أثار غياب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن المشهد السياسي في القضايا الرئيسية في بلاده، تساؤلات يمنية وسط صمت سعودي مطبق على التطورات في اليمن وخاصة مخططات الإمارات وسيطرتها على جزيرة سقطري.
ويتساءل سياسيون وحقوقيون يمنيون عن الحالة القانونية والدستورية للرئيس هادي في ظل هذا الغياب اللافت للنظر في هذا الوقت العصيب، وأرجعوا غيابه إمّا لمرض عضال غير معلن أصبح بسببه عاجزاً عن ممارسة السلطة، أو لمصادرة صلاحياته الرئاسية من قبل الدولة المضيفة وهي المملكة، التي يقيم فيها منذ الانقلاب الحوثي عليه مطلع العام 2015.
وكشف مصدر يمني رفيع المستوى النقاب عن غياب الرئيس هادي تماماً عن الساحة السياسية، لافتا إلى أن سلطات آل سعود بدأت بالتضيق عليه منذ إبريل/ نيسان المنصرم داخل مقر إقامته بالعاصمة الرياض.
وقال المصدر لـ”ويكليكس السعودية” إن سلطات آل سعود قطعت مكتب هادي عن الاتصالات الخارجية، وشددت الحراسة الأمنية حوله، ولم يستقبل أي مسؤول يمني منذ أزيد عن شهرين، كما ضيقت على المقربين منه والمقيمين داخل المملكة.
وأكد المصدر أن عزل آل سعود للرئيس هادي جاء على خلفية مخططات الإمارات المتصاعدة داخل اليمن، وأن الرئيس هادي شكى للديوان الملكي والسفير السعودي لدى اليمن أكثر من مرة جرائم الإمارات ومخططاتها.
وربط سيطرة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات على جزيرة سقطرى، بفرض آل سعود إجراءات جديدة على الرئيس هادي؛ كون آل سعود والإمارات متفقون على مخططات مشتركة في اليمن المنكوب.
وكانت الرياض استضافت رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، وهو ما زال مقيم فيها.
وأشار المصدر إلى استدعاء المملكة مستشاري الرئيس هادي الذين وصلوا من اليمن والقاهرة وغيرها من العواصم.
وبرر وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، في تغريدة له بموقع «تويتر»، وصول المسؤولين اليمنيين إلى العاصمة الرياض بأنه يأتي «في إطار المشاورات التي يجريها فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والجهود التي يبذلها الأشقاء في المملكة لتنفيذ اتفاق الرياض”.
وقال المحامي اليمني ورئيس منظمة سام لحقوق الإنسان توفيق الحميدي: إن الطائرة السعودية التي أقلعت من القاهرة إلى الرياض، برئيس مجلس النواب ومستشاري الرئيس وآخرين، هل تهدف المملكة من خلال ذلك إلى إصدار موقف مؤيد لخطواتها القادمة، أم لإقناع الرئيس هادي لتمرير تنازلات أكبر، أم لترتيب لما بعد هادي أو التوافق الجبري على إنهاء الشرعية؟.
وغرد عارف الشرجبي عبر “تويتر”: “من حق اليمنيين. أو بعضهم أن يتساءلون عن مصير عبد ربه منصور هادي وهل لازال على قيد الحياة… اليمن تشتعل بنار الحرب في كل منطقة وهو ينطبق عليه قول الشاعر .. لقد اسمعت إذا ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي”.
من حق اليمنيين. او بعضهم أن يتساءلون عن مصير عبد ربه منصور هادي
وهل لازال على قيد الحياة…اليمن تشتعل بنار الحرب في كل منطقة وهو ينطبق عليه قول الشاعر.
لقد اسمعت إذا ناديت حيا ..
ولكن لاحياة لمن تنادي— عارف الشرجبي (@akSJwmkJplBkzxj) June 26, 2020
وأكد الوزير المستقيل صالح الجبواني أن المملكة خسرت الحرب في بلاده لمصلحة إيران والإمارات.
وقال الجبواني عبر حسابه على “تويتر”: «عند تقييمنا لأداء القوى الإقليمية في حرب اليمن، نجد أن إيران والإمارات هما المستفيد، أما الخاسر فهي السعودية».
وتابع: «السعوديون كالمصاب بـ(المازوشية) التي تعني عند علماء النفس حصول المريض على المتعة عند تعذيبه جسدياً ونفسياً.. لا أدري أن ذلك جهلاً أم غباء».
وكانت مصادر تحدثت عن أن الحكومة اليمنية تتعرض لضغوطات كبيرة لتوقيع مسودة اتفاقيات بين الطرفين تحت إطار ما يسمّى بالبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والذي يرأسه السفير السعودي، والجلوس مع حلفاء الإمارات لمناقشة تنفيذ اتفاق الرياض بصيغته المعدّلة، والتي ترفضها الحكومة.
ولم يفلح التحالف (السعودية والإمارات) بتحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة في مارس/ آذار 2015م أبرزها: إعادة الحكومة الشرعية بعد الانقلاب الذي نفّذه الحوثيون في أيلول/سبتمبر 2014، بل إن التحالف لم يحافظ على تماسكه.
وبينما أحكمت الإمارات سيطرتها على موانئ اليمن، عبر دعم ميليشياتها المسلحة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، بهدف إضعاف اقتصاد البلد المنكوب مقابل تعزيز موانئ دبي وانعاشها اقتصاديا.
وعلى ذات الدرب، يعتزم آل سعود السيطرة على نفط الجمهورية اليمنية، التي صنفتها الأمم المتحدة دولة منكوبة.
وكشف الناشط اليمني جلال الصلاحي، النقاب عن فرض آل سعود على الحكومة الشرعية عقد حصري يمنحها حق استخراج النفط من مأرب والجوف لمدة 70 عام، بـ 15 مليار دولار فقط.
وأشار الصلاحي – في مقطع فيديو – إلى أن بلاده تمتلك 151 قطاع نفطي في شبوة ومأرب والجوف بينما تتحدث الحكومة الشرعية عن 81 قطاع نفطي فقط.
واستدرك: رغم ذلك لا تورد الشرعية أي عائد إلى الخزينة من القطاعات التي تعترف بها.
وأكد الناشط المقيم حاليا في أميركا إلى أن المملكة تضغط على الحكومة الشرعية من أجل استخراج النفط من مأرب والجوف بعقد حصري لمدة 70 سنة مقابل 15 مليار دولار في العام الواحد.
في المقابل، فإن اليمن مقسم قسمين بين مناطق تابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في الجنوب ومناطق تحت سيطرة جماعة الحوثي في الشمال.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقريرها، مؤخرا، إن الحرب في اليمن لا تظهر لها أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع دخوله عامها السادس، ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وتُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما قد يصل إلى جرائم حرب، في جميع أنحاء البلاد. وبنهاية 2019، تشير التقديرات – حسب المنظمة الدولية – إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية.
واشتدت أزمة إنسانية من صنع الإنسان مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.
ورأت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن المملكة تبحث عن مخرج مشرف للهروب من “المستنقع اليمني”، لكن الخريطة السياسية والعسكرية في البلد الممزق يجعل مهمتها مستحيلة.
وذكرت الصحيفة أن الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ويواصلون هجماتهم يتجاهلون شمال اليمن، فيما يتصاعد التوتر جنوبا حول العاصمة المؤقتة عدن، بعد إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا تقرير المصير أواخر أبريل الماضي.
وقالت “لوموند” إن هذه التوترات الجديدة داخل المعسكر المناهض للحوثيين تشكل عبئا إضافيا على الرياض التي يبدو أن جهودها الدبلوماسية على الساحة اليمنية محكوم عليها بالفشل.
وقال الباحث في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن ثانوس بيتوريس: إن “تصريح الجنوبيين هو قبل كل شيء رمزي، ويهدف إلى تذكير السعوديين بأنهم لا يستطيعون إدارة الجنوب دون مراعاة مصالح المجلس الانتقالي الجنوبي، وإجبار هادي على التنازلات”.
وأضاف بيتوريس: “تحقيقاً لهذه الغاية يكفي الجنوبيين دعما، عدم شعبية الحكومة الرسمية في عدن وما حولها، والدعم الشعبي الذي يتمتعون به هناك، خاصة أن إعلانهم جاء بعد فيضانات غزيرة تُرك فيها سكان المدينة الجنوبية لحالهم، مما أثار إحباط من يرون أنفسهم في الجنوب مهملين ومهمشين ومسيطرا عليهم منذ توحيد البلاد”.
وحسب الصحيفة، يتمتع المجلس الانتقالي بميزة أخرى تتمثل في أن قواته تتلقى منذ العام 2015 دعما لا يتزعزع من الإمارات التي انسحبت رسميا من الأراضي اليمنية، ولكن بعد أن رفعت القدرات العسكرية للجنوبيين وجهزتهم ودربتهم، مما سمح لهم بالسيطرة على المحافظات الجنوبية الغربية، حيث يمارسون نفوذهم في المؤسسات المدنية، رغم أن الموظفين فيها لا يزالون يتلقون رواتب من حكومة هادي.