أثارت خطبة إمام وخطيب الحرم المكي عبد الرحمن السديس التي دعا فيها إلى حسن الحوار والمعاملة مع اليهود، لاستمالة قلوبهم للدين، جدلا واسعا عبر صحف ومواقع عربية.
واعتبر البعض أن تصريحات السديس دعوة للسعودية للتطبيع مع إسرائيل، بينما دافع عدد من الكتاب عن موقف السعودية الداعم للقضية الفلسطينية.
وقالت الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه إن خطبة السديس “كانت بمثابة إعلان مضلل، ظاهره التسامح، وباطنه الترويج لجريمة التطبيع، تلك هي زبدة الحكاية، غير أن الإجمال هنا لن يغني عن التفصيل”.
وذكرت الفقيه في مقال لها أن الإرهاصات والدلائل والإشارات على قرب إعلان السعودية التطبيع مع الصهاينة تزيد يومًا تلو يوم، فلم تعقّب الحكومة السعودية على إعلان التطبيع الإماراتي بما يعتبر مباركة، بل إنها فتحت مجالها الجوي لعبور الطائرات الإسرائيلية إلى الإمارات، وهو ما أشاد به نتنياهو”.
ورأت أن “الحكام أصبحوا في واد والشعوب في واد، ولو كان للشعوب تأثير ذو بال على التوجهات السياسية ما انفردت الحكومات بتلك القرارات البشعة والإجراءات المجهضة لقضايا الأمة الكبيرة”.
وشددت على ضرورة أن تحذر الشعوب من الوقوع في ما يريد المطبعون أن تقع فيها، وهو التعامل مع الصهاينة المحتلين على اعتبار أنهم هم اليهود الذين لم ينهنا القرآن عن الإحسان إليهم ومسالمتهم والبر بهم.
وقالت إن الصائل المعتدي ليس له إلا العداء ولو كان مسلما، والمسالم له البر وحسن المعاملة ولو كان يهوديا، ولا عزاء للسديس وغيره من الأبواق المروجة لسياسات الأنظمة، ولو كانت خطبهم مبخرة بعود الغرقد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
كما قالت الكاتب بشير عمري إن “السديس الذي ظل يبكي الناس في رمضان من خشية الله وعذابه، داعيا إياه لسحق ومحق الكيان الصهيوني الغاصب انقلب يدعو إلى التصالح والتطبيع مع هذا الكيان”.
وأضاف عمري: “لا أعتقد أن السديس ومن يزامله في ما يسمى بكبار هيئة العلماء … في مستوى فهم التاريخ وعناصر الصراع المكنونة فيه والمكونة لحركته، حتى تكون لهم وفق ذلك الاستطاعة على التأصيل المستحيل للواقع، من خلال اختلاق التأويل الخاطئ لمسرودات السيرة النبوية واتخاذ بساطة ومحدودية الظاهرة فيها التي لا يعدو مغزاها ومعناها المدى الاجتماعي إذ ذاك لتفسير وتبرير قرار خطير لأمير أقل ما يمكن نعته به الرعونة”.
من جهته، قال الكاتب أحمد زكي : ” بينما يحاول العرب والمسلمون التعافي من الطعنة الإماراتية في ظهر فلسطين وأهلها، طعنوا طعنة جديدة لكنها أشد إيلاماً بكثير من الأولى فهي لم تأت من مكان عادي بل من مكان له قدسيته وأهميته الروحية لخُمس سكان المعمورة: إنه بيت الله الحرام في مكة المكرمة، في خطبة السديس”.
وأضاف زكي أن “ما حدث من خطبة السديس وما سيحدث ممن على شاكلته هو محاولة محكوم عليها بالفشل لتمييع شعائر الدين بما يخدم بقاء الحاكم ومصالح حاشيته بصورة تجعل كل من يرفض هذا الخنوع خائناً للبلاد وربما مرتداً عن الإسلام والعياذ بالله، لكن لا يدرك هؤلاء أنهم وأرباب نعمتهم يسيرون في طريق نهايتهم، فتعاليم الدين واضحة وأولها ألا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”.
وكان السديس قال في خطبته، الجمعة الماضية، “من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة، عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء، ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية”.
وأضاف أنه “لا يتنافى مع عدم موالاة غير المسلم، معاملته معاملة حسنة تأليفا لقلبه واستمالة لنفسه، للدخول في هذا الدين”، مستشهدا بوقائع حدثت مع نبي الإسلام محمد في تعامله مع اليهود.
وأضاف إمام الحرم المكي قائلا: “أمة الإسلام… ومن أبرز معالم العقيدة الصحية المهمة وأسسها لزوم الجماعة وحسن السمع للإمام والطاعة خلافا لمنهج الخوارج المارقين والبغاة المقيتين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة والطائفية البغيضة الذين يكفرون الولاة ويخرجون على الأئمة ويسفكون الدماء”.