يعزز استدعاء محكمة أمريكية لولي العهد محمد بن سلمان وتسعة من مساعديه “السمعة السوداء” التي تتسع دائرتها حول الأمير الطائش منذ استلامه فعليا أركان السلطة.
واتسعت دائرة السمعة السوداء لولي العهد بعد الجريمة الكبرى التي تمثلت في اغتيال وتقطيع والتخلص من جثة الصحافي المعروف جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر عام 2018.
وأرسلت محكمة في العاصمة الأمريكية واشنطن، الجمعة، مذكرة استدعاء إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، و9 سعوديين آخرين.
والمتهمون بينهم: بدر العساكر مدير مكتب ولي العهد، وسعود القحطاني مستشاره السابق في الديوان الملكي، وأحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة سابقا.
وطلبت المحكمة التحقيق معهم في قضية رفعها ضابط المخابرات السعودي السابق سعد الجبري يتهم فيها ولي العهد وعددا من الأفراد المرتبطين به بمحاولة اغتياله.
وتعتبر هذه السابقة تطوّرا جديدا في مسار ملاحقة بن سلمان و”فرقة النمر” التي يدعي جبري ارتباطها بوليّ العهد، وإضافة إلى طابعها القانوني فإنها تشكّل مساهمة في فضح سياسات بن سلمان في استهداف من تعتبرهم إدارته خصوما سياسيين.
ولا يعتبر هذا الاستدعاء الأول لبن سلمان في المحاكم الأمريكية، فقد سبق لولي العهد السعودي تلقي أمر قضائي باستدعائه مع 13 شخصا آخرين، في إطار القضية المرفوعة نفسها.
وتستند القضية المرفوعة إلى علم مسؤولين أمريكيين كبار بتفاصيل محاولة اغتيال الجبري من قبل بن سلمان، والذي حاولت السلطات في الرياض استدراجه خشية من الملفات التي يحملها للمهام التي قام بها في الجهاز، وكذلك لعلاقته الوثيقة بوليّ العهد السابق محمد بن نايف، وهو ما جعل الخصومة بين بن سلمان والجبري «شخصية» إلى حد كبير، إضافة إلى كونها «حساسة» أمنيا.
ليس من المتوقع طبعا أن يقوم ولي العهد السعودي (أو طاقمه المتهم) بتلبية دعوة الاستدعاء، والأسوأ من ذلك قيام أجهزته الأمنية باعتقال نجلي الجبري عمر وسارة، منذ أشهر، وهو أمر يكشف عن استهزاء خطير بالجهات القضائية التي تتهمه.
كما يدلّ على أن تغيّرا عمليا لن يطرأ على سياسات بن سلمان الأمنية تجاه خصومه، ففي الداخل تزداد أعداد المعتقلين وتتسرّب أخبار تعذيبهم والإساءة إليهم، وتتصاعد دعوات مؤسسات حقوق دولية لإطلاقهم.
وفي الخارج سيشهد استمرار سياسة «فرقة النمر» المزعومة، مما يعني أن خصوم وليّ العهد سيبقون تحت التهديد بالخطف والقتل والاختفاء.
يمكن ربط هذه السياسة الخطيرة التي لا تردعها قوانين العالم ولا أعرافه وبروتوكولاته الدبلوماسية بأن بن سلمان، يشعر وطاقمه الأمني، بحصانة توفّرها تغطية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق أن اعترف بحمايته لبن سلمان من تداعيات أفعاله، وبالتالي فالأغلب أن وليّ العهد السعودي يشعر بالقلق حاليّا، فيما تقترب الانتخابات الرئاسية الأمريكية من نهايتها.
وإذا حصل وفاز المرشح الديمقراطي جو بايدن، وتغيّرت السياسة الخارجية الأمريكية حول السعودية، فإن مفاعيل ذلك ستنعكس على السياسة السعودية، على الأقل فيما يخص استهداف الخصوم في الخارج، أو على التراب الأمريكي.
ولا يستبعد، والحالة هذه، أن توظف الإدارة الأمريكية الجديدة لبايدن استدعاء المحكمة الأمريكية لبن سلمان، والمعلومات التي تمتلكها أجهزة الأمن الأمريكية المختلفة حول ممارسات ولي العهد السعودي السوداء للضغط عليه وتحميله مسؤولية بعض الأعمال التي قامت بطانته الأمنية بها، بشكل أو بآخر.