على مدار عقود طويلة، هدمت سلطات آل سعود أنقاض وبيوت ومزارات الصحابة الكرام رضوان الله عليهم؛ تحت ذريعة تطوير مكة المكرمة.
وأتت حملة التوسعة السعودية عبر مراحل متفاوتة على أكثر من 85 % من إرث مكة المكرمة التاريخي والثقافي والعمراني بما فيه إرث الصحابة.
وعلى سبيل المثال، أقيم فندق مكة هيلتون على أنقاض بيت الخليفة الأول أبو بكر الصديق، فيما بنيت دورات المياه على أنقاض بيت السيدة خديجة بنت خويلة (رضى الله عنهما).
وهدمت سلطات آل سعود دار الأرقم بن أبي الأرقم وأزالتها من الوجود، كما هدمت مسجد انشقاق القمر خلال حملة التوسعة الأخيرة للحرم المكي.
وقضى برج الساعة الشهير على أكثر من 400 موقع تاريخي وأثرى في مكة المكرمة بينها الكثير من إرث الصحابة .
وحلّت الأبراج وناطحات السحاب أمام الأماكن المقدسة وصلت كلفة تشيدها لأكثر من 132 مليار ريال بواسطة شركات تتبع لأمراء من عائلة آل سعود.
وقال رجل دين سعودي: إن معظم التغيرات في مكة المكرمة ليس لها تبريرا، سوى الاستثمارات المالية حول الكعبة المشرفة؛ بهدف الربح من التجارة الدينية لأمراء آل سعود.
وأضاف الداعية – الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ”ويكليكس السعودية” – أن الأبراج الشاهقة حول الكعبة المشرفة جميعها يعود لأمراء من العائلة الحاكمة، لافتا إلى أن هذه الاستمثارات ستتعاظم وستكبر مع تطبيع المملكة استيعاب 30 مليون حاج ومعتمر عام 2030.
وسعت سلطات آل سعود لاستيعاب 15 مليون حاج ومعتمر خلال العام 2020، لكن أزمة كورنا ألقت بظلالها السلبية، وعطلت تلك السلطات فريضة الحج على مسلمي العالم، واقتصرتها على بعض المسلمين من المملكة فقط.
وخلال توسعة الحرم المكي الأخيرة، حامت شبهات فساد معتادة على نظام آل سعود مع إطلاق مشروع جديد لتوسعة الحرم المكي في مكة المكرمة.
وباتت شركات المقاولات تتسابق للعمل بمشاريع توسعة الحرم التي لا تنتهي، والتي باتت تثير حنق الزائر لبيت الله الحرام، وسط انتقادات واتهامات بأنها تمس قدسية الديار المقدسة وروحانيتها.
ويراقب كثيرون في ذعرٍ واستغراب واستهجان، تدمير مئات من المباني التاريخية والأثرية لإفساح الطريق أمام عمليات توسعة البيت الحرام.
ومؤخراً أعلن نظام آل سعود عن توسعة جديدة للحرم المكي الشريف برقم فلكي يصل إلى 100 مليار دولار.
وأدانت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين بأشد العبارات خطط نظام آل سعود لفرض التهجير القسري على سكان حي شرائع النخيل في مكة المكرمة تمهيدا لإقامة مشاريع استثمارية مشبوهة عبر شركات تابعة للنظام.
وقالت الهيئة الدولية إن أكثر من 10 آلاف مواطن من سكان حي شرائع النخيل تم ترحيلهم قسريا بعد أن قرر النظام السعودي تمليك أراضي الحي لصالح شركة استثمارية وسط شبهات فساد واسعة في الصفقة.
وأعربت الهيئة الدولية عن بالغ قلقها إزاء مخططات تهجير السكان الأصليين في مكة المكرمة لصالح إغراقها بمشاريع استثمارية لجمع الأموال على حساب طمس المعالم دينية والروحية والتاريخية للمدينة المقدسة.
في المقابل، طورت سلطات آل سعود المنطقة التاريخية “بوابة الدرعية” كمشروع تراثي ثقافي، وإعادتها إلى ماضيها العريق في القرن الثامن عشر، ولتصبح وجهة سياحية محلية وعالمية.
وكشفت النظرة المستقبلية لهيئة تطوير بوابة الدرعية، الملامح الحديثة للمكان الموغل في التاريخ، ليكون في قادم الأيام وجهة سياحية على المستوى العالمي.
وأعلنت وزارة السياحة السعودية أن المنزل الذي أقام فيه ضابط بريطاني يعرف باسم لورانس العرب عشية حملته الشهيرة في الصحراء يجري تحضيره ليكون معلما يجذب السياحة.
وذكرت صحيفة تلغراف البريطانية في تغطيتها للقرار السعودي أن المقدم تي إي لورانس أقام لفترة وجيزة في ميناء ينبع على البحر الأحمر خلال ما عرفت باسم “الثورة العربية الكبرى” عام 1916 عندما أصبح الميناء قاعدة إمداد مهمة للقوات البريطانية والعربية التي قاتلت الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وقال عمدة ينبع أحمد المحتوت: إنه بحلول نهاية العام الجاري قد يكون المنزل جاهزا للسياح لزيارته كجزء من حملة أوسع للمملكة لجذب المزيد من الزوار الأجانب.
وخلال الثورة العربية تم إيفاد لورانس لمساعدة رجال القبائل البدوية المحلية على الإطاحة بحكامهم الأتراك الذين كانوا متحالفين مع ألمانيا ضد البريطانيين والفرنسيين في الحرب العالمية الأولى.