خلص موقع فرنسي وصحيفة إسرائيلية إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان يسير على نهج الرئيس المصري الراحل أنور السادات دون الاكتراث لحقوق الفلسطينيين وقضيتهم المركزية.
وقال موقع “ميديا بارت” الاستقصائي الفرنسي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يضاعف “البراهين” على العلاقات الاستثنائية التي أقامها مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وترجمة هذه البراهين بشكل ملموس ودائم.
وذكر الموقع الفرنسي أن أمام نتنياهو أقل من شهرين- قبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في شهر يناير المقبل- للعب الأوراق السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية التي جمعها مع دونالد ترامب.
وقال إنه على الرغم من الكشف الصاخب عن زيارته غير المسبوقة التي استغرقت خمس ساعات إلى المملكة العربية السعودية يوم الأحد الماضي والتي أعقبتها بأربعة أيام عملية اغتيال العالم النووي الإيراني الكبير محسن خيري زاده؛ رغم ذلك، إلا أن عام 2020 ينتهي بشكل سيئ بالنسبة لبنيامين نتنياهو.
وعلل ذلك لعدة أسباب: أولا، لأن إقامته زيارته الخاطفة إلى السعودية التي وصفها مستشاروه ووسائل الإعلام الموالية لهم “بالتاريخية”، كانت تواصلية أكثر من كونها دبلوماسية.
وسمح له بلقاء محمد بن سلمان إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومدير الموساد يوسي كوهين، لكنها لم تحقق أي تقدم، لا على مستوى تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، ولا على مستوى الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ورسميا، بالنسبة للرياض، فإن القضيتين مرتبطتين منذ تبني الجامعة العربية في عام 2002 لمبادرة العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز؛ لأن هذا النص يشترط اعتراف الدول العربية بإسرائيل بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ومع ذلك، لم يتغير شيء بشأن هذه النقطة.
وفي الواقع، فيما يتعلق بقضية فلسطين، هناك خطان يتعايشان اليوم داخل النظام السعودي، يوضح “ميديا بارت”: الخط الذي يدافع عنه الملك سلمان البالغ من العمر 85 عاما والذي يستند إلى خطة عام 2002.
والخط الذي يجسده ابنه وولي عهده محمد بن سلمان، غير المكترث بالحقوق ومصير الفلسطينيين والمهووس بهاجس التنافس الاستراتيجي مع إيران. وهو تنافس يفسر جزئيا قربه من عشيرة ترامب وتقاربه مع إسرائيل العدو اللدود لطهران.
بعبارة أخرى- يقول ميديابارت- فإن بنيامين نتنياهو الذي، نجح بفضل دعم ترامب ومحمد بن سلمان، في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان؛ وسيكون عليه الانتظار قليلاً قبل تحقيق الضربة الدبلوماسية القوية التي تتمثل في افتتاح سفارة إسرائيلية في البلد الذي يضم المدينتين المقدستين للمسلمين.
وبالتالي، سيتعين عليه (نتنياهو) أن يكتفي في الوقت الحالي بترتيب تقني بسيط: الطائرات المدنية القادمة أو المتجهة إلى إسرائيل، باستطاعتها استخدام المجال الجوي السعودي.
وفي السياق، خلصت أسرة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أخيرا إلى “استنتاجات” مشابهة لتلك التي خلص إليها الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، بعد حرب عام 1973.
وقالت صحيفة “مكور ريشون” في مقاله للكاتب حاغاي سيغال، إن نشر أخبار زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى السعودية، يسلط الأضواء على أهميتها “التاريخية”، رغم أن الجانبين لم يتواجها بشكل مباشر كما حدث في الحالة المصرية.
وأشار “سيغال” إلى أن “مفاوضين إسرائيليين أبلغونا مليون مرة بأن السعودية لن تطبع علاقاتها معنا قبل حل القضية الفلسطينية، وربطوا المسألتين معا كما لو كانت بينهما ضرورة جاذبية، أو تفاعل كيميائي، يشمل تراجع إسرائيل لحدود حزيران 1967، وعندها فقط يزور الإسرائيليون السعودية”.
وأوضح أن “مبادرة السلام السعودية، وهي من بنات أفكار نجم نيويورك تايمز توماس فريدمان، احتوت على نص صريح من قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1947، وفي فبراير 2002، واقترح فريدمان أن تقوم المملكة ودول أخرى في جامعة الدول العربية بإقامة علاقات مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية على خطوط 1967، وبعد أسبوعين، تبنت العائلة المالكة السعودية هذه المبادرة، لكن إسرائيل لم توافق عليها”.
ولفت “سيغال”، وهو مؤلف العديد من الأفلام الوثائقية، ومقدم برنامج أسبوعي على قناة الكنيست، إلى أن “كل المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية ما زالت قائمة، وما تم الانسحاب منه بخطة فك الارتباط التي نفذها أريئيل شارون في 2005 لم تقصر المسافة بين تل أبيب والرياض بملليمتر واحد”.
واستدرك: “وصل الأمر بالسعودية لأن تستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني، بنيامين نتنياهو، من يصدق؟”.
وزعم الكاتب أن “قرار العائلة السعودية المالكة بالانفتاح على إسرائيل يعني أنها توصلت إلى استنتاجات مشابهة لما أقدم عليه السادات بعد حرب 1973، ومفادها أن إسرائيل قوية جدا، ولن يتمكن العالم العربي من إلحاق الهزيمة بها في ساحة المعركة، أو إجبارها على التراجع بوسائل قوية أخرى، كما أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يخشى النظام الإيراني مواجهتها”.
وأكد أن “السعوديين باتوا على قناعة مفادها أنه من الأفضل التعاون مع إسرائيل بدلا من مضايقتها بشأن القضية الفلسطينية، مع أنهم استخدموا هذه القضية فقط كذريعة لعدائهم تجاهنا، وبالتالي فإن السعودية لم تعد تهتم بالفلسطينيين”.
وأضاف أن “التقارب السعودي الإسرائيلي يذكرنا بكلام مهم منقول عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في جلسة استماع لمجلس النواب ربيع 2009، حين أوضحت أنه إذا أرادت إسرائيل دعم العرب في الحرب ضد إيران، فسيتعين عليها دفع ثمن ذلك بتنازلات للفلسطينيين”.
وحينها انتشرت عناوين رئيسية من قبيل “بوشهر مقابل يتسهار”، أي أن استهداف مفاعل بوشهر يجب أن يسبقه الانسحاب من مستوطنة “يتسهار” في الضفة الغربية المحتلة.
واستدرك بالقول إن “العالم العربي يغازل إسرائيل اليوم كجزء من صراعهم ضد إيران، بدليل أن هناك المزيد من الدول العربية التي تجري عمليات سلام معنا: الإمارات والبحرين والسودان، والآن السعودية، وباتوا يعتبرون إسرائيل في 2020 حليفا أكثر ولاء من الولايات المتحدة، التي توشك أن تقع في أيدي ديمقراطية مهتزة مرة أخرى”.
وتساءل: “هل ستصبح السعودية والإمارات والبحرين والسودان حلفاء مخلصين لإسرائيل الآن؟”.
وتابع: “لا ينبغي لإسرائيل أن تبني ذلك على المدى الطويل في الوقت الحالي، لأنه حتى إشعار آخر تتقاطع مصالح كلا الطرفين ببساطة، المصالح فقط، العرب وإسرائيل، ولا توجد رومانسية هنا، ولم يكتشف ولي العهد السعودي فجأة جمال عيون الإسرائيليين، ولم يقع حكام الإمارات في حب حكومتنا، بل أدركوا أخيرا أنه إذا لم تتلاعب إدارة بايدن بالعمل ضد عجلات التاريخ واستنزاف الإنجازات السياسية لدونالد ترامب ومايك بومبيو، فقد يظهر شرق أوسط جديد منها”.