فضح استطلاع دولي للرأي العام في السعودية الغضب الشعبي المتنامي من سوء الوضع الاقتصادية في ظل الفشل الذريع لرؤية 2030 التي يروج لها ولي العهد محمد بن سلمان.
وكشف استطلاع رأي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن نصف السعوديين متشائمون حيال “الوضع الاقتصادي السيئ عمومًا في البلاد”، بمن فيهم نسبة 22% تؤيد هذه المقولة “بشدة”.
جمع مراقبون على أن ولي العهد محمد بن سلمان يكرس هشاشة القاعدة الاستثمارية وضعف التخطيط الاقتصادي فيما يتخذه من قرارات تتعلق باقتصاد المملكة وشركاتها الكبرى.
ويبرز المراقبون أن بن سلمان يتخذ قرارات فردية عشوائية ولا يعتمد على دراسات استراتيجية لمواجهة مشاكل المملكة الداخلية فضلا عن أنه لا يعطي اهتماما للمواطنين.
فعلى سبيل المثال لا توجد أي إحصاءات وتقارير اقتصادية تظهر للمواطن السعودي إلى أين المملكة ذاهبة وهو لا يعرف غير التأجيل والتخدير وأن ما لم ينجح في 2020 سوف ينجح في 2025، وإن لم يتم ذلك، سوف ننتظر إلى 2030.
ورغم كل ما تملكه السعودية من ثروات والحديث المتكرر عن استثمارات، فإن المملكة تعاني من نسبة بطالة تصل إلى حدود 12% تقريبا طيلة سبع سنوات متواصلة.
كما تعاني من هشاشة في البنية التحتية لجميع المشاريع، وسوء تخطيط المدن، حيث لا تزال هناك قرى ومدن لم تصلها الكهرباء، ومازال بعض المواطنين يحسبون أن الانترنت ضرب من ضروب الخيال وبعضهم لم يسمع عنه قط.
وأخر قرارات بن سلمان العشوائية جاء الإعلان عن حصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يرأسه محمد بن سلمان، على 4% من أسهم شركة “أرامكو” النفطية، تُقدّر قيمتها بنحو 80 مليار دولار، وذلك بهدف دعم عمل الصندوق على تنويع الاقتصاد.
وعلقت وكالة Bloomberg الأمريكية أن “الحكومة السعودية تنقل 80 مليار دولار من أرامكو إلى صندوق الثروة السيادي للمملكة، وتعتبر صفقة عبارة نقل الأموال من جيب حكومي إلى آخر، بهدف الحصول على السيولة المالية”.
وأشارت الوكالة إلى بيان خاص بشركة أرامكو تقول فيه؛ إن الصفقة عبارة عن تحويل خاص بين الحكومة وصندوق الثروة السيادي، وأن أرامكو ليست طرفاً في تحويل الأموال ولم تدخل في أي اتفاقيات، ولم تتلقى أي عائدات من التحويل“.
من جهتها وكالة الأنباء السعودية، قالت إنه “تم نقل 4% من أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) إلى صندوق الاستثمارات العامة”، مضيفة، نقلاً عن ولي العهد، أن الخطوة “جزء من استراتيجية المملكة طويلة المدى الهادفة لدعم إعادة هيكلة الاقتصاد”.
وجاءت عملية نقل الأسهم بعد تقارير حول نية المملكة بيع نسبة ضئيلة من أسهم شركة “أرامكو” العملاقة لجهة أجنبية.
وادعى بن سلمان أن “نقل هذه الأسهم هو جزء من استراتيجية المملكة طويلة المدى الهادفة لدعم إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، كما يسهم في دعم خطط الصندوق الهادفة لرفع حجم أصوله تحت الإدارة إلى نحو 4 تريليونات ريال سعودي بنهاية عام 2025”.
وأضاف أن أسهم الشركة ستساهم “في تعزيز مركز الصندوق المالي القوي، وتصنيفه الائتماني المرتفع على المدى المتوسط، حيث يعتمد الصندوق في خطته التمويلية على قيمة الأصول والعوائد الاستثمارية من الأصول تحت الإدارة”.
ويستهدف صندوق الاستثمارات المالية في نهاية 2025 ضخ ما يصل إلى تريليون ريال سعودي في المشاريع الجديدة محلياً، وفقاً لولي العهد، الذي أضاف أن الصندوق يهدف أيضاً “لزيادة إسهامه وشركاته التابعة في المحتوى المحلي، لتصل إلى 60% إلى جانب استحداث المزيد من الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل المحلية”.
يُذكر أن أرامكو أُدرجت في البورصة السعودية، في ديسمبر/كانون الأول 2019، بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29,4 مليار دولار مقابل بيع 1,7% من أسهمها.
وتُعد “أرامكو” أكبر شركات المملكة وثاني أكبر شركة مدرجة في العالم، ومملوكة للحكومة السعودية، وتنتج في الظروف الطبيعية 10 ملايين برميل يومياً.
وفي السياق أكدت تقارير دولية متطابقة أن ارتفاع مستويات التضخم بدأ يزيد أزمة الاقتصاد السعودي وسط فشل حكومي وتأثير سلبي خطير لواقع الفساد والاستثمارات الطائشة.
وأبرزت وكالة رويترز الدولية أن مخاوف التضخم بدأت تلقي بظلالها على نمو القطاع الخاص السعودي، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات للاقتصاد إلى أدنى قراءة له في ثلاثة أشهر.
وأوضحت الوكالة أن “انخفاض مستوى الثقة في نشاط الأعمال المستقبلية إلى أدنى مستوى تم تسجيله على الإطلاق في السعودية، مما يشير إلى درجة ملحوظة من عدم اليقين حول إمكانية الحفاظ على معدل نمو الإنتاج في القطاع الخاص”.
وبحسب الوكالة انخفض مؤشر S&P Global Saudi Arabia لمديري المشتريات المعدل موسميًا للاقتصاد بأكمله إلى 55.7 في أبريل من 56.8 في مارس، وهو أدنى قراءة له في ثلاثة أشهر.
وأشار مؤشر مديري المشتريات في السعودية إلى تحسن قوي آخر في صحة القطاع غير النفطي في أبريل، لكنه أظهر أيضًا العلامات الأولى لضغوط الأسعار التي تؤثر في قرارات الإنفاق لدى العملاء.
وكان معدل نمو الطلبات الجديدة هو الأدنى منذ يناير، حيث أشار بعض أعضاء فريق المناقشة إلى انخفاض في المبيعات بسبب الزيادات الأخيرة في الرسوم.
كما توسع مؤشر الإنتاج الفرعي بوتيرة قوية لا تزال 59.7 في أبريل ، على الرغم من انخفاضه من 62.4 في مارس وأقل من متوسط السلسلة البالغ 61.3.
وأدى الارتفاع الملحوظ في أسعار الإنتاج خلال شهر أبريل، في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأساسية ومخاوف التضخم العالمي، إلى المخاطرة بتراجع المبيعات بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.
وانخفضت ثقة الأعمال في مستويات النشاط المستقبلية إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أشهر وواحد من وهو أدنى مستوى تم تسجيله على الإطلاق، مما يشير إلى درجة ملحوظة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان يمكن الحفاظ على المعدل الحالي لنمو الإنتاج.
ومع ذلك، تأرجح مؤشر التوظيف الفرعي للنمو في أبريل بعد انخفاض طفيف إلى ما دون مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش في مارس. وكان النمو أسرع وتيرة في 10 أشهر ، إلا أنه كان هامشيًا.
من جهتها أوردت وكالة Bloomberg الدولية أن السعودية معرضة لمخاطر ارتفاع معدلات التضخم، حيث أثبتت المملكة أنها ليست محصنة ضد الارتفاع الأخير في التكاليف العالمية، حتى مع ارتفاع اسعار النفط التي تعزز اقتصادها حالياً.
وذكرت الوكالة أن نمو الطلبات الجديدة في القطاع الخاص السعودي انخفض إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر في أبريل، ورفعت الشركات رسوم البيع بشكل حاد لتعويض تكاليف المدخلات، مما يهدد بتراجع المبيعات بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.