مصدر ملكي سعودي يؤكد الاستعداد للتطبيع العلني مع إسرائيل مقابل نزع السلاح الفلسطيني

في تطورٍ جديد يكشف عمق التحول في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، نقل موقع N12 العبري عن مصدرٍ ملكي سعودي رفيع المستوى قوله إن المملكة “ستُطبّع العلاقات مع إسرائيل فور ضمان أمنها ونزع السلاح الفلسطيني بشكلٍ كامل”، مضيفًا أن العائلة المالكة “ستزور إسرائيل علنًا وتقضي إجازاتها فيها” بعد تنفيذ هذه الشروط.

وبحسب الموقع، أوضح المصدر أن الرياض مستعدة للدخول في مرحلة التطبيع الشامل مع تل أبيب، “فور تشكيل حكومة فلسطينية جديدة تقبل بمبدأ حل الدولتين وتلتزم بنزع السلاح في غزة والضفة الغربية”.

وقال المصدر نصًا “سيتم التطبيع بالتأكيد بمجرد ضمان أمن إسرائيل من قِبل جميع دول الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي بالإجماع. ستكون غزة والضفة الغربية منزوعة السلاح، وسترون العائلة المالكة السعودية – بمن فيهم أنا – تشتري منازل في نهاريا وتقضي إجازاتها هناك مرتين سنويًا.”

وتعيد التصريحات، التي وُصفت بأنها الأكثر صراحة من شخصية سعودية قريبة من دوائر القرار، إلى الواجهة النقاش حول المسار الفعلي الذي تتبعه الرياض منذ الحرب الإبادة في غزة، حيث باتت تتحدث بلغة “الأمن الإسرائيلي” لا “الحقوق الفلسطينية”، وفق مراقبين.

تطبيع مشروط ولكن تدريجي

يأتي هذا الموقف بعد أسابيع من تصريحات سابقة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال فيها إن المملكة “ترى في حل الدولتين الطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم”، لكنه لم يتطرق آنذاك إلى مسألة نزع السلاح.

أما الآن، فإن حديث المصدر الملكي إلى N12 يرفع السقف خطوة أبعد، إذ يربط التطبيع ليس فقط بعملية السلام، بل بترتيبات أمنية إقليمية تضمن حماية إسرائيل من أي تهديد فلسطيني أو عربي مستقبلي.

ويرى محللون أن هذه الصيغة تمثل “تكرارًا حرفيًا للرؤية الإسرائيلية الأميركية” التي تسعى إلى إنشاء كيان فلسطيني منزوع السلاح تحت إشراف أمني عربي، مع دور مباشر للسعودية في التمويل والتطبيع التدريجي.

ويشيرون إلى أن توقيت التسريب يتزامن مع القمة الأميركية – المصرية – القطرية – التركية في شرم الشيخ، والتي ناقشت ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، وهو ما يلمح إلى أن السعودية تسعى لإثبات “ولائها الأمني” للغرب قبل الانضمام الرسمي إلى اتفاقات ما بعد الحرب.

من السر إلى العلن

منذ سنوات، كانت اللقاءات بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين تجري بصمتٍ وحذرٍ في عواصم غربية، لكن الحرب الأخيرة في غزة، والتقارب السعودي الأميركي المتجدد، عجّلا بانتقال الرياض من مرحلة “الاتصالات السرية” إلى “التصريحات العلنية الموجهة”.

وبحسب موقع N12، فإن المصدر الملكي لم يخفِ “تفاؤله الشديد” بمستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية، قائلاً إن “جيل الشباب في المملكة يريد أن يعيش السلام لا الصراع، ويرى في التعاون مع إسرائيل فرصة للنمو والازدهار”.

لكن هذا الخطاب، كما يلاحظ مراقبون، يتجاهل المشهد الشعبي العربي والإسلامي الغاضب من الجرائم الإسرائيلية في غزة، ويتناقض مع المزاج العام داخل المملكة نفسها، حيث أظهرت استطلاعات غير رسمية أن الغالبية الساحقة من السعوديين ما زالوا يرفضون التطبيع، ويرون في دعم المقاومة واجبًا دينيًا وأخلاقيًا.

التطبيع كجزء من “الخطة الإقليمية الجديدة”

أثارت التصريحات المزعومة عاصفة من الجدل عبر المنصات العربية والفلسطينية، حيث اعتبرها ناشطون “انحدارًا أخلاقيًا وسياسيًا خطيرًا”، ورأى آخرون أنها “تمهد لصفقة كبرى على حساب دماء الفلسطينيين”.

وكتب المحلل الفلسطيني علاء الريماوي على حسابه في منصة “إكس”: “حين يتحدث مصدر ملكي عن ضمان أمن إسرائيل ونزع السلاح الفلسطيني، فهو لا يتحدث عن سلام بل عن وصاية كاملة على فلسطين. هذه ليست تسوية بل إملاء احتلالي بلسانٍ عربي.”

بينما علّق الصحفي اللبناني سامي كرم بالقول: “ما يُطرح الآن ليس تطبيعًا، بل انخراطًا في مشروع إقليمي جديد يجعل إسرائيل مركزًا للأمن والاقتصاد، والعرب أطرافًا في خدمتها.”

تتزامن هذه التصريحات مع تسريبات إسرائيلية وأميركية عن خطة تُعرف داخل أروقة البيت الأبيض باسم “تحالف الأمن الإقليمي للشرق الأوسط”، وتشمل إقامة منظومة دفاع مشتركة تضم إسرائيل ودول الخليج، مقابل انخراط عربي في إعمار غزة واحتوائها سياسيًا.

وفي هذا السياق، يُفهم حديث المصدر السعودي كـ إشارة استعداد سياسي للمشاركة في هذه الخطة، شريطة أن يتم القضاء على المقاومة وتجريد الفلسطينيين من السلاح – وهو ما تسعى واشنطن وتل أبيب لتحقيقه ميدانيًا قبل تثبيت “السلام الإقليمي”.