أبرز مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث توظّيف نظام آل سعود موسم الحج الذي انتهى قبل أيام في الدعاية السياسية لصالحه والترويج لنجاح فارغ المضمون تم تحقيقه.
ومع انتهاء موسم الحج لهذا العام، قامت الوسائل الإعلامية التابعة للملكة العربية السعودية بكليتها، تتبعها جميع الحسابات الوهمية وغير الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، بنقل أخبار “النجاح الباهر” الذي أحرزته المملكة في تنظيم موسم الحج لهذه السنة.
وانطلقت حملات التبريك والتهنئة للملك سلمان ونجله، على حسن متابعتهم لخدمة الحجيج، وبدأ التفاخر بأوسع نطاق، بأن حصيلة الإصابات بفيروس كورونا بين الحجيج، وصلت إلى صفر إصابة، على حد زعمهم.
والناظر لهذه الحملة من التبريكات والزهو بنجاح موسم الحج لهذه السنة، يعتقد أننا أمام موسم حجٍ مليوني لا يختلف عن المواسم السابقة التي تقدر اعداد المشاركين فيها بالملايين، ولا يظن أن ما يتحدثون عنه ما هو إلا في إطار الدعاية لموسم حجٍ لم تصل أعداد المشاركين فيه لهذه السنة سوى عشرة ألاف حاج فقط، وقد تم حجرهم صحيًا قبل دخولهم لمناسك الحج الفعلية، وسيتم حجرهم بعد انتهاء الموسم ايضًا للتثبت من عدم اصابتهم بالفيروس.
النظام السعودي يستغل موسم الحج سياسيًا
الغريب بالأمر، أن الدعاية السعودية ركزت في معرض بيانها لنجاح موسم الحج لهذه السنة، على الهجوم السياسي على بعض الدول التي لها خصومة سياسية معها، فجاءت التقارير المنشورة في الصحف السعودية وكذلك الإماراتية، بشن حملة على تركيا ورئيسها أردوغان الذي لم يصرح بشيء يشين المملكة فيما يتعلق بموسم الحج، إلا انه قال أن الكعبة “تشعر بالحزن” بسبب أداء عدد محدود للحج هذا العام، وهو شعور كل مسلم حين يرى مناسك الحج وقد خلت من الاعداد الغفيرة التي تغص بهم كل سنة.
فيما فسرت تلك الوسائل الإعلامية كلام الرئيس التركي، على انها مهاجمة منه للنظام السعودي لأنه حدد أعداد الحجاج لهذه السنة. بل وانها هاجمت ما اسمته بـ(محور الشهر) ويقصدون به تركيا وقطر. وذهبوا إلى أبعد من ذلك، وربطوا موسم الحج بالأحداث في ليبيا وكيف أن تركيا تدخلت في هذا البلد، في طريقة اقل ما يقال عنها انه اعلام رخيص وغير مهني بتاتًا، هذا ما قامت به صحيفة إماراتية في معرض تغطيتها لموسم الحج هذه السنة.
نفس الشيء قامت به الوسائل الإعلامية السعودية، حينما شنت هجمة على إيران واعتبرتها الدولة التي تريد أن استغلال موسم الحج سياسيًا، فقد قالت صحيفة الشرق الأوسط السعودية في عددها المنشور في 4 أغسطس/ أب، إن “النجاحات العريضة لإدارة موسم الحج، كانت الرد السعودي العملي على كل التخرصات حول ملف تسيس الحج والمواسم الدينية الذي بات من الملفات الموسمية التي يعاد تدويرها في المسلسل الرخيص لاستهداف المملكة، ومحاولة الانتقاص من صدارتها في قيادة العالم الإسلامي”، وأضافت الصحيفة، “هذا المسلسل كانت تديره طهران سابقاً من بوابة الطائفية. وحين فشلت، دخل نظام أردوغان على الخط، مدفوعاً من نظام الدوحة، لمحاولة اللعب بالأدوات ذاتها، من خلال محاولة تسيس المواسم الدينية، وبشكل أكثر شراسة، لاختطاف قيادة العالم السني الذي تتربع عليه المملكة منذ تأسيسها”
عدم إصابة العدد القليل من الحجاج أصبحت مناسبة للدعاية
اغتنمت السلطات السعودية موضوع عدم إصابة العشرة ألاف حاج المشاركين في الموسم لهذا العام، في الدعاية لقدرات المملكة في تنظيم “الحشود”! وردًا على من يشككون بقدراتها، بالرغم أن هذا العدد المشارك في الموسم الحالي، لا يبلغ سوى ما نسبته 0.4% من أعداد الحجاج للعام الماضي البالغين مليونين ونصف المليون حاج.
وسوَّق الاعلام السعودي هذا “النجاح” المزعوم، بأنه أثبات على نموذج التعايش مع الفيروس، وهي إشارة إلى أن السلطات السعودية، عازمة على اطلاق جميع الفعاليات رغم انتشار الفيروس بالمملكة.
لكن الأصوات العالية من الاعلام السعودي الذي يؤكد بكل قوة على أن لا إصابة بين العدد القليل من الحجيج لهذا العام، لم يستطيع إخفاء خبر إصابة صحفيان سعوديان يعملان في صحيفة “المدينة” و”مكة” بفيروس كورونا المستجد، في مكة المكرمة.
جاء ذلك بعد أيام من إعلان وزارة الصحة السعودية انتهاء موسم الحج دون تسجيل أي إصابات بين الحجاج. واضطرت صحيفة “عكاظ” السعودية للإعلان عن تلك الإصابة، لكنها لم تذكر ما إذا كان هذين الصحفيين قد شاركا في التغطية لموسم الحج الحالي، أم لا؟ علمًا أن السلطات السعودية كانت قد منعت أي صحفي غير سعودي من تغطية الموسم الحالي للحج.
ويبرر الإعلاميون السعوديون، الملاحظات التي يقوم بتأشيرها بعض المراقبين للشأن السعودي وإدارة السلطات السعودية لموسم الحج، بأنها محاولة لتشويه صورة المملكة، وإنها نابعة من اجندة مغرضة وأحقاد دفينة للمملكة! هذا ما جاء على لسان د. تركي العيار أستاذ الاعلام في جامعة الملك سعود، وهي تبريرات سفيهة لا تنم عن ذكاء صاحبها.
ما هي الإجراءات التي حالت دون إصابة الحجيج بفيروس كورونا؟
ومن الجدير بالذكر، أن الإعلام السعودي، برر عدم إصابة الحجاج، كان بسبب ملابس “الإحرام الخاصة” التي وزعت على الحجيج لغرض ارتداها أثناء تأدية مناسك الحج، لأنها تساعد على قتل “البكتيريا”!.
ولا يعرف ما هو الرابط بين قتل البكتيريا وبين فيروس كورونا الذي من الصعب جدًا التعامل معه ومع كل الفيروسات كما يتم التعامل مع البكتريا، لان الفرق بينهما كبير، مما يدلل على أن القائمين بالدعاية للنظام السعودي، يفتقرون لأبسط المعلومات الطبية، وليس له دراية بالفارق الكبير ما بين الفيروسات وما بين البكتريا.
وعزا الاعلام السعودي بأن تقنية ملابس الاحرام التي أبتكرها “المسؤولون بالمملكة” كانت بتقنية “النانو” وتعمل على تعزيز الإجراءات الاحترازية لمنع الإصابة بفيروس كورونا، وتمنع تلك الملابس، تكاثر البكتيريا لضمان سلامة ضيوف الرحمن.
كما ذكرت السلطات السعودية عن استخدامها لتقنية “تك الأوزون” لتعقيم الحرم المكي والكعبة المشرفة للقضاء على جميع الفيروسات والميكروبات الطائرة جوا أو المتواجدة على الأسطح، لكنها لم تلقي الضوء على طبيعة هذه التقنية التي لو كانت متوفرة، كان الأولى بجميع الدول استخدامها لتعقيم المرافق العامة التي يرتادها الناس بشكل مكثف. لا سيما وأن الاعلام السعودي ذكر أن هذه التقنية، صديقة للبيئة ولا تترك أي مواد كيميائية ضارة.
وأوضح الاعلام السعودي، بأن السلطات السعودية قامت بإلزام كل حاج بارتداء “أساور إلكترونية” لمتابعتهم تحركاتهم.
ومن هذا يتبين لمن يراقب الاعلام السعودي، بأن السلطات السعودية هي من تستغل مناسك الحج في الدعاية السياسية للنظام، وتحاول أن تلمعه بعد أن فقد الكثير من سمعته بسبب تصرفات محمد بن سلمان البعيدة عن المفاهيم الإسلامية، في الوقت الذي كان ينظر العالم الإسلامي للملكة سابقًا، على إنها البلد القدوة في خدمة الإسلام والمسلمين.