بعد مرور عام على جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية سلطات آل سعود إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين (معتقلي الرأي)، الذين تبنى “خاشقجي” قضيتهم.
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، “سارة ليا ويتسون”، إنه على حكومة آل سعود أيضا تعويض المتضررين جراء جريمتها، والاعتذار من عائلة “جمال” وأصدقائه وشركائه الذين تعرضوا لصدمة كبيرة بسبب هذا الهجوم على صحفي، ومن الحكومتين الأمريكية والتركية عن قتل مواطن أمريكي على الأراضي التركية.
وشددت على أنه يجب أن تقدم تعويضا إلى الذين تضرروا، ليس على شكل مكافآت سرية مقابل الصمت العائلي، ولكن اعترافا بالخطأ.
كما اعتبرت أنه على حكومة آل سعود أن تثبت لمواطنيها والمجتمع الدولي أنها لن تستمر في قمع حرية التعبير، مثل “لجين الهذلول” و”سلمان العودة” على سبيل المثال لا الحصر، حيث إن سجلها منذ مقتل “جمال” يشير إلى أنها تواصل معاقبة الأصوات الناقدة.
ورأت أنه على المملكة لإقناع أي شخص بخلاف ذلك، هناك حاجة إلى مجموعة من الإصلاحات لضمان قدرة السعوديين على التعبير بحرية، بما فيه استبدال قوات الاستخبارات التي تستهدف المعارضين، ووضع قوانين تحفظ حقوقهم، وقانون عقوبات يوضح عناصر الجرائم الحقيقية، وقضاء مستقل، لكن قبل كل شيء، على السلطات السعودية أن تفرج عن الذين يقبعون الآن في السجن.
وذكرت “سارة” أنها قبل عام من اليوم، تحدثت هاتفيا مع “خديجة جنكيز”، التي عرفت عن نفسها بصوت مرتجف، كخطيبة صديقي “جمال خاشقجي”، كانت تقف خارج القنصلية السعودية في إسطنبول، وتشعر بقلق بالغ لعدم خروجه منذ دخوله قبل ساعتين.
وأضافت أنها طلبت منها بإلحاح ألا تغادر حتى تصل الشرطة التركية، وبسرعة تحركت لإبلاغ أي شخص اعتقدت أنه يمكن أن يساعد.
وأضافت: “كان أسوأ ما أخشاه هو أن المسؤولين السعوديين سيحاولون خطف جمال وإعادته إلى السعودية، فقد أخبرني من قبل أنهم يحاولون ترغيبه وترهيبه كي يعود من منفاه الاختياري”.
وروت أنها عندما حثت “جمال” أول مرة على مغادرة السعودية في يناير/كانون الثاني 2017، بعد فترة وجيزة من منع الحكومة إياه من الكتابة والتغريد، كان قلقها هو أن ولي العهد الجديد “محمد بن سلمان” سيسجنه أو يمنعه من السفر.
في البداية، قاوم “جمال” بالاعتماد على تطمينات من الأميرين “الوليد بن طلال” و”تركي الفيصل”، وهما من كبار أفراد العائلة المالكة اللذين كانا صديقين مقربين منه على مدى عقود، بأن الجميع سيكونون على ما يرام و”ستهدأ الأمور”، كما أن احتمال ترك أحفاده وراءه كان يزعجه.
لكنه بحلول صيف 2017، قرر “جمال” أنه سيغادر، إذ لم يعد يحتمل مع عدم قدرته على احتمال الحبس الفكري، واقتناعا منه أن الخطوة التالية قد تكون اعتقاله.
في الواقع، بعد وقت قصير من وصوله إلى الولايات المتحدة، تصاعدت الاعتقالات بشكل كبير، وزُجّ عدد كبير من الكتاب والعلماء والصحفيين خلف القضبان.
بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، سُجن الأمير “الوليد بن طلال” في فندق “ريتز كارلتون” الفخم بالرياض إلى جانب أفراد من العائلة المالكة ومسؤولين حكوميين، وكبار رجال الأعمال، وشخصيات إعلامية.
كما صُودر الجزء الأكبر من أصول الأمير، إلى جانب أصول عديد منهم، فيما أصبح يُعرف بأنه إحدى أكبر عمليات الابتزاز في التاريخ الحديث، إذ تزعم الدولة أنها “استعادت” 107 مليارات دولار بلا تدخل أي قضاة أو محامين.
لكن “سارة” اعتبرت أنه “لم تكن هناك صدمة أكبر من مقتل جمال خاشقجي بعد عام في قنصلية إسطنبول، ليس فقط لبشاعتها، بل لفشل العملية الذريع؛ من وصول القتلة السعوديين الذين كان من السهل رصده، إلى الطبيب الشرعي الذي كان يحمل منشارا لقطع العظم وشبيه جمال الذي استخدم لاستبداله، وصولا إلى الخلل الغامض في كاميرات مراقبة القنصلية والإجازة المفاجئة لموظفي القنصلية”.
وتابعت: “في نهاية المطاف، بعد نشر الحكومة التركية المعلومات قطرةً قطرة، وكشف أكاذيب الرياض يوما بعد يوم، اضطرت الرياض للاعتراف بأن موظفي حكومة آل سعود قتلوا جمال”.
وانتهت “سارة” بأنه “سواء أكنت تعتقد أن ولي العهد أمر بالقتل بشكل مباشر أم لا، فهو المسؤول بصفته رئيس الموظفين القتلة”.
وأكدت أنه “بموجب القانون الدولي، الحكومة السعودية ملزمة بثلاثة أشياء موضحة بالتفصيل في تقرير الأمم المتحدة للمقررة الخاص المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد: المساءلة، والتعويض، وضمان عدم تكرار الجريمة”.
ولفتت إلى أنه بالنسبة للجرائم الدولية مثل التعذيب، يمكن تحميل القادة حتى أعلى المستويات مسؤولية الانتهاكات التي يرتكبها مرؤوسوهم بموجب مبدأ مسؤولية القيادة.
وشددت على أن “المساءلة تعني إجراء تحقيق مستقل ونزيه وعلني يطال جميع المتورطين في جريمة القتل لكشف ما حدث بالضبط، وهو ما وعدت به حكومة آل سعود لكنها لم تحققه، يشمل ذلك إخبارنا أين أخفت جثة جمال حتى تتمكن أسرته من دفنه بكرامة”.