كشف مصدر سعودي أن التحالف السعودي في الحرب على اليمن حول مطار الغيظة اليمني لقاعدة تدريب قوات أجنبية.
وقال المصدر ل”ويكليكس السعودية” إن تعليمات صدرت من وزارة الدفاع السعودية بتخصيص مطار الغيظة إلى قاعدة عسكرية بأهداف مشبوهة.
وذكر المصدر أن ضباط أجانب يعتقد أنهم بريطانيون وأمريكيون يشرفون على تدريبات عسكرية يوميا وسط تكتم شديد.
وكشف المصدر عن مشاركة خاصة للجيش الإسرائيلي في الأنشطة العسكرية الجارية في مطار الغيظة فيما لم يتضح الهدف والخطط من ذلك.
ومنذ عدة أشهر سارع النظام السعودي للاستجداء بقوات أجنبية لبسط سيطرته في محافظة المهرة اليمنية.
وتسارعت تلك الخطوات مع نهاية العام الماضي قبيل الحديث عن أية حلول للأزمة اليمنية التي توعد الرئيس الأمريكي جو بادين بإنهائها منذ حملته الانتخابية.
وشكلت السعودية غرفة عمليات عسكرية مشتركة برفقة قوات أمريكية وبريطانية في محافظة المهرة على الساحل الشرقي لليمن.
وأظهر ذلك محاولة السعودية تثبيت واقع جديد على الأرض قبل انطلاق أي عملية سلام شامل تدفع باتجاهها.
وأفادت مصادر قبلية بأن الغرفة تم إنشاؤها في مطار الغيظة حيث تتواجد وحدات أمريكية وبريطانية في المطار الذي حولته القوات السعودية قاعدة عسكرية لها منذ العام 2018.
أطماع استراتيجية
وتشير الخطوة الجديدة إلى وجود ضوء أخضر دولي للسعودية لاحتلال المحافظة الواقعة على بحر العرب والتي تسعى الرياض منذ عقود إلى شق قناة بحرية عبر أراضيها.
بهدف الربط بحر العرب بالأراضي السعودية القريبة وبما يسهل تصدير النفط عبر بحر العرب بدلا عن مضيق هرمز الذي يشهد توتراً متصاعداً مع إيران.
وجاءت هذه الخطوة عقب حراك بريطاني امريكي على الصعيدين العسكري والسياسي بدأً بإرسال القوات الأمريكية للمزيد من حاملات الطائرات وإجراء مناورات عسكرية قبالة سواحل المحافظة اليمنية.
ومنذ بدء التحالف الحرب على اليمن عام 2015 ظل التركيز السعودي على محافظة المهرة رغم بعدها عن ساحة المواجهات مع “الفزاعة الإيرانية” التي يحاول التحالف تبرير حربه وحصاره على اليمن بها.
في السياق فضح مركز (هنا عدن للدراسات الاستراتيجية) الأجندة الاستراتيجية للسعودية في محافظة المهرة اليمنية وما تتضمنه من أطماع للنفوذ.
وناقش تقرير أصدره المركز تلقى “ويكليكس السعودية” نسخة منه، الاستراتيجية السعودية متناولا مظاهرها وإبعادها وآثارها على المشهد العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن.
إحداث أزمة شاملة
طوال السنتين الأولى للحرب، احتفظت محافظة المهرة اليمنية بحالة سلام ولم يكن هناك ما يستدعي أي معارك فيها أو تواجد لأي قوة خارجية.
وتمكنت السلطة المحلية من حفظ الأمن وإدارة الحياة العامة بمستوى جيد، وجنبت المحافظة أي انزلاق محتمل نحو العنف.
وبين عشية وضحاها، تعمدت القوات السعودية في 12 نوفمبر/تشرين الثاني،2017 م سحب المحافظة نحو أزمة كبيرة، حدثت فيها تحولات كبيرة.
والمهرة ثاني أكبر محافظات اليمن من حيث المساحة، وهي منطقة تقع في أقصى شرقي البلاد.
تحدها عمان من الشرق، والسعودية من الشمال، ومحافظة حضرموت من الغرب، وبحر العرب من الجنوب.
ويعد ساحلها البالغ طوله 560 كيلومتراً هو الأطول من أي ساحل آخر في أي محافظة يمنية.
وتشمل المحركات الرئيسية للاقتصاد المحلي في المهرة صيد الأسماك والزراعة وتربية الحيوانات.
والإيرادات الجمركية الناتجة عن المنافذ الحدودية للمحافظة مع سلطنة عُمان.
ذرائع واهية
وتحت ذريعة التهديد الحوثي، تغلغلت القوات السعودية في المحافظة الأكثر هدوء والأكثر اقتصادا في اليمن.
ولتحديد موقف جماعي لأبناء المهرة فيما يتعلق بالقوات السعودية، تم عقد اجتماع بين ممثلي السلطة المحلية ولجنة أمن المحافظة والمجلس العام والقبائل.
في 15 نوفمبر / تشرين الثاني 2017، حدد الاجتماع ستة شروط للسماح بنشر القوات السعودية.
أهمها عدم تحويل المطار إلى ثكنة عسكرية، وضرورة التنسيق بين القوات السعودية والسلطة المحلية.
وفرضت سلطات آل سعود تغيرات إدارية في السلطات المحلية، وعمدت على تعزيز قواتها العسكرية.
فرضت القوات السعودية على البضائع المستوردة العبور حصراً عبر الميناء والمنافذ الحدودية.
تسبب هذا في تشكّي السكان المحليين من تباطؤ استيراد البضائع ومطالبتهم بإعادة نقاط الدخول إلى سيطرة السلطة المحلية.
وأعرب زعماء قبائل المهرة عن قلقهم المتزايد من تأثير عسكرة المحافظة على السلام والتماسك والهوية الاجتماعية في المهرة.
التضييق على عُمان
مؤخرا كثفت القوات السعودية من تحركاتها السرية في محافظة المهرة شرقي اليمن، وذلك بهدف إنشاء قاعدة عسكرية في محمية “حوف” الطبيعية المحاذية لسلطنة عمان.
ومنتصف سبتمبر الماضي، وصل ضباط سعوديون إلى مديرية حوف استعدادا لإنشاء قاعدة عسكرية سعودية على الحدود مع سلطنة عمان.
وتأتي هذه الخطوة بعد السيطرة السعودية على منفذ “شحن” بمحافظة المهرة في 26 أغسطس 2020. وبهذا أصبحت السعودية تتحكم بأغلب المنافذ التابعة للمحافظة.
وتسيطر القوات السعودية حاليا على مطار محافظة المهرة والمنافذ الحدودية والميناء البحري الرئيس.
وبنت أكثر من ثلاثين موقعا وثكنة وقاعدة عسكرية برية وبحرية حول المحافظة ويتمركز فيها الآلاف من الجنود وقوات يمنية موالية للسعودية.
أطماع سعودية
منذ البداية كانت الأطماع السعودية في المهرة واضحة للعيان، وبعد خمس سنوات من التدخل العسكري للتحالف العربي، اتضحت كل الأجندة السعودية.
1- تسعى المملكة إلى بناء قوات مليشاوية تقوض الشرعية في جنوب البلاد.
2- حاجة المملكة لمد أنبوب نفطي خاص بها، يكون بمثابة منفذ بديل وآمن يمكِّنها من تأمين عملية تصدير نفطها للخارج عن طريق بحر العرب.
وذلك بدلا من مضيق “هرمز” الخاضع تحت سيطرة إيران وجماعاتها.
3- تعتقد المملكة سلوكها طرق غير رسمية هو أقل تكلفة لها وأيسر وصولًا من الالتزامات القانونية والرسمية.
وفي الحالات القليلة التي لم تتمكن فيها السعودية من انتزاع ما تريده من مصلحة في اليمن وبالطريقة التي تتصورها.
لم يكن الأمر يدفعهم لمراعاة اشتراطات الجانب اليمني وتلبيتها، بل مباشرة يلجؤون لرفض القبول بأي اتفاقية لا يتمكنون فيها من إملاء شروطهم كاملة.
ويؤجلون الأمر، وفي قضية: مد أنابيب نفطية عبر الأراضي اليمنية، تجلى الأمر بوضوح.
وقال رئيس الوزراء الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، رغم تعامل المسؤولين اليمنيين بإيجابية مع الطلب إلا أن سلطات آل سعود كانت ترفض الشروط والطلبات اليمنية.
مأزق السعودية
تواجه المملكة ثلاث معضلات رئيسة تتعلق بتواجدها العسكري في المهرة، وهي معضلات لا يمكن القفز عليها بسهولة كما لا يمكن معالجتها
.
المأزق الأول: انكشاف أطماع الرياض بشكل جلي وواضح وبما أفقدها أي مبرر سياسي ممكن.
ويمكن القول إن المهرة كانت بمثابة الكاشف المركزي الأوضح لمخططات السعودية باليمن، وبشكل لا يترك أي مجال للبس.
فقد حولت السعودية محافظة يمنية آمنة ومستقرة ومعزولة عن ظروف الحرب في باقي المحافظات؛ إلى محافظة تشهد أكبر عملية توتر داخلي بفعل تواجدها العسكري هناك.
المأزق الثاني: دخولها في مواجهة شعبية مفتوحة مع أبناء المجتمع المهري وتمزيق النسيج الاجتماعي المترابط للمحافظة.
ومحاولة شراء واستقطاب بعض رموز القبائل لجانب حوادث الاشتباك مع المتظاهرين الرافضين لتواجدها.
وبشكل جعل المجتمع المهري يعيش حالة غليان واحتقان شعبي واسع لم يعيشوه طوال تأريخ محافظتهم الهادئة والمسالمة.
المأزق الثالث: التجاوز الصارخ للحكومة الشرعية وتأسيس وجودها العسكري هناك بمعزل عن أي تنسيق رسمي واحترام لسلطات الدولة.
وبهذا تكون السعودية قد أسقطت الغطاء القانوني لتواجدها هناك.
وبالنظر لعجز السلطات الشرعية عن حماية سيادتها، تكون السعودية بهذا قد أسست لبؤرة صراع تحمل كل عوامل انفجارها داخليا.
وبشكل ينذر بمواجهة شعبية لا يمكن التكهن بمستقبلها.
وذلك إذا ما أصرت السعودية على تجاهل المشكلة وقررت مواصلة مشروعها المشبوه موفرة بذلك كل المبررات المنطقية لمواجهتها كقوة احتلال، وبطريقة خشنة.