أبرز موقع National Interest الدولي ما يعانيه نظام الدفاع الجوي السعودي من فشل ذريع على الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات من المملكة.
وقال الموقع إن “هجمات الحوثيين المتكررة كشفت عن ضعف نظام الدفاع الجوي السعودي الذي كلّف الرياض مليارات الدولارات، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تفشل فيها صواريخ الباتريوت بصد الهجمات التي تتعرض لها المملكة”.
وأضاف أن “جميع أنواع الدفاعات الجوية التقليدية يمكن أن تكافح هجمات الطائرات بدون طيار الصغيرة، ومواجهة هذه المشكلة بالنسبة للسعودية لا تتمحور حول نشر معدات عسكرية غالية، بل تتمحور حول جمع المعلومات الاستخبارية لوقف أي هجوم قبل أن يبدأ”.
وجاء في تقرير الموقع: لا تزال الضربات الصاروخية التي ألحقت أضرارا بالغة بمنشأة نفط سعودية رئيسية في 14 سبتمبر/أيلول 2019 لغزا للجمهور إلى حد كبير.
أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الذين كانوا في حالة حرب مع تحالف سعودي إماراتي منذ عام 2015، مسؤوليتهم عن الهجمات المنسقة على منشأتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية، لكن من غير الواضح أن الحوثيين وحدهم يمتلكون القدرة على شن ضربات طويلة المدى وموجهة بدقة.
من المحتمل أن الهجمات شملت طائرات بدون طيار تحلق على ارتفاع بعيد وتطلق ذخائر صغيرة موجهة. تقع مواقع أرامكو على بعد حوالي 800 ميل من الحدود السعودية اليمنية.
وفي الماضي، زود “الحرس الثوري” الإيراني المتشدد الحوثيين بالأسلحة بما في ذلك الطائرات بدون طيار ومكونات الصواريخ الباليستية.
ولكن هناك شيء واحد واضح. وكشف الهجوم عن حدود نظام الدفاع الجوي السعودي الذي يبدو متطورا. وقد أنفقت الرياض في السنوات الأخيرة مليارات الدولارات لبناء ست كتائب من صواريخ باتريوت أرض جو الأمريكية الصنع والرادارات المرتبطة بها. الوطنيون لم يوقفوا الهجوم الأخير.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يفشل فيها العسكريون السعوديون. يبدو أن خمسة عسكريين على الأقل أخطأوا أو عطلوا أو فشلوا عندما حاولت القوات السعودية اعتراض وابل من الصواريخ التي استهدفت الرياض في 25 مارس/آذار 2018.
أطلقت قوات الحوثيين سبعة صواريخ على الأقل على السعودية في تلك الليلة. أطلق الجيش السعودي صواريخ باتريوت المتقدمة من طراز “القدرات-2” في محاولة لتدمير صواريخ الحوثيين في الجو. وادعى السعوديون أن سبعة من الوطنيين أصابوا أهدافهم.
وأفيد بأن رجلا توفي بعد أن أصابته شظايا معدنية. ومن غير الواضح ما إذا كانت الشظايا قد جاءت من باتريوت معطل، أو اعتراض ناجح، أو صواريخ حوثية تضرب الأرض.
لكن مقاطع فيديو الهواة التي ظهرت على الإنترنت في أعقاب المناوشات الصاروخية تشير إلى أن العديد من الوطنيين انفجروا في الجو أو انحرفوا عن مسارهم.
واستدعت الصواريخ الخاطئة ذكريات إخفاقات مماثلة تورط فيها صواريخ باتريوت التي تديرها الولايات المتحدة خلال حرب الخليج عام 1991 وغزو العراق عام 2003.
وقال ثيودور بوستول، عالم الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والناقد البارز للدفاعات الصاروخية الأميركية: “إنها ليست سوى سلسلة من الكوارث التي لا تنقطع مع نظام الأسلحة هذا.
ويبدو أن الرياض تدرك أنها بحاجة إلى دفاعات صاروخية أفضل. وكتب مارك شامبيون لوكالة بلومبرج أن “المملكة العربية السعودية تجري محادثات للحصول على نفس نظام الدفاع الجوي المتقدم S-400 الذي اشترته تركيا مؤخرا من روسيا”.
وتواجه السعودية “وضعاً خطيراً” بعد أن أوشك مخزونها من صواريخ باتريوت على النفاد، فطلبت من الولايات المتحدة وقطر ودول أوروبية تزويدها بالمزيد، فكيف تعمل منظومة الدفاع الجوي الأمريكية؟
وبحسب تقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، طلبت الحكومة السعودية من إدارة الرئيس جو بايدن تزويد الرياض “على وجه السرعة” بصواريخ باتريوت اعتراضية، كما توجهت السعودية بالطلب نفسه لقطر ولدول أوروبية أيضاً.
وتعتمد السعودية، بشكل أساسي، في دفاعاتها الجوية على منظومة الدفاع الصاروخي باتريوت، أمريكية الصنع، وتستخدمها الرياض في التصدي لهجمات الحوثيين، الذين يستخدمون الطائرات المسيرة والصواريخ في مهاجمة المملكة.
لكن يبدو أن تكثيف جماعة الحوثي هجماتها في الأشهر الأخيرة، قد أدى إلى قرب نفاد المخزون السعودي من ذخيرة الدفاع الجوي.
وتحدَّث مسؤولون حكوميون من الرياض وواشنطن لـ”وول ستريت جورنال” عن مدى “خطورة الموقف” الذي تتعرض له السعودية، في ظل الارتفاع الكبير بعدد الهجمات الصاروخية من جانب الحوثيين على المملكة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين.
وقال مسؤول حكومي سعودي للصحيفة الأمريكية، إن عدد الهجمات على المملكة قد زاد بشكل كبير، فقد ضربت الطائرات المسيرة أراضي السعودية 29 مرة في نوفمبر/تشرين الثاني، و25 مرة في أكتوبر/تشرين الأول، وتعرضت البلاد لـ11 هجوماً صاروخياً باليستياً في الشهر الماضي و10 في أكتوبر/تشرين الأول.
وقبل أيام ذكر تيموثي ليندركينغ المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، أن القوات التابعة لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) قد نفذت نحو 375 هجوماً جوياً على السعودية في عام 2021.
وقالت مصادر سعودية للصحيفة إن الجيش السعودي قد نجح في اعتراض معظم الهجمات بواسطة صواريخ باتريوت أرض-جو، إلا أن ترسانته من الصواريخ الاعتراضية قد تراجعت “بشكل خطير”.
وبحسب ما قاله المسؤولون الأمريكيون لـ”وول ستريت جورنال”، هناك إشارات على استعداد واشنطن للموافقة على الطلب السعودي.
والشهر الماضي، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع نظام الصواريخ جو-جو متوسطة المدى المتقدمة، بقيمة 650 مليون دولار، وتم إخطار الكونغرس بذلك، بعد أن طلبت الرياض شراء 280 صاروخاً و596 منصة إطلاق من هذا النوع؛ لصد هجمات الحوثيين.
وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن “الولايات المتحدة ملتزمة تماماً بدعم الدفاع الإقليمي للسعودية، وضمن ذلك ضد الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها مقاتلو الحوثي المدعومون من إيران في اليمن”.
وتابع: “نحن نعمل بشكل وثيق، مع السعوديين والدول الشريكة الأخرى؛ لضمان عدم وجود فجوة في الحماية”.
لكن خطورة الموقف تصيب المسؤولين السعوديين بقلق شديد، لأنه بدون مخزون كافٍ من الذخيرة الصاروخية الخاصة بنظام باتريوت، يمكن أن تؤدي هجمات الحوثيين المستمرة إلى خسائر في الأرواح أو أضرار كبيرة بالبنية التحتية النفطية للسعودية.
وفي يناير/كانون الأول الماضي، هاجمت المسيَّرات الحوثية مباني تابعة للديوان الملكي السعودي، لكن لم تقع خسائر في الأرواح.
خطورة الموقف جعلت الرياض تستعجل الولايات المتحدة، وتطلب من دول أخرى، سواء في الخليج مثل قطر، أو حلفاء أوروبيين، إرسال الصواريخ المطلوبة بشدة على وجه السرعة، بحسب الصحيفة.
وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد في المنظومة الدفاعية الأمريكية باتريوت مليون دولار، بحسب وول ستريت جورنال، بينما لا تزيد تكلفة الصاروخ أو المسيَّرة التي يطلقها الحوثيون على 10 آلاف دولار فقط.
وهذه هي المرة الأولى التي تنتشر فيها أنباء عن تقدُّم السعودية بطلبات لشراء ذخيرة لنظام باتريوت، أي صواريخ اعتراضية. وبحسب تقرير وول ستريت، تريد الرياض شراء مئات من تلك الصواريخ، التي تصنّعها شركة ريثيون الأمريكية، ولكن حتى لو قدمت قطر، التي طلبت منها السعودية بالفعل تلك الصواريخ، فلابد من الحصول على موافقة الخارجية الأمريكية.
وتظل التكلفة العالية لتلك الصواريخ مشكلة في حد ذاتها، لكنها مشكلة على المدى الطويل، أما المشكلة الآنية فهي توفير الصواريخ قبل أن ينفد المخزون السعودي منها تماماً.
وليس معروفاً على وجه الدقة كم كان لدى السعودية من الصواريخ الاعتراضية التي يستخدمها نظام باتريوت، ولا المقصود بقرب نفاد المخزون.
لكن على أية حال، وجود أقل من عدة آلاف من الصواريخ الاعتراضية في المخزون بالنسبة لدولة تتعرض لهجمات مستمرة، كما هو الحال بالنسبة للسعودية، يمثل خطراً حقيقياً، بحسب الخبراء.
وقال مسؤول سعودي للصحيفة الأمريكية: “الهجمات بالطائرات المسيَّرة من جانب الميليشيات الإرهابية تعتبر خطراً أمنياً عالمياً جديداً نسبياً، ولاتزال وسائل التصدي لتلك الهجمات في طور التشكُّل”.
حديث المسؤول السعودي يقصد منه أمرين: الأول يتعلق بالتكلفة العالية للتصدي لتلك الهجمات، فطائرة مسيَّرة محملة بالمتفجرات ولا تزيد تكلفتها على 10 آلاف دولار، تحتاج لإطلاق صاروخ اعتراضي واحد على الأقل من بطارية باتريوت للدفاع الجوي، وتكلفة الصاروخ مليون دولار.