273 مليار دولار إنفاق آل سعود على المعدات العسكرية خلال 5 أعوام
تفوق الإنفاق العسكري المسجل في ميزانيات المملكة لآخر 5 سنوات حجم الإنفاق في قطاعي التعليم والصحة ضمن هوس نظام آل سعود في التسلح خدمة لأطماعه في التوسع ومواصلة حرب اليمن وتعزيز تحالفاته الخارجية المشبوهة.
وبحسب بيانات معهد عالمي متخصص بالإنفاق العسكري للدول، تجاوزت مخصصات الإنفاق العسكري للسعودية منذ 2016 حتى 2020 نحو 273 مليار دولار، ومثلت تلك النفقات 20.9 في المائة من الإنفاق الحكومي إجمالا.
في المقابل بلغ الإنفاق الحكومي خلال الفترة نفسها 271 مليار دولار على قطاع التعليم، بما يمثل 20.7 في المائة من إجمالي النفقات، و202 مليار دولار على قطاع الصحة، ما يشكل 15.4 في المائة من الإنفاق الحكومي.
يذكر أنه منذ 26 مارس/ آذار 2015، يشن تحالف آل سعود عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين بعد بسط نفوذهم على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بقوة السلاح.
وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية مورد السلاح الرئيس للسعودية، خاصة بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2017.
وفي أول جولة خارجية له، اختار ترامب الرياض محطة أولى له في مايو/أيار 2017، نتج عنها توقيع صفقة توريد أسلحة إلى السعودية، وبلغت قيمتها 110 مليارات دولار من أصل 470 مليار دولار وعدت السعودية بإنفاقها على مشتريات أسلحة أمريكية على مدى 10 سنوات، توفر مليون وظيفة لعمال أمريكيين.
وخصصت حكومة الرياض 18 في المائة من ميزانيتها للعام الحالي للإنفاق العسكري، بقيمة 48.5 مليار دولار، بتراجع نسبته 5 في المئة عن 2019، البالغة 51 مليار دولار.
وحسب وثيقة الميزانية الصادرة عن وزارة المالية السعودية، جاء القطاع العسكري ثاني أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث المخصصات من الإنفاق، بعد قطاع التعليم، ليسبق قطاع الصحة.
وأنفقت الحكومة 23.5 في المائة من ميزانية الربع الأول على الإنفاق العسكري، بقيمة 14.2 مليار دولار، مرتفعة 6 في المئة عن الفترة المناظرة من 2019.
وبذلك يصبح القطاع العسكري أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث الإنفاق، متفوقا على قطاعي التعليم، والصحة.
وتُظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري»، أن واردات السعودية من الأسلحة ارتفعت 8.7 في المائة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وقد استحوذت الولايات المتحدة على قيمة قرابة ثلاثة أرباع الأسلحة التي استوردتها السعودية خلال الفترة المذكورة.
وجاءت السعودية في المرتبة الخامسة لأكثر دول العالم إنفاقاً على القطاع العسكري في 2019.
وتستورد السعودية الأسلحة من 22 دولة تضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، فرنسا، إسبانيا، كندا، ألمانيا، ايطاليا، سويسرا، الصين، تركيا، بلجيكا.
كما تضم القائمة، بلغاريا، جورجيا، هولندا، صربيا، جنوب إفريقيا، النمسا، فنلندا، روسيا، سلوفاكيا، كوريا الجنوبية، والسويد. وخلال الفترة المذكورة جاءت المملكة المتحدة ثاني أكبر الموردين للسعودية من الأسلحة بحصة 12.6 في المائة، بما قيمته 2.22 مليار دولار.
غير أن محللين عرب وأجانب يشيرون إلى انه لا يوجد أي قدرٍ من التناسب بين ضخامة الإنفاق العسكري للرياض وأداء جيشها.
ويستشهدون بشكل خاص بعجزها عن هزيمة خصومها الحوثيين في اليمن رغم ضآلة إمكانياتهم، واضطرارها إلى الاستعانة بقوات أمريكية تكلفها مليارات الدولارات سنوياً لحماية منشآتها النفطية خصوصاً.
يذكر أن السعودية هي أكبر مُصدِّر للنفط في العالم وثالث أكبر منتج عالميا، وقد تضررت إيراداتها النفطية بدءاً من العام الماضي وفقدت ثلثي قيمتها خلال الربع الأول من 2020، في أسوأ أداء فصلي على الإطلاق بسبب جائحة كورونا.
وفي الأسبوع الماضي قررت الحكومة السعودية مضاعفة ضريبة القيمة الضافة 3 مرات إلى 15%، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة لمواطنيها بدءاً من يونيو/حزيران المقبل، كإحدى أدوات ترشيد الإنفاق الذي باشرت تطبيقه مؤخرا، لمواجهة تراجع الإيرادات الناجمة عن هبوط أسعار النفط، والتبعات الاقتصادية لجائحة كورونا.
وفي ذات الأسبوع أيضا، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) النقاب عن أن شركة بوينغ الأميركية ستزود المملكة بأكثر من ألف صاروخ بواقع 650 صاروخا من طراز (SLAM ER) – صواريخ جوية، و402 من طراز (Harpoon) المضادة للسفن.
وبحسب البيان الصادر عن (البنتاغون) فإن نظام آل سعود وقع عقدا مع الشركة بـ1.971 مليار دولار لتطوير ونقل 650 صاروخا (SLAM ER) إلى المملكة، ومن المتوقع أن تتم الصفقة حتى ديسمبر عام 2028.
لكن موقع “إنتلجنس أونلاين” المتخصص في المعلومات والتقارير المخابراتية، قال إن ولي العهد محمد بن سلمان اضطر لإعادة فتح سوق الدفاع أمام الشركات الأميركية؛ لتهدئة غضب الولايات المتحدة بشأن آثار الحرب النفطية بين الرياض وموسكو.
وتوقع الموقع قبل أكثر من شهر حدوث ذلك التطور عندما جرى إنهاء عمل الألماني أندرياس شوير رئيسا تنفيذيا للشركة السعودية للصناعات العسكرية، وتعيين وليد أبو خالد رئيسا تنفيذيا مؤقتا للشركة، وهو ما شكل “خبرا سارا للشركات الأميركية”.
وأشار الموقع إلى أن أبرز المجالات التي شهدت عودة الشركات الأميركية هي العقود البحرية، حيث جرى توقيع صفقة في نهاية أبريل/نيسان الماضي لتدريب البحارة في البحرية الملكية السعودية.
وكانت وكالة “رويترز” نشرت تفاصيل مكالمة عاصفة بين ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، هدد فيها الأخير بقطع الدعم العسكري إذا لم تتوقف المملكة عن إغراق الأسواق، في أعقاب حرب أسعار مع روسيا أشعلتها الرياض وأدت إلى خفض انهيار تاريخي لأسعار الخام مما أضر بصناعة النفط الصخري الأميركي.
وتقدر تكلفة حرب اليمن وحدها على السعودية بحوالي 100 مليار دولار، مما أدى إلى نزيف مالي للمملكة بمعدل 5-6 مليارات دولار شهريًا، في حين يقدر إجمالي تكلفة الصراع أكثر من 200 مليار دولار.
وتملك المملكة 848 طائرة عسكرية؛ منها 244 طائرة مقاتلة اعتراضية، و325 طائرة هجومية، و49 طائرة نقل عسكرية، إضافة إلى 207 طائرات تدريب عسكري، فضلاً عن 254 مروحية عسكرية، و34 طائرة مروحية هجومية.
كما تمتلك 1062 دبابة، و11100 مركبة قتالية مصفحة، إلى جانب 705 مدافع ذاتية الدفع، و1818 مدفعية مقطورة، في حين يبلغ عدد منصات إطلاق الصواريخ 122 فقط.
وفي هذا الإطار ذكرت مجلة “ناشينال إنترست” الأمريكية، في نوفمبر 2017، أن السعودية تمتلك مقاتلات “إف 35″، التي تستطيع تنفيذ هجمات جوية على أهداف بعيدة عن السعودية بدقة عالية دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.
وأشارت إلى أن الرياض لديها قنابل “بيف واي 5” دقيقة التوجه، التي يزيد وزنها على 200 كيلوغرام، وحصلت عليها من بريطانيا التي تستخدمها قواتها الجوية، وتعد من أكثر القنابل تطوراً، ويُمكن لمقاتلات “إف 15” أن تحمل أعداداً كبيرة منها.
وبحرياً تمتلك الرياض 55 قطعة بحرية عسكرية فقط، وليس لديها أي غواصة أو حاملة طائرات أو مدمرات، بحسب بيانات الموقع العسكري المتخصص.
ولدى المملكة 7 فرقاطات، و3 سفن كاسحات الألغام، و4 طرادات سفن حربية كبيرة، و9 سفن دوريات، و4 موانئ رئيسية، في حين يصل عدد قطع الأسطول البحري التجاري إلى 357.
وقد تحولت المملكة بسبب إقبالها المفرط على شراء السلاح إلى مطمع لشركات السلاح في العالم، وسوق مغرية لبيع صناعاتهم فيها.
ورغم الترسانة الضخمة التي تملكها الرياض يُدرك المواطن السعودي داخل المملكة أنها “لا تنفع في أي شيء”، وهو ما كشفه بوضوح الهجوم على منشآت النفط في سبتمبر 2019م، الذي شكل بالنسبة إلى السعودية “فضيحة كبرى”، كما قال خبير الشرق الأوسط ميشائيل لودرز، في حديثه لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية التي وصفت السعودية بـ”المملكة المُجهدة”.
وأشار إلى أن المملكة هي أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية؛ لكن في الوقت عينه بواسطة 10 طائرات مسيرة فقط، يمكن إنتاجها ببساطة نسبية أو شراؤها، تمكّن الحوثيون أو أي طرف آخر غيرهم من ضرب قلب إنتاج النفط السعودي.
وعلى الرغم من الترسانة العسكرية الضخمة المتعددة المنشأ التي جعلتها في طليعة الدول المالكة لأهم الأسلحة وأكثرها تطوراً في العالم، فإن نظام آل سعود يسعى لامتلاك أسلحة إسرائيلية.
هذا ما كشفت عنه مجلة “إسرائيل ديفنس” العبرية، مطلع فبراير الجاري، مبينة أن السعودية أبدت رغبة بشراء عتاد عسكري من شركة “رافائيل” الإسرائيلية المتخصصة في صناعة الوسائل القتالية.
ورغم النفقات العسكرية الضخمة، التي تضاعفت منذ قدوم محمد بن سلمان على رأس وزارة الدفاع ومن ثم ولاية العهد، فإن ذلك ليس ضمانة لقوة الردع العسكرية، ويتضح هذا في الحرب التي شنتها السعودية، منذ مارس 2015، على اليمن ولا تزال دائرة حتى الآن “بدون أي إنجاز حقيقي”.