنه لدراسة البكالوريوس في الهندسة في جامعة ماساتشوستس المعروفة اختصارا ب (MIT) وهي الأفضل في مجال الهندسة في العالم في حين يبعث الطلبة العاديون إلى جامعات أقل مستوى منها بكثير.
بعد أن أنهى دراسة البكالوريوس عاد للعمل في مصفاة رأس تنورة لمدة وجيزة لم تتجاوز السنتين, ثم أعيد ابتعاثه من جديد لدراسة الماجستير في جامعة (ستافورد) تخصص إدارة أعمال الملفت أن تكلفة دراسته للماجستير حوالي مليون ريال نظراً لغلاء الدراسة في الجامعة.
بعد أن أنهى دراسة الماجستير عاد مرة أخرى للشركة لكنه لم يداوم يوم واحد بعد عودته حيث قام والده بنقله إلى شركة (ماكينزي) للرؤية الوطنية, وتولى فيها منصبا رفيعاً.
على طريقة النعيمي, قام الفالح بتوظيف جميع أقاربه “تقريبا” في الشركة بما فيهم زوجته التي تعمل كأستاذة جامعية في جامعة الدمام وتسيطر بشكل كبير على الشركة حتى بات معروفا بأنها هي رئيسة أرامكو الفعلية.
قامت زوجته بتعين ابناء وبنات اخوانها واخواتها في الشركة دون حسيب أو رقيب كما أنها تتحكم بشكل كبير في ملفات التعيين والتوظيف.
كما أنها تستخدم طائرات الشركة الخاصة بشكل شخصي في السفر والسياحة حول العالم لها ولصديقاتها وأقاربها, اضافة للطائرة الخاصة التي يستخدمها الفالح.
تصرف الشركة مبالغ طائلة كتكلفة تشغيلية لهذه الطائرات إضافة لرواتب الطيارين “مبالغ تقدر بمئات الآلاف أسبوعياً” كما أن رواتب الطيارين “الغير سعوديين” أعلى بكثير من رواتب الطيارين السعوديين.
اشتهر الفالح دون غيره من رؤوسا ارامكو بفساده المالي تحديداً, حيث كان ولا يزال يتلاعب بعقود الشركة ويجير امكانياتها لحسابه الشخصي, حيث أمر ببناء قصر له ولأسرته على حساب الشركة تقدر قيمته بحوالي 20مليون ريال إضافة لبيته الأول في حي الرابية.
لم يكتفي الفالح بتوظيف أقاربه وأقارب زوجته في الشركة بل قام بتوظيفهم كذلك في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية, حيث قام بتوظيف مجموعة كبيرة من أقاربه هناك والكثير منهم يشغل وظيفتين في الشركة والوزارة.
الفالح الذي يشغل حاليا رئيس مجلس الإدارة في الشركة, قام بتعيين “أمين الناصر” كرئيس للشركة بعد استلامه حقيبة وزارة الطاقة.
الناصر هو عبارة عن دمية يقوم الفالح بالتحكم به كما يشاء وكان هذا شرط تعيينه الأساسي, وهي نفس الوصاية التي كانت تمارس على الفالح من قبل النعيمي سابقاً.
بعد حملة الريتز ومحاربة الفساد التي اطلقتها المملكة, توتر الفالح كثيراً وبدأ يشعر بقلق حقيقي من احتمالية استدعاءه وخصوصا بعد أن تم استدعاء النعيمي فقام بتصفية بعض الأمور المالية وإيقاف جميع العقود الكبرى ووجه أقاربه وزوجته للتوقف عن أي نشاط مشبوه.
بقيت الأمور على هذا الحال فترة, حتى أن الفالح لم يكن يوقع على أي قرار حينها مما أضر بسير العمل, وبعد أن شهر باطمئنان أكبر وأن حملة الفساد لن تطاله عاد لأفعاله التي كان عليها, وعاد ليمارس فساده بصورة أكبر من السابق دون حسيب أو رقيب.
السعوديون قلقون من تفشي معدلات الفساد في المؤسسات الحكومية ومطالبهم بمعاقبة الفاسدين أصبحت أكثر إلحاحا.
هذا ما خلصت إليه دراسة أجرتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة” حاولت رصد مستويات استفحال الرشوة والواسطة في السعودية.
كشفت الدراسة أن 62.91 في المئة من الموظفين يضعون الواسطة في قمة هرم الفساد بالمؤسسات الحكومية, تليها اللامبالاة في العمل 19.36 في المئة, والرشوة وتذيل الاختلاس والتزويد قائمة الفساد لدى السعوديين.
سبق أن رصدت جهات رقابية عشرات التجاوزات والمخالفات المالية والإدارية بمدينة طبية (غير تابعة لوزارة الصحة)، من أبرزها مخالفة مضامين 8 أوامر ومراسيم وقرارات وأنظمة ولوائح معتمدة، واعتماد 8 لوائح داخلية خاصة بها غير معتمدة، والعمل بـ10 سلالم رواتب، وصرف بدلات.
والمخالفات تضمنت صرف مرتبات ومزايا مالية مبالغ لبعض المديرين النافذين تتجاوز الراتب الأساسي للبعض، على سبيل المثال راتب إحدى العاملات بالمؤسسة قفز من 5400 ريال في سنة التعيين عام 2000 إلى 44671 ريالا في عام 2017، أي أن راتبها زاد 39271 ريالا خلال 14 سنة.
كما رصدت الجهات الرقابية في تقرير حديث، منح موظفين مبلغ علاوة سنوية من ضعفين إلى أربعة أضعاف، كما كشفت عن وجود خطأ حسابي في تجميع البدلات، عند مراجعة حسابات يناير/كانون الثاني 2017، وهو ما نتج عنه فروقات كبيرة بين الراتب والبدلات وإجمالي الراتب، وهو ما أسفر عن صرف مبلغ 509 آلاف و888 ريالاً بالزيادة لـ51 موظفاً.