انتقدت منظمة حقوقية خليجية مخطط ولي العهد محمد بن سلمان، لتهجير أهالي قبيلة الحويطات، لصالح إقامة مشروع “نيوم” على البحر الأحمر شمال غربي المملكة، مشيرة إلى أن هذا المخطط “انتهاك للقوانين الدولية”.
وقالت منظمة “الخليج للحقوق”، في تقرير تحت عنوان “أحلام الأمير.. كوابيس الرعية”، إن “ما يتعرض له أبناء قبيلة الحويطات هو انتهاك صريح للقوانين الدولية، حيث يُعتبر ما يتعرضون له تهجيرا قسريا، وفقاً للقانون الدولي”.
والتهجير القسري – حسب القانون الدولي – هو “ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها”.
ويكون التهجير القسري إما مباشرا أي ترحيل السكان من مناطقهم السكنية بالقوة، أو غير مباشر، عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد.
وأقر جهاز أمن الدولة في السعودية، في مارس/ آذار المنصرم بتصفية “عبدالرحيم الحويطي” أحد أبناء قبيلة الحويطات، إثر رفضه تسليم منزله للسلطات في إطار مخطط لتهجير السكان من أجل إقامة مشروع “نيوم”.
وتمكن “الحويطي” قبل قتله، من توثيق تواجد قوات الأمن السعودية حول منزله، قائلاً إنّ أي مواطن لا يسلم بيته لهم تأتيه قوات المباحث والطوارئ للتصرف معه بالقوة.
وأثار مقتل الحويطي موجة استنكار واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول آلاف النشطاء العرب هاشتاغ من قبيل #استشهادعبدالرحيمالحويطي # و#عبد الرحيم _ الحويطي و#الحويطات_ ضد ترحيل_ نيوم.
وأوضحت منظمة “الخليج للحقوق” في تقريرها، أن “المواد 2، و7، و8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تقول إن التهجير القسري جريمة حرب، حيث نصت على أن إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية”.
كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، وفق المنظمة.
ودعت المنظمة الخليجية، المجتمع الدولي للتدخل والضغط على السلطات السعودية لاحترام القوانين والمعاهدات التي صادقت عليها مسبقاً والالتزام بما جاء بها.
وحثت الشركات والمستثمرين المشاركين في مشروع “نيوم” على التوقف عن التعاون مع إدارة المشروع حتى تضمن السلطات السعودية تعويض المتضررين من قبيلة الحويطات وغيرهم مادياً وقانونياً، ومحاسبة المسؤولين عن مقتل المواطن “عبدالرحيم الحويطي” وإحالتهم إلى محاكمات حيادية وشفافة.
وتعارض قبيلة الحويطات السعودية على مشروع مدينة “نيوم” الضخم الذي يشكل جزءا من الرؤية الاقتصادية (2030) لولي العهد، الأمر الذى يشكل عقبات متتالية أمام المشروع في خضم أزمة انخفاض أسعار النفط، وتداعيات فيروس كورونا.
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن عددا من أفراد قبيلة الحويطات رفضوا عروض التعويضات التي قدمتها لهم السلطات السعودية مقابل ترك منازلهم والرحيل لمكان آخر.
وسبق أن قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن السعودية وولي عهدها يبني مدينة المستقبل “نيوم” على دماء أبناء قبيلة “الحويطات”.
جاء ذلك في تقرير للصحيفة تحت عنوان “إنها بنيت على دمنا.. الثمن الحقيقي للمدينة السعودية العملاقة التي تتكلف 500 مليار دولار”.
وبحسب الصحيفة، يواجه الآن حوالي 200 ألف من أبناء القبيلة الطرد من أراضيهم وبدون تفاصيل عن المكان الذين سينقلون إليه ويعيشون فيه مستقبلا.
ونقلت “الجارديان” عن الناشطة وابنة القبيلة التي تعيش في لندن، “علياء أبوتايه الحويطي” قولها: “بالنسبة لقبيلة الحويطات فإن نيوم تبنى على دمنا وعظامنا، إنها بالتأكيد ليست من أجل الناس الذين يعيشون هنا، فهي للسياح ومن يملكون المال، ولكن ليس للسكان الأصليين الذين يعيشون هنا”.
وقال مركز “صوفان” الاستشاري للشؤون الأمنية إن “انخفاض أسعار النفط بشكل قياسي وزيادة الضغوطات الديموغرافية تشكل تحديات كبرى أمام خطط الأمير محمد المستقبلية”.
ورأى المركز أن “الحكومة ستكون لديها أموال أقل لتوزيعها لإرضاء المواطنين السعوديين. وسيؤدي تآكل العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين إلى مشاكل كبرى خاصة في مجتمع قبلي”.
وكان خبراء ألمانيون، توقعوا في مقالتهما بصحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية، انهيار “رؤية 2030” الذى يسعى ولى العهد تطبيقها في المملكة بسبب فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.