فضحت صحيفة “لوكنار أونشينيه” الفرنسية “المسرحية الإنسانوية للسعوديين في باريس” تشرح به حالة المملكة بعد جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في سفارة المملكة باسطنبول والجرائم التي يرتكبها النظام في اليمن.
وأشارت الصحيفة إلى تنظيم رابطة العالم الاسلام المدعومة من محمد بن سلمان مؤتمرا دوليا للسلام والتضامن في محاولة لتجميل صورة النظام الحاكم في الغرب بعد جرائمه في اليمن وقتل الصحفي خاشقجي، واصفة ما تقوم به الرابطة بالمهزلة .
وأضافت الصحيفة أن “المملكة في جولة عالمية من أجل اعادة التأهيل ” في حالة استغراب من الصحيفة لما تقوم به الرابطة من جولات وزيارات , نظم ممثلوا الرابطة زيارة الفاتيكان وسيرلانكا وروسيا، ووعدوا بزيارة “أوشفيتز” في العام القادم للمشاركة في الاحتفال بمرور 75 سنة على تحرير المعسكر.
وتتحدث الصحيفة عن استقبال أمين عام الرابطة “محمد العيسى” حاخام فرنسا الأكبر “حاييم كورسيا”، وممثلين عن الطوائف المسيحية، وهما “المونسنيور ديفوا”، أسقف مدينة ليل، و”فرانسوا كلافيرولي”، رئيس الفدرالية البروتستانتية في فرنسا، من أجل “قضية كبرى”، وهي التوقيع على “مذكرة تفاهم وصداقة” بين كل هذه الديانات.
وحمل اللقاء اسم “الحوار بين الديانات” الذي جاء بمبادرة من الرابطة الموالية للنظام الملكي الذي يدعي ادانة الارهاب، حيث أشارت الصحيفة ان الأمين العام للرابطة هو وزير العدل السابق في المملكة وكان أصدر حكما في عام 2014 علي المدوّن “رائف بدوي” بألف جلدة و10 سنوات سجنا.
وسخرت الصحيفة من العيسى “هو اليومَ، أفضلُ صديقٍ لحرية التفكير”، مشيرة إلى أن “مؤسسة الإسلام في فرنسا”، التي أنشأها وزير الداخلية الأسبق “كازينوف”، سنة 2016، بهدف “مواجهة الأيديولوجيا السلفية التي تغذي العنف والمتطرفين الجهاديين”، تدعم مؤتمر الحوار الديني المثير للجدل.
وتساءلت “لوكنار أونشينيه” عن إقحام “مؤسسة الإسلام في فرنسا” في هذا النشاط، الذي يبدو أن المملكة دفعت كل تكاليفه، أي” تأجير فندق برونيار والكوكتيل والعشاء”.
وكان أعرب مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا، المرتبط بالمجلس الفرنسي الإسلامي، عن دهشته من مبادرة تنظيم المؤتمر، وأبدى رئيسه “عبدالله زكري”، في بيان أسفه لـ”تهميش الهيئات الرسمية الممثلة للديانة الإسلامية” في فرنسا. كما ندد “زكري”، برابطة العالم الإسلامي التي تجسد برأيه “إسلاما لا يمثل مسلمي فرنسا، ولا يتوافق (…) مع قيم الجمهورية”.
وسخرت “لوكنار أونشينيه” من سبب غياب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، اللذين كان يُعوَّل على حضورهما من أجل إثراء وجود النظام الملكي، كما تكتب الصحيفة.
وحتى الراهب البوذي، من أصل فرنسي، ماتيو ريكار، وبعض الأكاديميين، فضّلوا الغياب عن هذا النشاط.
ولم تكتف الصحيفة بالسخرية فقط من عدم الحضور فحسب بل ذكرت بعض المواقف المحرجة داخل المؤسسة، فيما عبَّرَ بعض أعضاء الرابطة عن تململ بسبب هذه الصفقة التي تمت من وراء ظهورهم وهو ما أحرج حتى رئيس هذه المؤسسة، غالب بنشيخ، الذي نأى بنفسه عن لعب دور المتحدث باسم هذه المنظمة السعودية، ولو أنه اعترف بلقائه مسئول في المملكة أربع مرات: “لكنه ليس هو الرجل الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام عادة”، مضيفا أن الرجل “تغيَّر واعترف بأخطاء الماضي، واقترحتُ عليه أن يأتي ليصرح بها علانية”.
وكتعويض عن عدم حضور الرئيس إيمانويل ماكرون، كما كان مقرَّراً، كي يبتدئ النقاشات، ثم رئيس حكومته، شهد افتتاح “المعهد الفرنسي للحضارة الفرنسية” بجوار المسجد الكبير، في مدينة ليون، حضور وزير الداخلية والعبادات الحالي كريستوف كاستانير، والسابق جيرار كولمب، وهو معهد بلغت مساهمة السعودية فيه مليونا ونصف مليون يورو.
ولم يكن مقال “لوكنار أونشينيه” الوحيد المنتقد لهذا الموقف الفرنسي، المتساهل مع النظام في المملكة. فقد رأى أوريليان مارك في موقع “كوزور”، أن “مسؤولينا ينبطحون أمام الرابطة الإسلامية العالمية”، ورأى فيه “نقص شجاعة في مواجهةِ توتاليتاريةٍ ذات طموحات عالمية”.
وشدد مارك على أنه “لا يمكن سوى أن نغضب من فرنسا وهي تعتني بنظام سعودي فظيع”. وأن ما سُمّي بـ”ندوة من أجل السلام” لم يكن سوى “مهزلة”، مستشهدا بمقولة للكاتب الجزائري، كمال داود، يصف فيها المملكة بأنها “داعش التي نجحت”.
وكتب أنه بينما كانت المملكة تجمّل وجهها، كان رئيف بدوي لا يزال يقبع في سجون آل سعود.