يتسم الأداء الحكومي في مواجهة كارثة إهدار الطعام في المملكة بالفشل الذريع رغم التحذيرات المتصاعدة إزاء الأمر منذ سنوات.
وتتفاقم حدة الطعام المهدور في المملكة في وقت لا يجد فيه فقراء المملكة قوت يومهم في وقت يغرق نظام آل سعود بفساده وتجاهله لهذه القضايا المعيشية ذات الأولوية.
ويعد التبذير في الطعام من المشاكل التي تواجه المملكة التي تأتي في مقدمة الدول المُهدِرة للطعام، في الوقت الذي يوجد فيه كثير من الفقراء من المواطنين والوافدين وفي في دول مجاورة لها.
ورغم أن هذه المشكلة منتشرة في مختلف دول العالم، وتصدرت خلال الأعوام القليلة الماضية، أجندة اهتمامات الأمم المتحدة، فإن الأرقام المخيفة القادمة من السعودية تؤكد حجم هذه الكارثة رغم قدمها.
وأظهرت دراسات وأرقام نشرتها مؤسسات حكومية وأخرى دولية في سبتمبر 2018، أن المملكة تهدر طعاماً بقيمة 13.3 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 50 مليار ريال سعودي.
ويُعرف “هدر الطعام” بأنه الطعام الذي يتعرض للفقد أو يتم تبديده أو التخلص منه، رغم صلاحيته في معظم الأحيان للاستهلاك البشري.
إحصائيات سابقة أعلنت عنها جمعية “خيرات لحفظ النعمة”، الناشطة بمجال محاربة ظاهرة الإسراف في الطعام بالمملكة مطلع العام 2018، كشفت أن المملكة تهدر يومياً نحو ثمانية ملايين وجبة طعام.
وأوضحت رسوم توضيحية نشرتها الجمعية، أن حجم كمية “الطعام المهدر للفرد الواحد في المملكة تقدَّر بـ250 كيلوغراماً سنوياً، وهو الأعلى عالمياً”، مشيرة أيضاً إلى أن “90 بالمئة من الأكل في الحفلات لا يستفاد منه”.
وتشير دراسة أخرى نُشرت في فبراير 2018، تحت عنوان “البحوث المتعلقة بإهدار الغذاء في العالم العربي”، إلى أن حجم الطعام المهدر في حفل زفاف متوسط بمدينة مكة يكفي لإطعام 250 جائعاً.
ومؤخراً نشرت وحدة المعلومات الاقتصادية بمجلة “الإيكونوميست” البريطانية إحصائية جديدة نشرها موقع قناة “بي بي سي”، في مايو الماضي، قالت إن نسبة مخلفات المواطن السعودي الواحد في العام ارتفعت إلى 472 كيلوغراماً سنوياً، وهو ما يعني ثلاثة أمثال معدل نظيره في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ولم تكن المشكلة حديثة، بل إنها موجودة منذ سنوات طويلة، فقد تحدثت دراسة نُشرت عام 1992، للباحث السعودي أحمد الشوشان، عن تراوح الطعام المهدر في المستشفيات العامة بالسعودية بين 24% و32% من حجم الطعام المقدم، وهو ما يعادل ما بين 66.0 و88.0 كيلوغراماً من الطعام للشخص الواحد.
وتقول رئيسة جمعية “خيرات” نورة العجمي، إن ثمانية ملايين وجبة تهدَّر يومياً في المنازل في المملكة بقيمة 70 مليون ريال، وهي كمية تُشبِع أهل الرياض.
وجاءت المملكة في المرتبة الأولى استهلاكاً للحبوب، حيث يستهلك الفرد 158 كيلوغراماً للفرد سنوياً، في حين يبلغ الاستهلاك في العالم 145 كيلوغراماً للفرد.
وأشارت الإحصائية التي نشرتها “الإيكونوميست”، إلى أن استهلاك الخضراوات في المملكة للفرد يعتبر الأقل عالمياً، حيث يستهلك الفرد 90 كيلوغراماً سنوياً، في حين بدول العالم 137 كيلوغراماً للفرد.
وبحسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، بلغت نسبة الناتج الزراعي المحلي والواردات الغذائية مقارنة بالفاقد والهدر نحو 30 بالمئة، حيث إن قيمة الناتج الزراعي المحلي مع الواردات الغذائية 116.113 مليار ريال في السنة، وقيمة الفقد والهدر 49.833 مليار ريال في السنة.
وأكدت الإحصائية أن 40.5 بالمئة من سكان المملكة يعانون ضغط الدم، في حين يعاني 33.3 بالمئة من سكان العالم المرض نفسه، مشيرة إلى أن نسبة 20 في المئة من دخل الأسرة بالمملكة يذهب للطعام.
في إحصائية نشرتها “جمعية إطعام”، فإن ما احتفظت به الجمعية من الوجبات المهدرة، بلغ نحو ثلاثة ملايين ومئتي ألف وجبة، في مدن (الرياض، وجدة، والدمام، والحبيل، والقطيف، والإحصاء”، فقط.
وأشارت إلى أن هذه الأرقام كانت فقط خلال عام 2017، دون الكشف عن الأموال التي كلفت تلك الوجبات.
في حين كشفت جمعية “إكرام” لحفظ الطعام بمكة، أن ما جمعته من طعام مهدر خلال شهر شوال الماضي، “بلغ 49 طناً، وبقيمة تقديرية تجاوزت 886 ألف ريال (ما يعادل نحو ربع مليون دولار أمريكي)”، بحسب ما نقلته صحيفة “سبق” المحلية.
وتقول دراسات إنه تم إلقاء أكثر من 72% من اللحوم الطازجة كفضلات في المملكة بسبب عدم استغلالها أو تناولها في الحفلات والمناسبات.
ورغم الهدر إضافة إلى ما تنفقه المملكة في الحرب باليمن من أموال طائلة، وتبديد ولي العهد محمد بن سلمان أموال المملكة في شرائه اليخوت واللوحات الفنية، فإن تقارير تتحدث عن وجود كثير من السعوديين تحت خط الفقر.
وكشف تقرير لمنظمة “العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، في سبتمبر الماضي، عن وجود نحو 5 ملايين مواطن سعودي يعيشون تحت خط الفقر، ويعانون بسبب الفقر وانتشار العشوائيات والمنازل العشوائية غير اللائقة.
وأضاف التقرير أن انتشار الفقر في المملكة، “نتيجة تكاليف الحرب التى تقودها السعودية على اليمن والتي بلغت وفق اخر التقديرات نحو 1.5 مليار دولار، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط”.
وسبق أن أعربت الأمم المتحدة، في يناير من عام 2017، عن “صدمتها” من مستوى الفقر ببعض مناطق السعودية، وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، فيليب ألستون، خلال زيارته للمملكة، إنه صادف ظروفاً معيشية صعبة، مضيفاً: “أعتقد أنها ستصيب المواطنين السعوديين بالصدمة”.