قالت الأكاديمية السعودية المعارضة مضاوي الرشيد إن ولي العهد محمد بن سلمان يخشى تصفيته داخل القصر الملكي، مستدلة بتاريخ صراع الأمراء داخل العائلة الحاكمة.
وجاءت أقوال الرشيد في مقال لها في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني سلطت فيه الضوء على مزاعم أطلقها الملياردير الإسرائيلي الأمريكي حاييم سابان، من أن بن سلمان متردد في المسارعة بالتطبيع مع إسرائيل بسبب خوفه من أن إيران أو قطر أو حتى “شعبه هو” قد يقتلونه.
وأوضحت الرشيد أن مخاوف بن سلمان نابعة من داخل القصر، وليس من أبناء شعبه أو دول مجاورة، مشيرة في هذا السياق إلى أن تاريخ العائلة الحاكمة في السعودية حافل بصراعات تؤججها اعتداءات على مساحات النفوذ والتقاليد المتوارثة.
ونوهت إلى أن السيناريو الأسوأ بالنسبة له هو أن يصبح الملك الذي دمر الإجماع داخل العائلة الحاكمة وأهان زمرة من الأمراء المنافسين له.
وقللت من أهمية إعلان المملكة التطبيع مع إسرائيل، مشيرة إلى أن بن سلمان يقوم بما هو أكبر من ذلك لصالح الاحتلال من خارج قطار التطبيع.
وأوضحت أن بن سلمان، بثوم باستخدام نفوذ بلاده و”الوعد بجوائز مالية”، من أجل جلب المزيد من البلدان العربية إلى معسكر التطبيع.
واستدركت الرشيد: إن بن سلمان لن يتعجل بالمجاهرة بعلاقاته مع إسرائيل إذا كان بوسعه أن يبقيها تحت الطاولة. فلم يكن ينبغي عليه التوقيع على اتفاق مثير للجدل مع إسرائيل إذا كانت تكاليف ذلك أعلى بكثير من الحفاظ على تحالف سري معها؟
وقالت: إن محمد بن سلمان ليس الرئيس المصري أنور السادات الذي اغتيل في عام 1981 بعد أن وقع أول معاهدة سلام تاريخية مع إسرائيل، هي اتفاقية كامب دافيد، في عام 1979، صادماً بذلك كثيراً من العرب، بمن فيهم السعوديون.
وأضافت: أما اليوم فالوضع مختلف. إذ أن النظام السعودي بشكل عام، ومحمد بن سلمان بشكل خاص، يمكن أن يكون ذا فائدة أكبر في عملية التطبيع مع إسرائيل دون أن تكون له علاقات معلنة ينجم عنها رؤية العلم الإسرائيلي يرفرف في سماء الرياض.
وذكرت أنه يمكن لمحمد بن سلمان أن يقوم بدور القناة أو الميسر، أو الوكيل الذي يعمل من وراء الكواليس، مستخدماً النفوذ السعودي والوعد باغداق الجوائز المالية لجلب المزيد من البلدان العربية وضمها إلى محور إسرائيل في المنطقة.
انخرطت حتى الآن كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان في التطبيع تحت المظلة السعودية دون أن يبادر محمد بن سلمان بأي حراك قد يفسر على أنه تأييد صريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحملته لإعادة الانتخاب، في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدين في التنافس على البيت الأبيض.
أضف إلى ذلك أن محمد بن سلمان سيتردد في الانضمام إلى المحور الجديد إذا ما كان بإمكانه هو ووالده، الملك سلمان، الاستمرار في إحداث ضوضاء حول احترام مبادرات السلام العربية البائدة، مثل تلك التي أعلن عنها الملك فهد في ثمانينيات القرن الماضي.
والأكثر من ذلك أنه بينما ينتظر اللحظة المناسبة لإشهار التطبيع، باستطاعة ولي العهد جلب المزيد من البلدان العربية إلى معسكر التطبيع، مما سيكسبه المزيد من الحظوة لدى واشنطن بينما يبدو مناصراً للحقوق الفلسطينية.
وأكدت الرشيد أنه لا مناص من أن ينتظر ترامب وإسرائيل حتى يروا ما إذا كانت حملة محمد بن سلمان لتقويض الدعم الشعبي لحقوق الفلسطينيين ستؤتي أكلها. “قد يغادر ترامب منصبه في القريب العاجل، ولكن محمد بن سلمان فيما يبدو سيبقى لزمن من بعده”.
واستدركت: إذا كانت لدى محمد بن سلمان مخاوف مشروعة على حياته، فمن المؤكد أن مصدر التهديد ليس أياً من الدوائر الثلاث التي ذكرها في حديثه مع حاييم سابان.
وأكدت المعارضة السعودية أن مصدر التهديد الحقيقي لمحمد بن سلمان هو من داخل عائلته هو وليس من داخل “شعبه” (وهي الكلمة التي لابد أنه قصد بها الشعب السعودي، الذي لم يسبق أن اغتال أحداً من أفراد العائلة الملكية). تاريخياً، كل الاغتيالات التي وقعت داخل المملكة إنما نفذها أفراد من آل سعود.
واستطردت: لدى محمد بن سلمان من الأسباب الكثير مما يجعله يخشى القتل على يد أحد من أقاربه بدلاً من القتل لأنه تخلى عن القضية الفلسطينية أو لأنه يطبع العلاقات مع إسرائيل. فمنذ أن جاء محمد بن سلمان إلى السلطة في عام 2017 وهو يمارس سياسة اعتقال كل من يخشى أن ينافسه من الأمراء.
وأردفت: حتى الآن لم يعدم محمد بن سلمان أحداً من أفراد العائلة الذين انتقدوه (مع أن عمليات إعدام المتظاهرين السلميين في تزايد)، ولكن ربما لن يطول الزمن حتى يقرر التخلص من منافسيه بشكل نهائي. لقد دمر الإجماع داخل العائلة الملكية وانتهج سياسات قوضت النظام ككل وليس فقط فرصه هو في أن يصبح ملكاً.
وأكدت الرشيد أن محمد بن سلمان ما زال قاصراً عن التصالح مع عائلته وتأمين العرش لنفسه، وذلك في خضم انعدام الأمن المتفشي داخل المملكة.
وختمت: شعب محمد بن سلمان ليس فيهم من يمارس الاغتيال ولا الغدر. كل ما يحتاجونه هو أن يعيشوا حياة كريمة وأن تكون لهم كلمة في إدارة شؤون بلدهم. لن يستمع ولي العهد أبداً إلى مطالبهم، ولكن أفراد عائلته قد ينفد صبرهم عندما يصبح ملكاً في نهاية المطاف.