توقع كاتب أميركي أن تكون الرشوة المالية الدافع وراء الصفقات العسكرية الأميركية لنظام آل سعود، متسائلا في ذات الوقت: “لماذا يتحدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونغرس بشأن تسليح المملكة؟”.
ورأي الكاتب مارتن لونغمان أن الإجابة تبدأ من التقاط ملاحظة مهمة أنه من السهل تمرير بعض الأشياء دون أن يلاحظها أحد مع انشغال الولايات المتحدة في مكافحة وباء كوفيد- 19 والعنف العنصري.
ولفت إلى تدخل ترامب في كل مرة يحاول بها الكونغرس تقليص علاقة واشنطن بالرياض، واستخدم أول فيتو لرفض تشريع كان من شأنه أن ينهي تدخل التدخل العسكري للولايات المتحدة في الحرب السعودية باليمن.
وقال لونغمان في مقال نشرته مجلة “واشنطن مونثلي” إن ترامب يحاول بالفعل تمرير بعض الأشياء مستغلاً حدوث العديد من الأشياء السيئة، ففي وقت سابق من مايو، طرد ترامب المفتش العام لوزارة الخارجية ستيف لينك، استجابة لطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو، بعد أن توصل المفتش إلى تجاوزات غير قانونية بشأن استخدام موظفين لأغراض شخصية.
لكن الأمر لم يكن بهذا البساطة، إذ اتضح لاحقاً أن المفتش كان يلاحق موضوع بيع الأسلحة للسعودية.
وغضب الجمهوريون والديمقراطيون في عام 2019 عندما أعلنت إدارة ترامب استخدام ”حالة الطوارئ” بشأن إيران لتجاوز الكونغرس الأميركي، والمضي قدماً في بيع أسلحة بقيمة 8 مليارات للسعودية، وكان غضب الكونغرس امتداداً للغضب من عدم معاقبة الرياض بسبب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي وتفاقم الأزمة اليمنية وقتل المدنيين هناك.
وتدخل ترامب في كل مرة حاول فيها الكونغرس تقليص علاقة واشنطن بالرياض، واستخدم أول فيتو لرفض تشريع كان من شأنه أن ينهي التدخل العسكري للولايات المتحدة في الحرب السعودية باليمن، وفي وقت لاحق اعترض على إجراء من الحزبين بمنع بيع مليارات الدولارات من الذخائر إلى المملكة.
وأضاف لونغمان أن ترامب برر استمرار هذه المبيعات بحجة أنها تخلق فرص عمل، ولكن صفقة “رايثيون” الجديدة تخلق وظائف فقط في السعودية، وقال إنه من غير الواضح سبب كون الإدارة شديدة الجرأة في تحدي الكونغرس، ولكن الكاتب أكد هنا أنه يجب اعتبار الإثراء الشخصي أو الرشوة دافعاً محتملا.
وأشار لونغمان إلى أن الكونغرس لا يستطيع إيقاف المبيعات إلا إذا تجاوز الفيتو الرئاسي، وهو أمر غير مرجح، وبالإضافة إلى ذلك، ستظل هذه المبيعات قائمة على “حالة الطوارئ” الزائفة مع إيران.
وتفوق الإنفاق العسكري المسجل في ميزانيات المملكة لآخر 5 سنوات حجم الإنفاق في قطاعي التعليم والصحة ضمن هوس نظام آل سعود في التسلح خدمة لأطماعه في التوسع ومواصلة حرب اليمن وتعزيز تحالفاته الخارجية المشبوهة.
وبحسب بيانات معهد عالمي متخصص بالإنفاق العسكري للدول، تجاوزت مخصصات الإنفاق العسكري للمملكة منذ 2016 حتى 2020 نحو 273 مليار دولار، ومثلت تلك النفقات 20.9 في المائة من الإنفاق الحكومي إجمالا.
في المقابل بلغ الإنفاق الحكومي خلال الفترة نفسها 271 مليار دولار على قطاع التعليم، بما يمثل 20.7 في المائة من إجمالي النفقات، و202 مليار دولار على قطاع الصحة، ما يشكل 15.4 في المائة من الإنفاق الحكومي.
وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية مورد السلاح الرئيس للسعودية، خاصة بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2017.
وفي أول جولة خارجية له، اختار ترامب الرياض محطة أولى له في مايو/أيار 2017، نتج عنها توقيع صفقة توريد أسلحة إلى السعودية، وبلغت قيمتها 110 مليارات دولار من أصل 470 مليار دولار وعدت السعودية بإنفاقها على مشتريات أسلحة أمريكية على مدى 10 سنوات، توفر مليون وظيفة لعمال أمريكيين.
وخصصت حكومة الرياض 18 في المائة من ميزانيتها للعام الحالي للإنفاق العسكري، بقيمة 48.5 مليار دولار، بتراجع نسبته 5 في المئة عن 2019، البالغة 51 مليار دولار.
وحسب وثيقة الميزانية الصادرة عن وزارة المالية السعودية، جاء القطاع العسكري ثاني أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث المخصصات من الإنفاق، بعد قطاع التعليم، ليسبق قطاع الصحة.
وأنفقت الحكومة 23.5 في المائة من ميزانية الربع الأول على الإنفاق العسكري، بقيمة 14.2 مليار دولار، مرتفعة 6 في المئة عن الفترة المناظرة من 2019.
وبذلك يصبح القطاع العسكري أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث الإنفاق، متفوقا على قطاعي التعليم، والصحة.
وتُظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري»، أن واردات السعودية من الأسلحة ارتفعت 8.7 في المائة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وقد استحوذت الولايات المتحدة على قيمة قرابة ثلاثة أرباع الأسلحة التي استوردتها السعودية خلال الفترة المذكورة.
وجاءت السعودية في المرتبة الخامسة لأكثر دول العالم إنفاقاً على القطاع العسكري في 2019.
وتستورد السعودية الأسلحة من 22 دولة تضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، فرنسا، إسبانيا، كندا، ألمانيا، ايطاليا، سويسرا، الصين، تركيا، بلجيكا.
غير أن محللين عرب وأجانب يشيرون إلى أنه لا يوجد أي قدرٍ من التناسب بين ضخامة الإنفاق العسكري للرياض وأداء جيشها.
ويستشهدون بشكل خاص بعجزها عن هزيمة خصومها الحوثيين في اليمن رغم ضآلة إمكانياتهم، واضطرارها إلى الاستعانة بقوات أمريكية تكلفها مليارات الدولارات سنوياً لحماية منشآتها النفطية خصوصاً.
يذكر أن المملكة هي أكبر مُصدِّر للنفط في العالم وثالث أكبر منتج عالميا، وقد تضررت إيراداتها النفطية بدءاً من العام الماضي وفقدت ثلثي قيمتها خلال الربع الأول من 2020، في أسوأ أداء فصلي على الإطلاق بسبب جائحة كورونا.