في اليوم العالمي..العنف ضد المرأة السعودية يطال مختلف الحياة
يوافق اليوم الخامس والعشرين من نوفمبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وهي مناسبة تبرز فيها ما تعانيه المرأة السعودية من انتهاكات جسيمة بفعل بطش نظام آل سعود وقمعه.
وتأتي هذه الذكرى من عام 2020 لتذكر بحجم الانتهاكات القمعية والجسدية والنفسية والحقوقية بحق المرأة السعودية، سواء على الصعيد العام والخاص، وفي ظل اضطهاد مستمر للمرأة في سجون آل سعود تقوده الأجهزة الرسمية، كرئاسة أمن الدولة والنيابة العامة والقضاء.
وتشير معطيات حقوقية إلى أن العنف متفشي وهو أحد أوجه معاناة شرائح واسعة من النساء في المملكة.
وبحسب تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة، في إعلانها الصادر في 1993 للقضاء على العنف ضد المرأة، فإنه يعرف بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
وتمارس سلطات آل سعود بشكل رسمي أنواع مختلفة من العنف ضد النساء على صعيد الحياة العامة، رغم الوعود التي أطلقها قبل ولي العهد محمد بن سلمان فيما يتعلق بحقوق النساء وتمكينهن.
ولا تزال تلك السلطات قاصرة عن حمايتهن على صعيد الحياة الخاصة على الرغم من القوانين التي قالت الحكومة أنها ستعمل على ذلك. عدا عن انعدام الشفافية في تعامل السلطات مع القضايا الحقوقية إلى جانب تغييب أي دور للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية مع اعتقال وتهديد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان.
ويصعب الوصول إلى أرقام رسمية للنساء اللواتي تعرضن ويتعرضن للعنف في المملكة. لكن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان رصدت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المراسلات إلى جانب شهادات ذوي المعتقلات، يبين مدى عمق قضية العنف ضد المرأة وضحاياها.
العنف الرسمي: فخلال السنوات الأخيرة، شنت سلطات آل سعود سلسلة اعتقالات طالت نساء بينهن مدافعات عن حقوق الإنسان وناشطات. بعد أكثر من عام على الاعتقال ومع بدء محاكمة بعضهن، تحدثت المعتقلات عن تعرضهن للعنف والتعذيب في المعتقل.
وأكدت المعتقلات أن المحققين قاموا بصعقهن بالكهرباء وجلدهن والتحرش بهن وملامستهن وهن قيد الاعتقال.
ومع مرور أكثر من عامين على اعتقال عدد من الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان، لا زالت سلطات آل سعود تماطل في قضاياهن، ولم يتم التحقيق في الانتهاكات التي تعرضن لها، بل أن الحكومة السعودية نفت ممارسة العنف ضد المعتقلات وساقت تهما تجاه المعتقلات و هاجمت الدول التي انتقدت أو طالبت بالتحقيق حول ما تعرضن له.
العنف المجتمعي: وهناك الكثير من العوائق التي تمنع النساء في المملكة من التحدث عن العنف الأسري الذي تتعرضن له، فإلى جانب انعدام الثقة بالأجهزة الرسمية المنوط بها حمايتهن، وعدم نجاح القوانين في تحقيق ذلك أيضا، فإن العادات والتقاليد والمخاوف المجتمعية تمنع النساء في الكثير من الحالات من التبليغ.
يمنع ذلك الوصول إلى الأرقام الواقعية فيما يتعلق بالعنف ضد النساء، إلا أنه وبحسب الأرقام الرسمية التي صرح عنها المتحدث باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عام 2019، تقدمت 13 ألف امرأة بشكوى تعنف.
إلى جانب الآثار النفسية والجسدية للعنف على النساء وعلى المجتمع، فإن له تأثيرات مباشرة كبيرة، ففي بعض القضايا التي تمكنت المنظمة الأوروبية السعودية من تتبعها، أدى العنف إلى وفاة الضحية، وهذه آثار لا يمكن تعويضها.
إضافة إلى ذلك، فإن انعدام الثقة في القوانين، إلى جانب العادات والتقاليد المحلية التي تزيد المخاوف وتمنع بعض الضحايا من التحرك، دفع العديد من الفتيات إلى الهروب من البلاد بشكل نهائي بما في ذلك ما له من تأثير.
قصور القوانين: في ٢٦ أغسطس ٢٠١٣ أوكلت المملكة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، قضية العنف الأسري وخاصة ما يتعلق بالأطفال حتى سن ١٨ وللنساء.
الوزارة وضعت خط ساخن لاستقبال الشكاوى، إلا أنه مع انتشار قضايا العنف والتعنيف وبعد أن أصبحت قضية رأي عام عوضاً عن كونها شؤون عائلة، بات من الواضح عدم جدوى عمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
فبحسب تتبع القضايا التي تنشر، لا يعمل الخط الساخن بشكل فاعل إلا في الحالات التي تصبح قضية رأي عام وبعد ضغوط من وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من وضع بعض القوانين، ترى الفتيات المعنفات أن القوانين التي تتغنى السعودية بها وبينها قانون الحماية من العنف، غير مجدية ولا يمكن لها حماية المرأة وخاصة مع ما وصفته بعض الفتيات عبر التغريدات بالتواطؤ الرسمي مع الرجال والمعنفين إلى جانب الخوف من لوم الضحية على ما تتعرض له.
انتهاكات دور الرعاية: في نوفمبر 2019، وفي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، تحدثت هيئة حقوق الإنسان السعودية عن تغييرات في التعامل مع ملف العنف ضد المرأة وخاصة فيما يتعلق بدور الرعاية أو الضيافة، التي تعتبرها النساء في السعودية سجنا تجبرن على البقاء فيه في حال التبليغ عن حالة تعنيف.
كما تمنع الفتيات من الخروج من دار الرعاية بدون موافقة ولي أمرها الذكر، الذي يكون في أغلب الأحيان معنفها الذي أبلغت عنه.
هذه الوعود لم تنعكس على الواقع، حيث لا زالت النساء تخشين التبليغ خشية الاعتقال في دور الرعاية من دون أي محاسبة فعلية للمنتهكين. وإلى جانب المخاوف من الاعتقال في دور الرعاية، وثقت عدة فتيات انتهاكات تحصل فيها، من بين ذلك سوء المعاملة وتعذيب وغيرها.
ورأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن تتبع قضايا العنف يؤكد أن سلطات آل سعود غير جادة بحل هذه القضية، خاصة مع استمرار الاستناد إلى بلاغات العقوق و بلاغات التغيب وهي بلاغات يقوم بها ولي الأمر في حالة هروب ابنته أو محاولاتها للعيش باستقلال دون اذنه.
إضافة إلى ذلك، فإن الامتناع عن اعتقال المسؤول عن التعنيف وخاصة في حالات القتل، بالاستناد إلى أحكام متطرفة وفق فهم الشريعة الإسلامية المعمول به في السعودية، يعرض حياة العديد من النساء والأطفال للخطر.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن الأنظمة التي تتغنى بها السعودية لحماية النساء والأطفال من العنف غير مجدية، فإلى جانب عدم تطبيق بنودها بما يردع المجرم، فهي تحتوي على تعريفات فضفاضة قابلة للتأويل في موضوع الإساءة وحدود ولاية الفرد.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه من الصعوبة توفير الحماية الفاعلة للنساء في المملكة بسبب ضلوع الجهات الرسمية في العنف الممارس ضد المرأة، وعدم وجود قضاء مستقل من شأنه يردع الجهات الرسمية المتورطة، ومع استمرار الاعتقال في دور الرعاية، وتلقي بلاغات التغيب والعقوق والكيدية، والعيوب في النصوص والقوانين.
وختمت إنه مما يؤسف عليه، إقدام السعودية في فترات متفاوتة على استهداف الناشطات اللاتي عملن على إنشاء جمعيات تعنى بحماية المرأة، وساهمت بذلك في تفاقم مشكلة العنف ضد المرأة في البلاد.