وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إنذارا أخيرا إلى الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات لنقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض، وذلك وفق ما كشفت صحيفة “فايننشيال تايمز”.
وقالت الصحيفة البريطانية إن ذلك كسبيل وحيد للحصول على عقود مربحة في المملكة.
في الوقت الذي أثار هذا التهديد مخاوف جدية لدى الشركات الأجنبية التي لا ترغب في معظمها الانتقال من دبي.
وأوضحت الصحيفة أن إصرار ولي العهد السعودي على هذا المطلب قد أثار المخاوف لدى كبار المسؤولين التنفيذيين الأجانب.
الذين فضَّلوا لعقود من الزمن اتخاذ مقرات إقليمية لشركاتهم في دبي. خاصة وأن دبي يهيمن عليها أسلوب حياة غربي.
بالمقارنة مع الثقافة شديدة المحافظة التي لطالما اتسمت بها المملكة.
مرحلة الوعود
وبحسب الصحيفة فإن هذا القرار، الذي أُعلنَ عنه في فبراير/شباط الماضي، كان أجرأ محاولة اتخذها بن سلمان.
للدفع بطموحاته المتسارعة إلى تحويل الرياض عاصمة البلاد التي كانت خامدة ذات يوم. إلى مركز الأعمال والتمويل الرئيسي في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب غربي آسيا.
ومنحت الشركات الأجنبية ثلاث سنوات للتكيف مع هذا القرار، الذي ستشرف على فرضه الكيانات الحكومية.
ومنها “الوكالات والمؤسسات والصناديق المملوكة للدولة”، ويدخل حيز التنفيذ في بداية عام 2024.
وتعليقاً على القرار، يقول أحد المديرين الإقليميين لشركة متعددة الجنسيات: “الجميع في فزع، اعتدنا أن تقدم لنا الحكومات الجزرة، لكن هذه المرة خرجت عصا كبيرة من الحقيبة. بصراحة، هذا قرار مسيء”.
ويقول المدير، وهو واحد من بين عديدٍ من المسؤولين الذين توددت إليهم السعودية لنقل مقراتهم إليها خلال الأشهر الأخيرة. إن الشركات أمضت العقود الماضية وهي تتكتل في دبي، المركز التجاري الإقليمي الرئيسي.
بحسب الصحيفة، فقد سعى ولي العهد لإغراء الشركات بنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض مقابل حوافز تشمل 50 عاما.
من الإعفاء الضريبي للشركات والاستثناء من القواعد المتعلقة بحصص توظيف السعوديين في تلك الشركات.
وكان ذلك في إطار المبادرة التي تحمل اسم “Programme HQ”. ومع ذلك، فعندما تم الإفصاح عن المبادرة. علناً بمؤتمر مبادرة الاستثمار الرئيسي في يناير/كانون الثاني.
لم تجذب إلا 24 شركة فقط من الشركات متعددة الجنسيات للموافقة على هذه الخطوة.
ويقول مسؤول تنفيذي مقيم في الخليج ويقوم بأعمال تجارية في السعودية: “إحساسي أنهم لم يحصلوا على الدفعة. الكبيرة التي رغبوا فيها، لذلك قاموا بتصعيد الأمر. لقد أرادوا أكثر من 100 شركة في البداية”.
واقع حياة
وعلى الرغم من أن السعودية لديها أكبر اقتصاد بالشرق الأوسط، وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم.
إضافة إلى سعي ولي العهد لإنفاق مئات المليارات من الدولارات لتحديث المملكة وتنويع الاقتصاد.
وبحسب الصحيفة، فإن الثقافة السعودية شديدة المحافظة، وتفتقر إلى التنوع في المدارس الأجنبية المتاحة. لديها واللازمة لاستقرار أُسر الموظفين الأجانب.
كما أن الشركات تضمر الحذر من القيادة المتهورة لولي العهد، علاوة على المخاطر المتعلقة بالسمعة السيئة.
لاسيما بعد واقعة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء رسميين سعوديين.
ويقول المدير التنفيذي الذي تحدثت إليه الصحيفة إن رد الفعل الأول على الإنذار كان “الذعر”.
من جانبهم، يسلط المسؤولون السعوديون الضوء على خططهم التي خصصوا لها مبالغ تصل إلى 220 مليار دولار لتحديث الرياض.
إضافة إلى قرارات الانفتاح الاجتماعي التي شملت إقامة فعاليات ثقافية وموسيقية ورياضية في العاصمة. ووعدوا بفتح الباب أمام انتقال مزيد من المدارس الدولية إلى المملكة.
محاولات للالتفاف
واقترح بعض المديرين التنفيذيين أن تتخذ الشركات ببساطة مكتبا لها في الرياض وتسميه “مقراً رئيسياً”.
لكن خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، قال لصحيفة “عرب نيوز” السعودية: إن رفع لوحة تحمل اسم المقر الرئيسي.
وتدّعي ظاهرياً أن هذا هو المقر الإقليمي للشركة، لن يكفي لإقناع السعودية.
وقال الفالح إن العقود الحكومية ستُمنح فقط لتلك الشركات التي “يكون هنا في المملكة خط عملياتها الشامل بكامله. من اتخاذ القرار إلى التطوير الاستراتيجي، لإدارة تنفيذ تلك العقود الحكومية”.
في المقابل، يقول المدير التنفيذي المقيم بالخليج: “هذا المفهوم الشائع عن السعودية على أنها مكان تجني فيه المال. ثم تغادر وتنفق هذا المال في مكان آخر، لم يعد سارياً، ولم يعد السماح به متناسباً مع استراتيجية المملكة”.
قرار الرياض
وكانت الرياض قد أعلنت الإثنين 15 فبراير/شباط 2021، أنّها ستوقف اعتباراً من مطلع عام 2024، التعامل مع شركات. أجنبية تقيم مكاتب إقليمية لها خارج السعودية.
يأتي ذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي بالمملكة بعد ارتفاع معدّل البطالة فيها، في خطوة.
قد تزيد التنافس بين الرياض وأبوظبي. حول استمالة استثمارات الشركات متعددة الجنسيات في منطقة الخليج العربي. والتي كشفت عن صراع جديد بين السعودية والإمارات.
وجاء قرار المملكة في وقت تواجه فيه صعوبات باجتذاب الاستثمارات الأجنبية التي تعدّ حجر أساس في “رؤية 2030”. التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. بهدف تنويع موارد الاقتصاد السعودي المرتهن للنفط.