التزم نظام آل سعود الصمت الكامل إزاء الحديث المتواتر عن فتح قناة تفاوض مباشرة مع جماعة الحوثيين في واحدة من أهم نقاط التحول في العلاقة بين جماعة الحوثيين والمملكة.
وأوردت تقارير إعلامية متطابقة عن بدء نظام آل سعود الحديث مباشرة مع جماعة الحوثيين، إذ ذكرت مصادر أن نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان يتحدث بشكل مباشر مع رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط.
وقال مصدر سياسي يمني إن اتصالا مباشرا جرى بين الطرفين بعد أيام من بدء التهدئة التي أعلنها الحوثيون من طرف واحد أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، والتي كان أعلنها المشاط في مبادرة مثّلت اتجاها فعليا في طريق إنهاء الحرب.
ووفق المصدر فإن خالد بن سلمان عرض على المشاط تشكيل لجنة من الطرفين لخفض التصعيد، وصولا إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار بين الأطراف على الحدود السعودية اليمنية.
وقال مصدر رفيع في جماعة الحوثي إن مبادرة آل سعود إيجابية ولكنها بحاجة إلى مفاوضات واتفاق ومتطلبات أخرى، مشيرا إلى أن العملية العسكرية التي كشف الحوثيون عن تنفيذها على الحدود في الأشهر أو الأسابيع الأخيرة كانت هي الضاغط الفاعل في تهيئة الموقف السعودي.
وعاد المصدر إلى التشكيك في رواية الاتصال المباشر، لكنه أشار إلى ما قال إنه عرض سعودي بطلب إجراء اتصال مباشر، قائلا “حتى لو عرضوا الاتصال هل نصدقهم؟! قد يكون غرضهم من ذلك هو الرصد والاستهداف، فنحن ما زلنا في حالة حرب”. وأضاف “الأصل ننتظر، حتى يثبتوا (السعوديون) توجههم نحو السلام أولا”.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن التهدئة المفترضة، لا تزال أطراف في جماعة الحوثيين تدفع نحو الذهاب إلى تصعيد حدة العداء مع السعوديين.
لكن رياح التغيير الحاصلة تجري بما لا تشتيه آمال جناح الصقور في جماعة الحوثيين، فالحرب اليمنية شهدت تغييرات كبيرة على مستويات عدة وفق ما يراه مراقبون.
ويقول رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية فارع المسلمي إن الاتصال المباشر بين السعوديين والحوثيين هو دليل واحد من متغيرات كثيرة على خفض مستوى النزاع الحاصل بين الحوثيين والسعوديين.
ويضيف المسلمي أن الحرب في اليمن ستبقى على وضعها، وستتغير فقط على الحدود السعودية اليمنية.
ويرى أن المعارك التي جرت في عدن وقصف شركة أرامكو الشهر الماضي جعلا السعودية تعيد قراءتها للوضع، ولا يهمها في الوقت ذاته أن يكون قرارها إقرارا بالهزيمة من عدمه، فما حدث هو أكبر بكثير مما كانت تتوقعه.
ووفق المسلمي فإن المناطق الحدودية الملتهبة بالمعارك قد تشهد تهدئة لأعوام، لكن الأمر لن يتغير في الداخل اليمني، في إشارة إلى أن الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي مستبعدة تماما من هذه الاتفاقية.
ومطلع الشهر الجاري كشفت تسريبات لمصادر دبلوماسية اتجاه نظام آل سعود للخضوع أمام جماعة الحوثيين من بوابة القبول باتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن.
وعرض الحوثيون قبل نحو شهر التوقف عن شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة إذا فعل تحالف آل سعود الشيء نفسه كخطوة نحو ما وصفه زعيم الحوثيين “بالمصالحة الوطنية الشاملة”.
ولم يقبل نظام آل سعود عرض الحوثيين أو ترفضه. لكن الرياض رحبت هذا الأسبوع بالخطوة وقالت ثلاثة مصادر دبلوماسية ومصدران مطلعان آخران لوكالة رويترز العالمية إن المملكة تدرس بجدية شكلا من أشكال وقف إطلاق النار في محاولة لوقف تصعيد الصراع.
ودفعت حرب اليمن المستمرة منذ أربعة أعوام ونصف العام واحدة من أفقر الدول العربية بالفعل إلى شفا المجاعة. وتصف الأمم المتحدة الحرب بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
كانت جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المعقدة شاقة إذ شكلت الضربات عبر الحدود من الجانبين شكوى أساسية للحوثيين والمملكة.
وتضغط أطراف دولية بينها حلفاء لنظام آل سعود الغربيون، بمن فيهم الذين يقدمون أسلحة ومعلومات مخابراتية للتحالف، من أجل إنهاء الحرب التي قتلت عشرات الآلاف.
وقال مصدران إن الضربات الجوية لتحالف آل سعود على مناطق الحوثيين تراجعت بشكل كبير وإن هناك ما يدعو للتفاؤل بشأن التوصل لحل قريبا.