في 11 مايو 2020 يمر عام على تنفيذ رئاسة أمن الدولة في نظام آل سعود مداهمة عنيفة استمرت 7 ساعات، قتلت خلالها 8 مواطنين وخلفت أضراراَ كبيرة في الممتلكات في بلدة سنابس في جزيرة تاروت شرق البلاد.
مصادر محلية أشارت إلى أن قوات آل سعود حاصرت البلدة قبل أن تنفذ مداهمة بالرصاص الحي على مبنى سكني يتألف من عدة شقق حيث سمع السكان أصوات الانفجارات والرصاص الحي لعدة ساعات.
وبحسب الصور المتداولة من موقع المداهمة، استخدمت القوات أسلحة بينها سيارات مصفحة ومزودة برشاشات إلى جانب مدرعات الشبل ٢ المزودة بالسلاح الأساسي والقذائف، والقنابل الحارقة والمتفجرة والقناصة.
القوات الأمنية أمرت الأهالي بإخلاء المنازل المجاورة لموقع الإقتحام خلال وقت قصير من دون تأمين مسكن بديل، وعمدت إلى هدم منزلين مجاورين إلى جانب المنزل المستهدف بشكل كامل. مصادر أهلية اعتبرت أن الدمار الذي لحق بالمنزل المستهدف واحتراقه بمن فيه، دفع القوات الأمنية إلى هدم المنزلين المجاورين لإخفاء مدى العنف الحاصل وطمس جميع آثار العملية.
الدمار الكبير واحتراق جثامين الضحايا صعّب عملية التعرف على هوياتهم وتم أخذ عينات حمض نووي من العائلات من أجل التأكد من الجثامين. لم تعلن السلطات المختصة بشكل رسمي عن أسماء الضحايا ولم تبلغ العائلات ولم تسلمهم الجثامين حتى الان. إلا أن المعلومات أشارت إلى أن الضحايا وجميعهم من بلدة العوامية هم: أحمد طارق الفرج، محمد عبد الله النمر، عقيل نبيل آل جوهر، هادي طارق الفرج، محمد سعود أبو كبوس، فهد عبدالله آل ربح، حسن عبدالله النمر، علي عبدالله النمر.
رئاسة أمن الدولة، أصدرت حينها بيانا إعتبرت فيه أن العملية استهدفت خلية إرهابية، وأوضح البيان أن “الجهات المختصة رصدت مؤشرات قادت إلى الكشف عن وجود خلية إرهابية تم تشكيلها حديثا تخطط للقيام بعمليات إرهابية تستهدف منشآت حيوية ومواقع أمنية”. في المقابل، أكدت المعلومات أن القوات الأمنية لم تسعى لمعرفة هوية الموجودين في المنزل واستخدمت القوة فور وصولها. إلى جانب ذلك فإن أيا من الضحايا، كان على قوائم المطلوبين التي كانت وزارة الداخلية السعودية قد نشرتها، والتي كانت على صلة بالمظاهرات التي بدأت منذ العام 2011.
وأكدت المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تواجدهم في بلدة سنابس قد يكون نتاج المخاوف من اعتقالهم وتعرضهم إلى مختلف أنواع الانتهاكات بسبب مشاركة بعضهم في الحراك المطلبي.
فبحسب معلومات المنظمة، يلجأ بعض المطلوبين بشكل علني أو من يشكون بكونهم على لوائح المطلوبين غير المعلنة، للتخفي بسبب الخشية من التعذيب الوحشي في حال الاعتقال، إلى جانب انعدام الثقة في القضاء الذي أصدر العديد من الأحكام التعسفية وصلت حد الإعدام بحق شخصيات سلمية.
لم تكتف قوات آل سعود بالمداهمة حيث استمرت الانتهاكات، وأبقت القوات المسلحة على تطويق حي الصواري المستهدف في البلدة 15 يوما بعد المداهمة، وانسحبت في 26 مايو 2019. كما أنها شنت حملة اعتقالات طالت 6 شبان.
مع مرور عام على الجريمة، وعلى الرغم من توثيق العنف الذي تم استخدامه وسقوط ضحايا، لم تعمد حكومة آل سعود إلى فتح أي تحقيق لتحميل مسؤولية إراقة الدماء والانتهاكات الأخرى أو الكشف عن تفاصيل المداهمة التي أدت إلى القتل.
كما أنها لا زالت ترفض تسليم جثامين الضحايا الثمانية، في إصرار على ممارسة التعذيب النفسي بحق العائلات، وفي تأكيد على النهج الذي تنفذه بحق 86 ضحية على الأقل تحتجز وتغيب جثامينهم بحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
إضافة إلى ذلك، لم يطرأ على سياسات الحكومة السعودية أي تغيير، حيث تستمر بعمليات القتل التعسفي خارج نطاق القضاء والتهجير القسري، حيث عمدت قوات آل سعود مؤخرا إلى قتل المواطن عبد الرحيم الحويطي في بلدة خريبات في شمال غرب السعودية، خلال عملية تهجير قسري للسكان الأصليين.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية أن قتل حكومة آل سعود للمواطنين هو عملية قتل خارج نطاق القانون، كما أنه استهتار بكافة القوانين الدولية التي تحظر استخدام العنف من دون ضرورة ملحة، حيث يلحظ في هذه العملية كما في حوادث مشابهة، عدم القيام بمحاولات جادة لتفادي قتل الأشخاص وإلقاء القبض عليهم بشكل سلمي، خاصة وأن معظمهم ليس على قوائم المطلوبين.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه العملية هي حلقة من سلسلة العمليات التي شنتها الحكومة في أمكان مختلفة من البلاد، من بينها العديد من المداهمات في منطقة القطيف التي كانت قد رصدتها المنظمة.
كما اعتبرت المنظمة أن ادعاءات رئاسة أمن الدولة بأن الضحايا هم ضمن “خلية إرهابية” أو أنهم مطلوبون، يأتي ضمن سياق إستخدامها لحجة مكافحة الإرهاب للتصعيد ضد المواطنين وترهيبهم، حيث لم يحدد البيان الرسمي ما هي مخططاتهم أو كيفية الوصول إليهم، كما أن هذه التهم تتشابه مع ما تم إستخدامه سابقا ضد النشطاء والمعارضين.
وضعت المنظمة الحقوقية عملية قتل المواطنين في السياق التصعيدي الذي تنتهجه حكومة آل سعود، معتبرة أنها محاولة ترهيب المواطنين باستخدام العنف.
وشددت المنظمة أن هذه القضايا تشكل ملفات متصلة، يجب توثيق تفاصيلها وما تحتويه من انتهاكات تشرف عليها جهات عليا في السعودية، من أجل العمل بشكل قانوني وجدي على تأمين فرصة القيام بتحقيقات مستقلة تشرف عليه جهات قد تكون دولية، ما يؤدي إلى محاسبة كافة المسؤولين الفعليين.