أظهر تقرير اقتصادي متخصص أن مئات الآلاف من العمالة الوافدة خسروا وظائفهم في السعودية بفعل التدهور الاقتصادي في المملكة وتداعيات أزمة فيورس كورونا المستجد.
وقال مركز الخليج العربي للدراسات الاقتصادي إن عيد العمال يحل هذا العام في السعودية مع استمرار تداعيات جائحة كورونا التي فاقمت أوضاع العمالة سوءاً.
وبحسب المركز تعاني العمالة الوافدة في السعودية الأمرين بعد أن لجأت المملكة إلى التقشف وترشيد الإنفاق تحت وطأة الأزمة الاقتصادية بفعل الفشل الحكومي وتفشي الفساد.
وفي ظل الإغلاقات المستمرة وتواصل إجراءات حظر التجول والقيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية، ارتفعت موجات تسريح العمالة في غالبية هذه البلدان.
والأمر لم يقتصر على المواطنين السعوديين فحسب، إذ تلقى الوافدون ضربة كبيرة، إذ إن الخسائر الفادحة التي تكبدتها هذه الدول بالتزامن مع تفشي الفيروس، زاد من لجوئها إلى استبدال اليد العاملة الوافدة بالمحلية.
وكانت العمالة في السعودية الأكثر تضررا خليجيا، بسبب تهاوي إيراداتها المالية مع تراجع أسعار النفط وتوقف معظم الأنشطة الاقتصادية بسبب كورونا، وتم تسريح مئات الآلاف من العمالة الوافدة خلال العالم الماضي.
ويقول رئيس وحدة البحوث الاقتصادية في مركز الخليج العربي للدراسات الاقتصادي عبد العزيز الخالدي في تصريح له، إن عدد المواطنين السعوديين الذين تم الاستغناء عنهم خلال أزمة تفشي كورونا يبلغ مئات الآلاف.
ويشير الخالدي إلى أن اقتصاد السعودية سيحتاج إلى سنوات من أجل التخلص من آثار أزمة كورونا والتخبط والفشل الحكومي.
ويضيف أن المواطنين والمقيمين يعانون من العديد من الأزمات في ظل الوضع الراهن مثل غلاء أسعار السلع والمواد الغذائية وارتفاع أسعار الرسوم والخدمات الحكومية بالإضافة إلى فرض الضرائب.
ومؤخرا عبر مقررون أمميون عن قلقهم من أحوال العمالة الوافدة إلى المملكة السعودية عامة والمحتجزون في سجونها خاصة.
وكتب هؤلاء رسالة حقوقية إلى سلطات آل سعود عبروا خلالها عن غضبهم الأنباء الواردة إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية لهؤلاء العمال.
وأشارت الرسالة إلى معاناة مئات العمال المحتجزين في العديد من مراكز احتجاز المهاجرين من أجل ترحيلهم.
وأكدت أيضا أن هؤلاء العمال يعيشون في ظروف صعبة وغير صحية ولا إنسانية عدا عن الإيذاء النفسي والجسدي الذي يتعرضون له منذ عدة أشهر.
ورحبت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بمشاركة الأمم المتحدة مخاوفها بشأن الوضع السيئ للعمال المهاجرين.
وأكدت المنظمة الحقوقية أنها تتفق مع المقررين الخاصين على أنه من واجب السعودية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية حياة الأفراد المحرومين.
وذلك من حريتهم وسلامتهم الجسدية وضمان الحق في الصرف الصحي لجميع العمال المهاجرين المحتجزين.
ولفت إلى أن أوضاع المهاجرين تتناقض مع ادعاءات السعودية فيما يتعلق باتخاذها إجراءات شاملة وغير تمييزية ولا سيما فيما يتعلق بمكافحة فيروس كورونا.
وأكدت المنظمة أن التزامات الإعادة القسرية هي حق مطلق وغير قابل للانتقاص بموجب القواعد العرفية الدولية وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ومارس الماضي، قالت وكالة “بلومبرج” الأمريكية إن سلطات آل سعود فرضت قيوداً وشروطاً جديدة على العمالة الوافدة من الخارج.
وأضافت الوكالة الأمريكية أنَّ العمال الأجانب لن يكونوا أحراراً تماماً في دخول البلاد أو مغادرتها.
وبحسب تقرير للوكالة، فقد أضافت المملكة شروطاً إلى حزمة جديدة من إصلاحات العمالة الخاصة بالعمال الأجانب، يمكن أن تحد من حرية الحركة الأكبر التي وعدت بها التغييرات.
وتهدف الإصلاحات التي أُعلِن عنها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وطُبِّقَت الأحد الماضي، إلى ضمان قدر من تكافؤ الفرص بين العمالة الوافدة والمواطنين.
وذلك في محاولة لتقليص البطالة المحلية مع الاستمرار في جذب المواهب الأجنبية.
وتُعَد هذه الإصلاحات ابتعاداً كبيراً عن نظام “الكفالة” المثير للجدل في المملكة وهو الأكثر تقييدا في منطقة الخليج.
والذي تعرَّض لانتقادات من جانب مجموعات حقوق الإنسان لأنَّه يسمح لأرباب العمل باحتجاز العمالة الأجنبية واستغلالها، حتى أن بعضها يرى فيه شكلا من أشكال العبودية الحديثة.
أمثلة عملية
ووفق “بلومبرج” فإنه نظريا لا يحتاج غير السعوديين إلى إذن رب عملهم لتغيير وظيفتهم أو السفر إلى الخارج أو مغادرة البلاد بصفة دائمة.
لكنَّ عمليا، يقول الدليل الذي نشر ملخصه في صحيفة “عكاظ”، عكس ذلك.
وضربت “بلومبرج” مثالا بالعمال الراغبين في الخروج في إجازات، الذين بات يتعين عليهم الدفع مقابل تصاريح حكومية تُستخدَم لمرة واحدة.
ثم الانتظار 10 أيام من أجل الحصول على الموافقة.
أمَّا التصاريح متعددة الاستخدام، وفقا للدليل، فلا بد أن تُطلَب من خلال أرباب العمل.
وتقول الوكالة، إنه “قد يكون للسياسات الجديدة أثر كبير على سوق العمل في المملكة وحياة العمالة الوافدة التي تُشكِّل ما يصل إلى ثلث سكان المملكة”.