لعب نظام آل سعود دورا مشينا منذ انطلاق ثورات الربيع العربي للإطاحة بالحكام المستبدين عبر حلف الثورات المضادة الذي استهدف على مدار سنوات وأد الثورات ومطالب الشعوب في الدول العربية.
وسواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يتأمر نظام آل سعود للقضاء على النفس الثوري الذي ميز المشهد في الدول العربية خشية أن تمتد ثورات الربيع العربي إلى المملكة.
وكتب المحلل السياسي الروسي إيغور سوبوتين في تقرير له نشر عبر صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية أن المراقبين يرون أن نظام آل سعود تصرف بشكل معهود في الاحتجاجات التي تشهدها العراق.
ورأت الصحيفة الروسية أن الاحتجاجات في العراق تحظى باهتمام بالغ من الرياض، مع وجود إشارات متباينة تفيد بمشاركتها في الأزمة التي تعصف حاليا بالبلاد.
وأضاف الكاتب أن الاحتجاجات مستمرة في بغداد، وعلى خلفية وصولها إلى محافظات البصرة وذي قار وواسط والديوانية وبابل والمثنى جنوب البلاد، أمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وحدات مكافحة الإرهاب بالانتشار في الشوارع.
وبشكل عام، جاب العراقيون الشوارع احتجاجا على تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدلات البطالة والفساد في الهياكل الحكومية، مقتحمين بذلك المباني الإدارية المحلية ومكاتب القوى السياسية المختلفة، فضلا عن مرافق الحشد الشعبي.
وأشار الكاتب إلى أن العراق شهد موجة احتجاجات جديدة بداية من 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أدت إلى اشتباكات مع قوات الأمن، ما أودى بحياة عشرات الأشخاص، وإصابة نحو ألفي شخص بجروح.
وفي هذا الصدد، يلفت المراقبون الانتباه إلى حقيقة أن العراق يشهد احتجاجات بشكل منتظم، غير أن هذه الجولة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة غير مألوفة، وكثيرا ما رُفعت شعارات معادية لإيران في المظاهرات، الأمر الذي من شأنه أن يمنح قيادة الحشد الشعبي سببا لاتهام إسرائيل والولايات المتحدة بتنظيم الاحتجاجات.
وأوضح الكاتب أنه بالنظر إلى الحقيقة التي تشير إلى أن العديد من اللاعبين الإقليميين، بما في ذلك السعودية، يبدون اهتماما بالعراق، فمن البديهي الافتراض بأن الاحتجاجات يمكن أن تصبح موضوعا لصراع قوى خارجية. ومع ذلك، يرى الخبراء الوضع بشكل مختلف.
وينقل الكاتب عن المحلل والباحث بقسم العلوم السياسية في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو غريغوري لوكيانوف أن “إيران والرياض والولايات المتحدة لديها أكبر قدرة على التأثير في الوضع داخل العراق.
وفي مواجهة الاضطرابات التي عاشتها المنطقة هذا العام، لا ترغب هذه البلدان في تصعيد الاحتجاجات السياسية التي اجتاحت العراق.
وعلى خلفية الوضع الصعب في الخليج العربي، وتعرض مصافي النفط السعودية لهجمات، وسط تهديدات نقل البضائع بما في ذلك النفط، من الصعب القول إن الرياض على استعداد للدخول في لعبة أخرى، باستثناء تلك الجارية بالفعل في اليمن”.
وأضاف لوكيانوف أن “قيادة آل سعود منشغلة في الوقت الراهن بالمشاكل المتعلقة بالصراع اليمني.
كما أن إيران التي يتعين عليها استثمار موارد هائلة في سوريا، وتخصيص موارد للمجابهة في النزاع اليمني، لا تبدي اهتماما بزيادة الإنفاق على الوضع في العراق.
ومن هذا المنطلق، سيحاول كلا البلدين تقليل مشاركتهما في العمليات الجارية على الأراضي العراقية.
وفي الواقع، لا يتعلق الأمر بالرغبة في توفير المال فقط، وإنما أيضا بالخوف من أن دعم طرف معين في العراق، من شأنه أن يؤثر سلبا على سمعة الدولة الداعمة، ويهدد علاقاتها مع بغداد على المدى الطويل”.
ووفقا لما ذكره المحلل، يأمل جميع دول الجوار في تعامل الحكومة العراقية وقواتها الأمنية بشكل قانوني مع الوضع. وعلى صعيد آخر، ستحاول العناصر السياسية الهدامة -بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية- الاستفادة القصوى من الوضع لإثارة أعمال العنف.
وخلص الكاتب إلى أن موجة القتل التي اجتاحت العراق خلال الفترة الأخيرة تعكس رغبة بعض الجهات السياسية الفاعلة في زعزعة استقرار الوضع في البلد. ومن جهته، يعارض لوكيانوف بشكل قاطع الفكرة القائلة إن جهات أجنبية تقف وراء أعمال التخريب والاحتجاجات.